منذ قرار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة رفع حالة الطوارئ التي خضع لها الجزائريون منذ أزيد من 19 سنة منذ إقرارها في 9 فبراير 1992 ترتقب الأوساط المتتبعة للشأن الأمني في البلاد ومعها الجهات الحقوقية القانون الخاص بمكافحة الإرهاب الذي كان بوتفليقة قد أوعز بالتعجيل في صياغته بما يسمح بمواصلة جهود مكافحة الإرهاب بعد إنهاء العمل بحالة الطوارئ . ورغم مصادقة البرلمان الجزائري بغرفتيه قبل أقل من أسبوعين على رفع حالة الطوارئ وتأكيد وزير الداخلية الجزائري للصحافة أن ثمة لجنة تتشكل من خبراء قانونيين ودستوريين وممثلين عن الداخلية والدفاع يعكفون حاليا على صياغة قانون خاص بمكافحة الإرهاب تتعالى أصوات تستنكر اللجوء إلى قانون جديد للإرهاب بدعوى أن ثمة حاليا مواد في قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية تتصل بجرائم الإرهاب تم صبّها في هذين القانونين بعد إنهاء العمل بقانون مكافحة الإرهاب الذي تم إقراراه في 30 سبتمبر 1992 على خلفية الضجة التي أثارتها بعض إجراءاته بالأخص ما تعلق بإحداث المحاكم والمجالس الخاصة . ويحيل الناشط الحقوقي الكبير بوجمعة غشير رئيس الرابطة الجزائرية لحماية حقوق الإنسان ، في اتصال هاتفي أجرته معه " الرياض " أمس الاول إلى عدد من المواد التي يتضمنها قانون العقوبات الساري المفعول والتي تتصل بجرائم الإرهاب منها ما يسمّى بالقسم الرابع مكرر الذي تم إقراره في 25 فبراير 1995 بمقتضى الأمر 95/11 الذي يقّر صبّ بنود قانون مكافحة الإرهاب الذي تم إلغاؤه بعد إقرار حالة الطوارئ ضمن قانون العقوبات ابتداء من المادة 87 مكرر إلى 87 مكرر 10 ، وكذا المادة 125 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية التي طالها التعديل قبل أسبوعين فقط والتي تتحدث عن وضع المتهمين في قضايا ذات الصلة بالإرهاب في إقامات مؤمّنة أو محميات مدة 3 أشهر قابلة للتجديد مرتين وهي إقامات وضعت تحت إشراف قاضي التحقيق يمنع على المحامين وذوي المتهمين تحديد مكان تواجدها . ويحيل بوجمعة غشير إلى المادة 51 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية المتعلقة بالتوقيف للنظر الذي لا يجب أن يتعدى دستوريا مدة 48 ساعة لكنه بالنسبة لمكافحة الإرهاب يمكنه أن يمتد إلى 12 يوما كاملا . وتثير مسألة الإقامات المؤمنة التي تقرّها المادة 125 مكرر من قانون العقوبات بالنسبة للمتورطين في قضايا الإرهاب بالأخص قيادات التنظيمات المسلحة مثلما هو الحال لمؤسس الجماعة السلفية حسان حطّاب الموجود حاليا في محمية يجهل مكان تواجدها منذ استسلامه رمضان 2007 ، تثير الكثير من استفهامات الدوائر الإعلامية والحقوقية التي تطرح التساؤلات : هل تبقى هذه الإقامات تحت تصرف قاضي التحقيق فقط أم أن مصالح الأمن الجزائرية على اختلاف أسلاكها تستطيع التعاطي مع نزلائها من قيادات التنظيمات المسلحة بهدف الحصول على معلومات وما تأثير هذا التعاطي على المحاكمة العادلة لهؤلاء ؟ هل سيودع نزلاء هذه الإقامات السجن في حال أثبثت التحقيقات التهم الموجهة إليهم بعد المحاكمة أم أنهم يعودون إليها بدعوة استفادة مصالح الأمن الجزائرية من المعلومات التي يدلون بها وسهولة التعاطي معهم من خلال هذه الإقامات أفضل من السجن . ويشير الناشط الحقوقي بوجمعة غشير أن الإقامات المحمية ليست إقامات جبرية التي عادة ما يوضع تحت طائلتها الأشخاص بقرار إداري وسياسي دون تهم جنائية أو جنحية محددة وإنما هي عبارة عن حجز قضائي وليس إداري يتم بقرار قضائي والأشخاص الموضوعين فيها تنسب إليهم تهما تتصل بالإرهاب . وكان وزير العدل الجزائري طيب بلعيز فاجأ الصحافة قبل أزيد من أسبوع على هامش جلسة مصادقة البرلمان الجزائري على قانون رفع حال الطوارئ عندما قال ان الزعيم الوطني السابق للجماعة السلفية للدعوة والقتال الذي سلّم نفسه لمصالح الأمن الجزائرية قد يصير حرا طليقا في حالة لم يثبت قاضي التحقيق التهم الموجهة إليه رغم ارتباط الرجل بمآسي عشرية الدم والنار التي شهدتها الجزائر مطلع التسعينيات . وذكر الوزير أن حطاب الذي سلّم نفسه للأمن الجزائري في رمضان 2007 يعيش في محمية أمنية يتوفر على محام وله حق الطعن في حكم المحكمة . وكانت أرقام رسمية صادرة عن خلية متابعة تطبيق تدابير المصالحة الوطنية أوردت أن ما يقدر ب 81 أميرا وقياديا في الجماعة السلفية سلّموا أنفسهم للأمن الجزائري لكن دون أن تكشف عن أماكن تواجد هؤلاء إن كانوا في السجون أم في إقامات مؤمنّة .