.قرأت ما جاء في كتاب يتحدث عن حياة وأعمال المفكر الكندي «مارشال ماكلوهان»، - أستاذ الأدب والنقد الإنجليزي في جامعات أميركا وكندا -، والذي طرح تصوره مع مطلع عقد الستينيات (قبل أربعين سنة) بأن العالم في طريقه بفضل ثورة الاتصال إلى أن يصبح قرية كونية صغيرة أو قرية الكترونية بشكل من الأشكال. وهذا ما حدث فعلاً، ليصبح العالم الإلكتروني هو حياة الناس، ويتحول مع الوقت إلى مكان خصب للتجارة بشتى أنواعها، ومع الأحداث السياسية أو الرياضية والاقتصادية المتسارعة وشغف المجتمعات إلى تتبع الأخبار، أصبحت المواقع الأنشط هي المواقع التي تحتوي على أخبار سواء المواقع الإخبارية أو المنتديات أو مواقع التواصل الاجتماعي ويأتي ضمنها وسائل أخرى مثل البلاك بيري والفيس تايم وحتى الرسائل النصية SMS ، وللأسف فإن حرص أغلبية المواقع على جذب اكبر عدد من الزوار جعلها تركز على "الفضيحة" أو "التهريج" وربما ترويج الإشاعات. سمعت عدداً من الوقائع التي تؤكد بأن الإنترنت استطاع أن يحول الإشاعة إلى "حقيقة"، فبعد ظهورها وتداولها بين الناس يتم تصديقها، حتى ولو خرج صاحب الشأن ونفى صحتها، وبالتأكيد أن ذلك يسبب أزمات نفسية لدى البعض وربما قد يقودهم للانتحار في حال كان ضعيف الإيمان بالله، وهو أمر مؤسف ومحزن كون الهدف من نشر "الإشاعة" هو جذب زوار للموقع والثمن باهظ بعد أن يؤذي أو ينهي حياة بشرية، كما أن " لغة التهريج " هي الأخرى لها نصيب كبير من المروجين لها كونها جاذبة للزوار، فكلما كان مشرفو المواقع الإلكترونية "خفيفي دم" زاد عدد الزوار وزاد الدخل الإعلاني لديهم وتحولوا إلى أثرياء، وربما لو كان أحدهم لديه مشكلة في "النطق" أو وجه "مضحك" أو "سمين" ولو صاحب ذلك "نقص في العقل" لزاد إقبال الزوار والمتابعين له وأصبح علماً يتحدث عنه القاصي والداني ويتتبعون جديدة، فقد أصبح صاحب "التهريج" لديه شعبية أكثر من العالم أو المثقف، فهي موهبة تدر الأموال بطريقة غير مباشرة، سواء من خلال مواقع الفيديو على الإنترنت أو المنتديات، وجانب من آخر من "قطاع التهريج" هو "الزلة" فلو زل أحد المشاهير من الساسة والاقتصاديين أو الفنانين أو الرياضيين بأي خطأ أو كلمة أو حدث له موقف محرج، فقد وقع بين أنياب "العيارين" الذين لن يرحموه فستسمع الأغاني المركبة على الموقف وربما أفلام الكرتون أو الفيديو الكليب والصور المفبركة وغيرها من أساليب "العيارين" التي أصبحت مدعومة بالتقنية، ويبدوا أن نجاح مهنة "العياره" زاد من أعداد المزاولين لها على مستوى العالم. رأيت عدداً من المقاطع على الإنترنت من بطولة المهرج الشهير "القذافي"، والذي يستحق لقب "المهرج الأول على مستوى العالم" ويبدوا أن أفضل إصدار له والذي حقق انتشاراً ورواجاً واسعاً هو " سنطاردهم شارع شارع وبيت بيت ودار دار وزنقة زنقة " والتي تم تركيب الكثير من القصائد و الأغاني والفيديو كليبات عليها، كما لا ننسى الحذاء الذي قذفه صحفي عراقي بوجه بوش الابن والذي تم بعده إنتاج أغاني وأناشيد و ألعاب إلكترونية ، خلاصة الحديث لا تستغرب بأن يأتي يوم من الأيام وأن يظهر شخص كنت تتسلى بالضحك عليه من عيب عقلي أو خلقي فيه وتجده بمصاف رجال الأعمال فالتهريج أصبح مربحا، بوجود المتابعين.