نحن شعب تؤثر فينا المسميات إلى حد كبير؛ لذلك كان ما يسمى "المسيار" زواجاً فاشلا إذا فهمه الناس بالطريقة التي تصف المسمى.. من يستطيع تجاهل الاعتراف بأن كثيراً من الزيجات القائمة منذ سنوات طويلة هي في صورتها الاجتماعية الظاهرة حياة زوجية طبيعية متكاملة في حين لو نظرنا إلى داخل وعمق تلك الحياة لوجدناها تنتمي في حقيقتها ودون أدنى شك إلى ما يسمى بزواج المسيار وينطبق عليها ما ينطبق على تلك النوعية من الزيجات. بعض الرجال علاقتهم بمنازلهم علاقة الزيت بالماء ؛ يعلن وجوده وقد تجتمع المادتان مع بعضهما في إناء واحد ولكنهما لا تمتزجان .. ذلك الرجل لا يعرف شيئاً عن هموم أسرته أو أفراحها ؛ مجرد تواجد ؛ مجرد حضور. الحل ليس في تحريم أو منع زواج المسيار وغيره لأننا لا نستطيع إنكار أنه يناسب بعض النساء أو الرجال (الظروف تحكم) لا يهم المسمى ، عقود الزواج حسب ما يتفق عليه أصحاب الشأن وأعني الزوج والزوجة .. ما يهم في الموضوع من وجهة نظري هو توعية المرأة بحقوقها ؛ لأنها عندما تعرف مالها وما عليها فلن تكون هناك فرصة لدى ضعاف الضمائر والنفوس للنيل منها نفسياً أو ماديا أو حتى جسدياً.. ليس في منع زواج المسيار كما ينادي بعض الناس هو الحل من وجهة نظري ؛ لأنه زواج يختلف في أهدافه ومميزاته وعيوبه على حسب اختلاف أحوال وأوضاع الرجل والمرأة ولو مُنع سوف تُفتح أبواب للفساد نحن في غنى عنها ؛ لاسيما وأن المسيار في صورته الشرعية سليم صحيح على ذمة علمائنا . أتدرون ما الذي يدهشني في زواج المسيار ؟ حين أتخيل نفسية المرأة التي لاشك أن هذا النوع من الزواج يعتبر بالنسبة لها أملاً في محاولة بناء حياة جديدة غالباً ما تكون ليست الأولى ثم لا يفتأ ذاك الأمل أن يغيب .. تشتكي القلوب في هذا النوع من الارتباط الهجرَ والجحود ، وقد شاهدتُ على أرض الواقع نماذج محزنة. من الممكن بل من اللازم توعية المرأة حول حقوقها الشرعية والمدنية ونحن نضمن بذلك حماية كرامتها وحقوقها المادية من الانتهاك .. ولكن عواطفها من يحميها من الاستغلال ..؟ من يضمن لها ألاّ تحب وتتعلق مشاعرياً بذلك العابر ؟ من يحفظ لها حق اللجوء الوجداني ؟ هل من نظام أو قانون يعيد إليها قلبها المحطم وسنوات الانتظار المهدرة على قارعة الزمن ؟ يبدو أن المسيار ليس وحده المتهم بأوجاع القلوب وإنما كل العلاقات العاطفية على إطلاقها لذلك نحتاج كثيراً إلى مراكز علاجية تعمل على الوقاية قبل العلاج . كيف تكون الوقاية ؟ بتعزيز الذات وحبها بالطريقة السليمة ؛ أقصد دون الوصول إلى النرجسية أو الأنانية ومعرفة أن الحزن وذرف الدموع على من لا يستحقها خطأ فادح بحق النفس، وأن من يستحق ذلك الحزن أو تلك الدموع لن يدع لنا فرصة ذرفها..