لا شك أن مناقشة مجلس الشورى لملف أزمة إسكان المواطنين تعتبر خطوة جريئة في تذليل الصعاب أمامه، فلا أحد ينكر أن أزمة الإسكان عالمية تعاني منها جميع دول العالم وخاصة الدول النامية، لذا فمن المفترض الإسراع بدراسة المقترحات التي خرج بها مجلس الشورى بجدية أكثر من قبل المعنيين، وبحث الإجراءات التمويلية لتوفير السكن المناسب لكل مواطن حيث إنه في مقال سابق لي طالبت باستقطاب الشركات العالمية العملاقة، والمطورين العقاريين من خارج المملكة وتشجيع المستثمرين المحليين لدعم الاستثمار العقاري، وحث المصارف والبنوك وشركات التمويل العقاري المحلية لاستحداث أدوات تمويل إسلامية جديدة، وإصدار الصكوك الإسلامية لتمويل المساكن المناسبة للمواطنين. فقد أصبحت أزمة السكن في المملكة مشكلة جوهرية طالت الطبقة الوسطى فضلا عن المواطن البسيط وذلك بسبب شح قنوات التمويل، فلا صندوق التنمية العقاري يستطيع تغطية ذلك، ولا القطاع الخاص قدم الحلول المعقولة، ولا البنوك المحلية ساهمت في حل هذه الأزمة، إذ إن صندوق التنمية العقاري لا يغطي طلبات المواطنين المتزايدة على بناء المساكن المناسبة لهم إلا بنسبة محدودة، حيث إن قيمة القرض المقدم من الصندوق العقاري هو (300 ألف) ريال الذي لا يفي بالغرض، بل حتى الزيادة التي اقترحها مجلس الشورى وهي (500 ألف) ريال أصبحت أقل من متطلبات بناء سكن مناسب للمواطن، ولعلنا سنلمس انفراجا قريبا في تقليص فترة الانتظار بعد المكرمة الملكية من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله في زيادة ميزانية الصندوق العقاري وهيئة الإسكان. إن البنوك المحلية معنية بإعادة النظر في أعمالها ودعم المسؤولية الاجتماعية، وتقديم القروض للمواطنين من أجل التخفيف من معاناتهم في جميع أنحاء الوطن، فيفترض من البنك المركزي أن يحث البنوك المحلية على تفعيل المسؤولية الاجتماعية بدعم الإسكان ومنح قروض سكنية طويلة الأجل لجميع المواطنين بشروط ميسرة وأتعاب إدارية مخفضة لتوفير السكن المناسب لكل مواطن، وعلى الحكومة أن تنظر للسكن باعتباره وظيفة من وظائف الدولة التي لها الأولوية في بناء المساكن لتلبية حاجات المواطنين بأسعار وشروط سهلة التسديد. ويتوقع المراقبون أن الرهن العقاري من الأنظمة المهمة التي ينتظرها المواطن والمجتمع من سنوات طويلة، ويأمل الجميع ألا يطول الانتظار لهذا النظام خاصة أن هذا الأمر يتطلع له الكثير من المواطنين ذوي الدخول المتوسطة والمحدودة، حيث يعتبر المراقبون أن إقرار نظام الرهن العقاري خطوة مهمة نحو إصلاح القطاع العقاري لما فيه من مصلحة للوطن والمواطن. أخيرا لقد آن الأوان إلى إنشاء بنك الإسكان بمساهمة من الدولة والبنوك المحلية، بحيث يتم تحويل صندوق التنمية العقارية وهيئة الإسكان إلى بنك إسكان يقدم القروض العقارية بمختلف أنواعها عبر قنوات التمويل المشجعة والمضمونة والمقبولة من جميع البنوك، وينبغي على البنوك المحلية إعادة النظر في أعمالها ودعم المسؤولية الاجتماعية، وتقديم القروض الميسرة للمواطنين من أجل التخفيف من معاناتهم في جميع أنحاء الوطن، حيث قدمت حكومة بلادنا الرشيدة للبنوك الكثير من وسائل الدعم والتشجيع والمساندة المادية، إلاّ أن تلك البنوك ما زال واجبها تجاه الوطن وأبنائه في تملك المواطن للمسكن محدوداً. * مستشار مالي عضو جمعية الاقتصاد السعودية [email protected]