أي عمل يراد له النجاح لابد من وضع الأساس أولا وتطويره بصورة صحيحة، والمعلم ما لم يكن مؤهلا لن يكون النجاح حليف طلابه، وكذلك المحاضر في الجامعة، ويلاحظ خلال السنوات العشر الأخيرة التراجع المخيف في مستوى التحكيم السعودي ولجوء الاتحاد السعودي والاندية الى الاستعانة بالحكم الاجنبي، وحتى خليل جلال الذي يراه البعض "العين المفتحة" وصاحب الخبرة العريضة في التحكيم السعودي لا يختلف عن بقية الاسماء التي ترتكب الأخطاء الكارثية وآخرها أول من امس في لقاء الهلال والاهلي الذي أداره بشخصية مهزوزة، وقرارات تطغى عليها المجاملة، وضعف اتخاذ العقاب تجاه الكثير من الحالات على الرغم من وصفه ب"الحكم المونديالي"، وربما يعود سبب تراجع التحكيم الى أسباب عديدة من أبرزها ضعف المقيّمين للحكام وتاريخهم الملئ بالإخفاقات ورفعهم لشعار المجاملات، بل إن بعضهم أبعد عن التحكيم قبل ان يبلغ الشارة الدولية وإدارة المباريات المهمة. والبعض الآخر تقلد الشارة في الليل وخلعها او خلعت عن صدره في الصباح، ومع هذا نراه يراقب ويقيم حكاما يفترض أن لا يقيّمهم إلا خبراء أكفاء وحكام معتزلون مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة حتى يتقبلوا التوجيه ويستفيدوا من النقد والتحفيز على تطوير مستوياتهم والتقليل من الاخطاء. ولنضرب مثالا، إنه من الصعب جدا ان نأتي بلاعب معتزل لم يلعب الا مباريات معدودة وهامشية ثم نوكل إليه مهمة تدريب الفريق الاول والإشراف على لاعبين يرجى لهم مستقبل كبير، أيضا من الصعب جدا ان نرى حكما له مستقبل مثل فهد المرداسي وآخرين شبابا يتولى تقييمهم حكم اقتصرت إدارته للمباريات على مواجهات عادية أو دوري المنطقة، حتما لن يكون داخلهم حماس للاستفادة لإيمانهم بضعف من يقيمهم ويحاضر عليه، وتقييم الحكام المبتعدين أو المبعدين لأسياد الملاعب شبيه بقرارات اللجنة عندما تريد ان تعاقب حكما ارتكب خطأ في دوري الأضواء فإنها ترسله الى دوري الدرجة الاولى الذي تعتبر الكثير من مبارياته أشرس وأكثر إثارة من دوري الأضواء، وهنا تأتي النتائج السلبية مضاعفة ومكلفة جدا. أيضا من الصعب جدا ان يتولى ملف الارتقاء بالتحكيم أشخاص يحملون تاريخا غير جيد، وسمعة لا تحظى بالقبول لدى الإعلام والاندية والجماهير، بمعنى انهم لو لديهم قدرة على التطوير لما أخفقوا وأبعدوا، لذلك فليتم تطوير المقيمين أولا وشريطة ان لا يكونوا من الحكام الذين سبق ان تخذ ضدهم قرارات عقابية وصلت حد الإيقاف فترة طويلة او الاجبار على الرحيل من خلال الاعتزال، ومع الأسف ان هؤلاء يتكاثرون في أروقة التحكيم السعودي، وعلى هذا الاساس يستمر "في مكانك راوح" إن لم يتراجع ويحصد المزيد من الاخفاقات التي تضر بالاندية وتخفي الكثير من الملامح الجميلة للرياضة السعودية.