العبارة يقولها أهل نجد، وفي الحجاز يقولون : أخوي لبن. عرفتُ رجلا تيتم في سن الرضاعة ، ووجد نفسه ابناً في الرضاعة لنسوة كثيرات في بلدته . وتلك النسوة أرضعن ذكورا وإناثا آخرين كما جرت عليه عادة العطف وحب الخير قديما . وعندما أراد الشاب أن يتزوج وجد من وقع عليهن نظره أخوات له من الرضاعة . ووجد أن الزواج من أسر بعيدة عن بلدته هو الحل ، والأبعد عن الوقوع في الشك .. وحاول طالب سعودي يدرس في إنجلترا – أذكر – أن يشرح للعائلة التي يسكن معها ، وكانت لغته الإنجليزية في بداياتها فقال He drunk from my mother' s milk واستعصى على السامعين في أول الأمر معرفة القصد ، لكنهم فهموا ، لأن عندهم عبارة Milk Brother وتعنى أخاً من الرضاعة . لكن ليس في ديانتهم المسيحية نص يحوّل من يشتركون في الرضاعة إلى إخوة ، وبالتالي يمكن أن يتزوج اثنان رضعا من مصدر واحد، إنها ليسا أخوين . والكلمة مجرد تعبير لفظي لا صلة له بالزواج . وقرأنا عن حقائق طبية نادى مؤيدوها أنها من أسباب تحريم زواج الإخوة في الرضاعة في الإسلام ، مع أننا نُدرك أن كل ماجاء في القول التشريعي هو الحق. يقول الرسول صلّى الله عليه وسلم: (يحرم من الرَّضاعة ما يحرم من النسب) [متفق عليه] . هذا الحديث الكريم يبين أن الطفل الذي يرضع من امرأة غير أمه يصبح محرماً عليها، كذلك على بناتها اللواتي رضعن معه. أي كأنه ابنها وبناتها كأنهن أخواته. والسؤال: ما هو سبب هذا التحريم وما هي الأشياء الموجودة في حليب المرضعة والتي تدخل لجوف الرضيع ليصبح وكأنه ابن لها؟ وماذا يقول العلم الحديث بهذا الخصوص؟ عندما قام العلماء بتحليل حليب الأم لاحظوا وجود مواد لا توجد في الحليب العادي، وتختلف من امرأة لأخرى . عندما يتجرع الطفل هذه المواد يتكون لديه أجسام مناعية بعد عدة رضعات فقط. وهذا يعني أن الطفل الذي رضع من امرأة عدة رضعات فإنه يكتسب بعض الصفات الوراثية المناعية من هذه الأم لتصبح بمثابة أم له. هذه الصفات الوراثية التي اكتسبها الرضيع من المرأة تشبه تلك التي اكتسبها أولادها الحقيقيون منها ليصبحوا وكأنهم إخوة له. لذلك يحرم زواج الإخوة بالرضاعة لأنهم يملكون نفس الصفات الوراثية وهذا قد يؤدي إلى أمراض وراثية خطيرة لذلك نجد الإسلام قد حرم زواج الإخوة بالرضاعة قبل أربعة عشر قرناً، واليوم جاء العلم الحديث ليؤكد وجاهة تحريم الزواج بين الإخوان من الرضاعة..