أسعد كثيرا حين أجد تفاعلا من القراء الأعزاء ووجهات نظر مطروحة حول ما أكتبه بعيدا عما إذا كانت هذه الآراء مؤيدة أو معارضة ولكني أتعجب شريحة القراء التي لا تصل إلى الهدف الصحيح من الموضوع الذي أطرحه فتنأى تلك الفئة بتفكيرها بعيدا عنه. مقالي اليوم هو وليد مداخلات وتعليقات من هؤلاء القراء على موضوعي السابق (واجبات عضو هيئة التدريس) حيث رأى بعضهم أن عضو هيئة التدريس لا يقوم بجميع ما ذكرته من واجبات وأن الواقع مختلف عما ذكرته، إلا أن ما تضمنه مقالي هو الواجبات المطلوبة من عضو هيئة التدريس القيام بها لضمان جودة مخرجات الجامعة. ولكي نحرص على أن يقوم الأستاذ بجميع مهامه المطلوبة، فلا بد أن نلتفت إلى الميزان الذي نزن به قيامه بالواجبات الملقاة عليه، ألا وهو (استمارة تقويم عضو هيئة التدريس) حيث إنها الملخص الدقيق لجميع ما قام به من أعمال أو انجازات خلال العام، والمفترض أنها المعيار العادل لعمله حيث إنها من معايير الجودة الشاملة ونظم الاعتماد الأكاديمي. وبملخص سريع حول عملية تقويم عضو هيئة التدريس الحالية، فلعلنا نتفق أن معظمنا لم تتغير درجة تقويمه الوظيفي منذ عدة سنوات، كما نتفق أن السبب في ذلك هو انعدام فاعلية وأهمية عملية التقويم فليس هناك حوافز تميز المتميز أو تبعات لمن حصل على مستوى منخفض (جيد)، حيث تقتصر أهميته على الترقية العلمية التي يتقدم بها عضو هيئة التدريس، ورغم أهمية تقدير الأداء الوظيفي عند التقدم للترقية إلا أنه لا ينظر إلا لتقدير الأستاذ في العامين الجامعيين الذين يسبقان تاريخ التقدم للترقية. أيضا نتفق أن معظم رؤساء الأقسام التعليمية غير راضين عن النموذج الخاص بتقويم مرؤوسيهم حيث يعتمد كلية على رأيهم الذي يفتقد للدقة وللموضوعية أحيانا لانعدام الخبرة والمهارة، كما نتفق على أن افتقار عميلة تقويم عضو هيئة التدريس إلى عناصر مهمة مثل عنصر تقويم الطلاب لأستاذهم، تقلل من دقة التقويم وموضوعيته. لتفعيل دور هذه الاستمارة التي هي حصيلة مجهود سنوي لأهم ركن في العملية التعليمية الجامعية وهو الأستاذ أرى أن يتم تعميم تجربة بعض الجامعات بإيجاد نظام جوائز سنوية تشجيعية مادية ومعنوية للمتميزين منهم حيث إن هذا التشجيع يساعد الجامعة على تحقيق أهدافها في محاورها الرئيسية (التدريس والبحث العلمي و خدمة الجامعة والمجتمع)، كما يمكن توجيه شهادة شكر أو تقدير من مدير الجامعة حيث يتم هذا التكريم في حفل نهاية العام، أيضا لا بد من إعادة النظر في تحديد معايير تقويم أعضاء هيئة التدريس بدقة ووضوح وألا تترك بيد أشخاص محددين (رئيس القسم أو عميد الكلية)، و إنما يكون هناك دور للطالب فيها بحيث يكون التقويم مقياسا دقيقا لعمل وانجازات عضو هيئة التدريس. أيضا يمكن أن يكون هذا التميز مفتاحا لتفضيل بعض الأعضاء على بعض في بعض المزايا مثل حضور المؤتمرات والدورات الخارجية ورحلات العمل وغيره من الأنشطة التي يحرص جميع الأعضاء على حضورها، وفي المقابل، أرى أن يتم تأجيل انضمام أعضاء هيئة التدريس الذين لم يصلوا للمأمول منهم لتلك الندوات وورش العمل والحلقات والدورات التدريبية والمؤتمرات الخارجية حتى يكون ذلك دافعا لهم للتغيير من أنفسهم وتدارك أوجه القصور في أدائهم وعطائهم الأكاديمي وتحفيزا لهم لبذل المزيد. وختاما لعله من المنصف أن نشيد بأولئك الأعضاء الذين يبذلون أقصى ما لديهم من جهود مستشعرين بذلك عظم الأمانة التي حملوها لا يحركهم ولا يدفعهم لذلك الحرص على نيل درجة مرتفعة في تقويمهم الوظيفي.. * جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن