ناشد مدير مؤسسة العلم والسياسة في برلين، فولكر بيرتيس، الغرب بالحذر خلال دعم انتقال السلطة في مصر. وقال بيرتيس في تصريحات للقناة الثانية في التليفزيون الألماني (زد.دي.إف) امس: "ينبغي علينا أن نوضح أن الغرب لم يعد من يقرر من يحكم في مصر أو دول أخرى". وذكر بيرتيس أنه يمكن مقارنة الاضطرابات في مصر بالتحولات التي حدثت في شرق أوروبا، مشيرا إلى أن الأمور لم تسر جميعها حينذاك بشكل سلس ونظيف تماما. الى ذلك أعرب وزير التنمية الألماني دير نيبل عن اعتقاده بإمكانية امتداد الاحتجاجات التي تشهدها مصر حاليا للمنطقة بأكملها. وقال نيبل في مقابلة مع صحيفة "بيلد" الألمانية الصادرة امس: "من الممكن جدا أن تنتشر الاحتجاجات في شمال أفريقيا على نطاق واسع، لكني لا أعتقد أنها ستمدد على سبيل المثال إلى العراق، حيث يختلف الوضع، فهناك يوجد حكومة شرعية ديمقراطية". وعما إذا كان يرى أنه يتعين على الرئيس المصري حسني مبارك التنحي فورا استجابة لمطالب المتظاهرين، قال نيبل: "لا أتدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى، لكن التجربة تظهر أن في مثل هذه الأجواء لا يبقى لرئيس دولة وقت للبقاء في السلطة". ومن ناحية أخرى أكد نيبل أنه لا تساوره مخاوف من أن يتولى إسلاميون السلطة في مصر، وقال: "الغالبية الكبيرة للشعب في مصر ودول أخرى في المنطقة لديها رغبة كبيرة في الحرية والديمقراطية، وهذه الرغبة ستفرض إرادتها". وفي معرض رده على سؤال حول ما إذا كان ينبغي على ألمانيا تقديم المزيد من الأموال لدعم الديمقراطية في هذه الدول، قال نيبل: "فيما يتعلق بالسياسية التنموية فإننا نعطي مصر على سبيل المثال نحو 95 مليون يورو سنويا، الجزء الأكبر منها في صورة قروض". وأكد نيبل أن "أي حكومة ديمقراطية جديدة منتخبة يمكنها أن تأمل في الحصول على مساعدات من ألمانيا"، موضحا أن السياسة التنموية لبلاده لا يمكن أن تسير على نفس المنوال السابق في ظل هذه الرغبة العارمة للشعوب في الحرية. وذكر نيبل أن وزارته خصصت بالفعل صندوقا بقيمة 250 ألف يورو لدعم الساسة الديمقراطيين على وجه الخصوص، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هناك مجموعة من الخبراء في وزارته تبحث حاليا إمكانيات دعم الحكومة الألمانية للعالم العربي في هذا الطريق.وقال نيبل: "إننا أيضا في مباحثات حول هذا الأمر مع الشركاء الأوروبيين والبنك الدولي، وسنطرح المقترحات خلال الأسبوع المقبل". وفي سياق متصل طالب نيبل الأوساط الاقتصادية في بلاده بتعزيز استثماراتها في العالم العربي، وقال: "المنطقة تمثل أهمية بالنسبة لكثير من الشركات الألمانية، وإنني أطالب أوساطنا الاقتصادية بزيادة اهتمامها في تلك الدول، فهذا جيد بالنسبة للشركات ويمكنه أن يجلب أيضا الرخاء والاستقرار لتلك الدول". من جانبه اتهم حزب الخضر الألماني المعارض المستشارة أنجيلا ميركل باتباع "سياسة متأرجحة غير محتملة" تجاه الاضطرابات التي تشهدها مصر حاليا. وقال رئيس الكتلة البرلمانية للحزب، يورغن تريتين، في تصريحات لصحيفة "هانوفرشه ألجماينه تسايتونغ" الألمانية الصادرة امس: "يتعين في هذا الوضع الانتقالي أن يتم دعم الشعب المصري بشكل واضح... فعل أي شيء آخر سيفهمه ذو السلطة على أنه تشجيع على تجنب الموقف". وطالب تريتين حكومة بلاده بوقف المساعدات العسكرية إلى مصر الآن كخطوة أولية في تحديد السياسة الألمانية تجاه الأوضاع الراهنة في مصر. وفي تصريحات لصحيفة "برلينر تسايتونج" الألمانية الصادرة اليوم قال تريتين: "يتعين على الحكومة الألمانية أن تقول الآن بوضوح: إننا نريد انتقال سلمي /للسلطة في مصر/، لذلك فإننا نريد أن يتنحى /الرئيس/ مبارك". ومن ناحية أخرى رفض تريتين مقترحات بسفر مبارك إلى ألمانيا للخضوع لفحوص طبية طويلة الأمد، وهو الأمر الذي يكفل له نوعا من المنفى لفترة انتقالية. وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أوردت مطلع الأسبوع الجاري سيناريو محتملا حلا للأزمة يفيد بخروج مبارك /82 عاما/ من السلطة لتلقي رعاية طبية في ألمانيا. وقال تريتين ل"هانوفرشه ألجماينه تسايتونغ": "يتعين علينا مساعدة الشعب المصري خلال عملية الانتقال إلى الديمقراطية، لكن ليس تقديم مساعدة للهروب. ينبغي أن يكون ذلك آخر ما ينتظره منا المصريون". يذكر أن وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله رفض مساء الأحد التعليق على هذا الأمر، وقال في تصريحات للقناة الثانية في التليفزيون الألماني: "لن نشارك كأعضاء في الحكومة الألمانية في تكهنات حول قضية حساسة ومهمة مثل هذه". وفي المقابل أعرب رئيس لجنة الشئون الخارجية في البرلمان الألماني، روبرشت بولنتس، عن تأييده لاستقبال مبارك في ألمانيا. وقال بولنتس في تصريحات لصحيفة "نويه أوسنابروكر تسياتونغ" الصادرة امس: "لأسباب إنسانية سيكون من البديهي أن نمكن مبارك من تلقي علاج في أحد المستشفيات الألمانية حال الضرورة". وجاء في تقرير الصحيفة استنادا إلى مصادر في التحالف المسيحي، المنتمية إليه ميركل، أن الرئيس المصري بإمكانه أن يقضي فترة نقاهة في ألمانيا عقب خضوعه لفحوص طبية إذا رغب في ذلك. ومن ناحية أخرى قال بولنتس: "يتعين على المصريين أن يحددوا بأنفسهم المستقبل الذي يريدونه".