عندما نشتري بعض "الحاجيات" من الأسواق وبعد عودتنا إلى المنزل، نكتشف أن ما قمنا بشرائه لا يناسبنا، أو بكل بساطة لا نريده، لنضطر للذهاب إلى المجمع التجاري أو المحل، وكلنا أمل أن نسترجع نقودنا، أو على الأقل نستبدل بضاعتنا بأخرى، لتواجهنا عبارة: "البضاعة لا ترد و لا تستبدل"!. من هذا المنطلق نرى أنه من الضروري وضع آلية من قبل تلك الجهات، تضمن تطبيق قانون حماية المستهلك، من خلال التعاون مع جهات لها صلة بالمحلات، كالغرف التجارية على سبيل المثال، ولكن لابد أن نشير إلى ضرورة استثناء بعض البضائع من هذا الحق للمستهلك، منها مواد التجميل والملابس الداخلية، التي يؤدي استخدامها من قبل أكثر من شخص إلى إلحاق الضرر بالآخرين، وهنا لابد من توضيح نقطة مهمة وهي أن بعض الدخلاء على السوق لا يُفكرون إلا في تحقيق المكاسب المادية بأي طريقة، ضاربين بمصلحة الزبائن عرض الحائط!. في هذا التحقيق نستعرض بعض الأضرار التي تلحق بالمستهلك جراء عبارة: "البضاعة لا ترد ولا تستبدل"، وما هي حقوق المستهلك التي قد يكون غير واع بها مما شجع بعض التجار على استغلاله؟، ونستمع أيضاً إلى وجهة نظر التجار في تقليص حجم مدة الترجيع والتبديل أو حتى إنهاء صلاحيتها. رايح جاي يقول "حسن القحطاني": أغلب المعروضات تتناسب مع احتياجات النساء والفتيات، ولكن هناك شيء واحد يغيب عن تخطيط الأسواق والتعامل مع النساء، وبالتالي عدم راحتهن، وهو غياب أمكنة تجربة الملابس قبل شرائها، وهي حالة تسبب كثيراً في الإزعاج والمشاوير غير الضرورية، مضيفاً: "تدخل الفتاة أو المرأة المحل التجاري فتختار بعض القطع والتي تظن أنها من مقاس أو ألوان تناسبها، تشتريها وفي الإيصال تمنح بعض المحلات مدة معينة يتم بموجبها تبديل القطعة المشتراة، وتذهب المرأة إلى البيت لترتدي القطعة، لتكتشف أنها إما كبيرة أو صغيرة، لتحجز السائق إلى مشوار آخر كي تستبدل القطعة"، مشيراً إلى أن عدم وجود مكان لتجربة القياس يجبر المرأة على التخمين، وبالتالي قد يكون المقاس صحيحاً أو خاطئاً، ذاكراً أنه بعد المشوار الثاني تتضايق عندما تكتشف عدم ملاءمة القطعة للمرة الثانية، وتفكر كيف ستأخذ قطعة ثالثة إلى المنزل لتجربتها، مما يملؤها الضيق والإحباط، وهذه حالة لا يساعدها التكرار بل الملل من كل هذا التبذير الزمني، والمساهمة الفعالة في زحمة الشوارع وضياع فرصة استثمار الوقت لضروريات أو واجبات أكثر أهمية، مؤكداً على أن أحدث الصعوبات التجارية وجدها في فرع أحد المحلات الحديثة، والذي أصر بأنه لن يقبل تبديلاً -الاسترجاع ممنوع- لأي بضاعة في مدة تتجاوز الأربع والعشرين ساعة!. نحتاج إلى وجود أماكن خاصة لقياس الملابس لمنع تفاقم المشكلة بين البائع والمشتري أماكن مخصصة وتصف "مها الحارث" أصحاب هذه المحلات بقولها: إنهم "شاطرون" عند ملاحظة تعليمات المحل الشبابي المعروف، مضيفةً: "يعرفون أن أغلب الناس لن يتمكنوا من إعادة البضاعة في مدة زمنية قصيرة خاصةً الفتيات، وأنهن يستقلن أشياء لن يرتدنها، وستزدهر المحلات على حساب مصلحة الزبون بكل انتهازية"، متسائلةً: لماذا لا تكون هناك أماكن مخصصة لتجربة الملابس، تشرف عليها موظفات يتم اختيارهن لهذه المهمة كبقية المحلات النسائية؟. ..وهنا امرأة تشاهد البضاعة المعروضة في محل آخر تمديد الفترة وتوضح "سعاد العسيري" أن هناك من يمانع أن تجرب إحدى أفراد أسرته في المحلات التجارية، غير أن هذا الحل بالنسبة للأغلبية هو حل مريح ومثمر، فكم من فتاة أخذت معها خمس قطع لغرفة قياس الملابس في المحلات بالخارج، واشترتها جميعاً، وعند التأكد من ملاءمتها لها، ولكن عندما يتم عدم استرجاع البضاعة أو استبدالها فنحن نشعر بالغبن، وأننا ضيعنا أموالنا على أشياء لم نستفد منها، ناصحةً أصحاب هذه المحلات خاصة الراقية منها بتمديد فترة الاسترجاع والتبديل، خاصة أن أغلب المشترين قد لا يكونون من نفس المنطقة أو بعيدين عنها، أو لا تسنح لهم الظروف في الاسترجاع والتبديل في حدود الأربع وعشرين ساعة، مضيفةً: "ليت التسهيل المعقول يكون في صالح العائلات". إحراج كبير ويحدثنا "محمد العجيري" -مدير متجر للملابس الجاهزة وفساتين السهرة- بقوله: لجأنا إلى هذه الطريقة بسبب تحايل بعض الزبائن وخاصة السيدات، لذلك نحن نحدد الترجيع في خلال ثلاثة أيام، والتبديل خلال 24 ساعة؛ مضيفاً: "اتضح أكثر من مرة أن هناك ملابس تقوم بعض الزبونات بلبسها وإرجاعها للمحل في اليوم التالي، مما يسبب لنا إحراجاً كبيراً"، ذاكراً أنهم يعرضون ماركات عالمية نسائية ورجالية، وفي كلتا الحالتين يحدث أمر كهذا، إلا أن الحالة النسائية تكون أكثر بعذر عدم وجود أماكن للقياس في المحل، للتأكد من القياس المناسب للسيدة، راوياً قصة فتاة حاولت إعادة "بلوزة" نسائية فرنسية الصنع سعرها (685) ريالاً، بعد يومين من شرائها، وطلبت استرجاع المبلغ، وعند تفحص البلوزة اتضح أنها مستعملة لوجود بقع عطر على أطرافها، وتكسر في أكمامها، وعندما أخبرتها بأنها مستخدمة تذرعت بأنها قاستها فقط!. احتيالات نسائية وعبر "غازي علي" -مدير معرض ملابس- عن رفضه التام وامتعاضه من فكرة الترجيع والاستبدال خلال ال24 ساعة، بعد أن تعرض للكثير من الاحتيالات النسائية جعلته ينبذها ويعطي الزبونة مهلة ساعتين فقط للترجيع، مضيفاً: "تحصل هذه المشاكل يومياً ونتعرض فيها للإهانة والشتم من زبوناتنا، لكننا مضطرون حسب طبيعة عملنا بأن نحترم رأي الزبونة أمام الآخرين، وكذلك حفاظاً على اسم المحل، لكننا نرمي القطعة بعد ذلك ولا نستفيد منها"، وعن ما إذا كان هناك حلول قال "غازي": لا يوجد حل سوى تقليل مدة الترجيع، فقد كنا سابقاً نعطي عملاءنا السيدات فرصة شهر للتبديل، لكن الآن المدة تقلصت وأصبحت 3 أيام فقط، مشيراً إلى أن عدداً من الزبائن كثيراً ما يُرجعن القطع بشكل واضح، ليدفع أصحاب المتاجر إلى الاستغناء عنها بعد تفاقم المشاكل معهن، موضحاً بأن سياسة التعامل تكمن في "اللباقة"، حيث إنها طريقتهم الوحيدة للحفاظ على المهنية بين البائع والزبون، وتبقى هذه المسألة من دون حل، طالما أن هناك قوانين تسمح بإطالة مدة التبديل للملابس النسائية، وعليه فإن الخسائر التي تجنيها المحلات من الترجيع والاستبدال تتسبب غالباً في الوقوع بها وإفلاسها. إجراءات نظامية وأوضح مصدر مسؤول في وزارة التجارة والصناعة أن الوزارة وكل فروعها المنتشرة في مدن ومحافظات المملكة، تستقبل شكاوى المستهلكين في حالة رفض أصحاب المحلات إعادة البضاعة المعيبة أو المغشوشة أو المخالفة للمواصفات بعد الشراء، واتخاذ الإجراءات النظامية حيال ذلك، فعبارة "البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل" تُعتبر شرطاً لاغياً في حالة وجود مخالفة لم تكتشف إلا بعد الشراء، أما في حال كون البضاعة سليمة وغير مخالفة، فإن إعادتها أواسترجاع ثمنها يخضع للاتفاق بين البائع والمشتري، وأوضحت المصدر أن المنافسة في كسب ثقة المستهلك تدفع بعدد من المحال التجارية إلى تقديم خدمات إضافية للمستهلك بعد البيع، بما في ذلك حقه في إعادة البضاعة المشتراة واسترجاع ثمنها.