ليس لأمريكا في المنطقة حليف سوى إسرائيل. بقية شعوب المنطقة في أحسن الأحوال أصدقاء. لا تتدخل أمريكا لانقاذ اصدقائها. لاحظنا في كل الاضطرابات التي تلم بالمنطقة أن امريكا تلجأ إلى الغموض إلى أن تسفر الاحداث عن توجهها. الثورة التونسية وقبلها الثورة الإيرانية وما يحدث الآن في مصر, وحتى الأحداث الكبيرة التي ألمت بشعوب المنطقة كحركة الإخوان المسلمين في حماة السورية في الثمانينيات وانتفاضة جنوب العراق على صدام حسين في التسعينيات وغيرها من أحداث, نلاحظ أن أداء الولاياتالمتحدة ثابت على التصريحات الغامضة والانتظار. المبدأ الأمريكي لا يسعى إلى حسم الازمات بل إدارتها وتوجيهها والإبقاء على خميرتها. يخشى البعض أن يحدث في مصر مثلما حدث في إيران دون أن يسأل ما الذي حدث في إيران وأضر بالمصالح الأمريكية؟ بعيدا عن الشتائم التي تطلقها إيران ضد الولاياتالمتحدة والإدانات المتوالية بين البلدين ما الضرر الذي أصاب امريكا من وصول الملالي إلى الحكم في طهران؟ عملياً لا شيء. لا يعني هذا أن هناك تحالفا سريا بين الإيرانيين وبين الغرب بالعكس فالعداء قائم والاختلاف الايدلوجي على أشده. الصراع بين إيران وبين امريكا يقف عند حدود تحسين المواقف. إيران تريد أن تتقدم خطوة في التأثير على صناعة القرار في المنطقة، وأمريكا لا ترى فيها حتى الآن الحليف الموثوق. في المقابل يدرك الإيرانيون حجمهم. تدخلت امريكا في المنطقة مرات عديدة معظمها على الحدود الإيرانية وهددت سلامة إيران ومع ذلك لم يحدث أي تصادم بين البلدين. إيران في سعيها لتحسين المواقف تعرف حجمها بالضبط وتكتفي بالتقاط الفتات كما تفعل الضباع مع بقايا فرائس الأسود.. تتحدث امريكا عن حلفائها في المنطقة لكننا لم نسمع أن امريكا مدت يد العون لحليف . ابن علي كان حليفا لامريكا والشاه كان حليفا لامريكا والسنوسي كان حليفا لأمريكا.. الخ. إذاً ما معنى أن تكون حليفا لأمريكا؟! إسرائيل من الدول التي تعرف معنى أن تكون حليفا لأمريكا والغرب. شروط التحالف مع أمريكا ليست مجرد الاصطفاف مع امريكا وتسخير مقدرات الشعب لذلك. إذا قرأنا الحلف الامريكي - الإسرائيلي بشيء من الموضوعية سنرى أن المتحالف مع امريكا هي إسرائيل وليس الحكومة الإسرائيلية أو سيادة الرئيس الإسرائيلي. هذا ما تعيه أمريكا وغيرها من الدول الكبرى ويبدأ منه مفهوم التحالف. في الوقت نفسه لا يمكن أن يكون هناك تحالف بين ضعفاء. إسرائيل لا تعتمد على اي دولة في ما يتعلق بأمنها واستقرارها. يكسبها جيشها القدرة للتصدى لأي هجوم خارجي بما في ذلك الحلف الأطلسي نفسه. الثاني الأهم عدالة النظام السياسي الذي يمنحها الاستقرار والتماسك الداخلي. أمريكا لا تحمي أحدا من شعبه. ليس حباً في الشعب لكن الحكمة لا تسمح بالوقوف مع الزائل ( مهما طال أمده) ضد الدائم. أمريكا على استعداد لأنْ تتحالف مع من يريد أن يتحالف معها سواء لمصلحة شعبه أو على حساب شعبه, لكن من ينهار تتركه يتخبط في انهياره ففي الطابور عشرات من المتربصين ينتظرون شغور مكانه.