كنتُ في لجنة استقبال لسمو الأمير الجليل سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار وذلك في مدينة شقراء وذلك لإطلاع سموه على ما قام به بعض أعيان أهل شقراء من إعادة بناء سور شقراء وأبراجه ومداخل شقراء - باب الطلحة، باب العقدة، باب العطيفة، باب هداج، باب نقبة القرائن - وكذلك إعادة بناء وترميم بيوت أهاليهم من ذوي الوجاهة ورفعة المقام ومن ذلك بيوت آل الجميح والأمير حمد بن عيسى أمير ينبع وسعد البواردي والد الوجيهين محمد وعبدالرحمن تاجريْ الحديد والأسمنت وبيت والد المهندس محمد بن سعد البواردي، وبيت الشيخ عبدالله أبابطين مفتي الديار النجدية في الدور الثاني من أدوار حكم آل سعود وكذلك مدارس الكتاتيب للذكور والإناث وغير ذلك مما تحولت به شقراء القديمة إلى ميدان سياحي يقصده كل زائر لشقراء بل قد تشد إليه الأسفار من أهل شقراء المنتشرين في جميع مناطق المملكة.. وكنتُ مع سموه في كامل جولاته في شقراء القديمة وقد سر سموه بما شاهده من نشاط ملموس في إحياء تراث الآباء والأجداد واعتبر ما شاهده من إعادة شقراء القديمة إلى ما كانت عليه قبل مائة عام وأكثر اعتبر ذلك نشاطاً متميزاً في إحياء التراث، وأن شقراء بهذا النشاط تتأهل لأن تكون منطقة سياحية ومركزاً من أرخص مراكز الآثار وقد كان لدى سموه تفكير في إنشاء صندوق للآثار وحينما شاهد ما شاهده من إعادة شقراء القديمة إلى ما كانت عليه قبل مائة عام تحمس سموه لإعلان صندوقه وقد سمّاه سموه «صندوق ثمين» وكانت نواة حصيلته تبرع مجموعة من وجهاء وأعيان شقراء للصندوق بما يقارب اثني عشر مليوناً. وفي جولة سموه في شقراء القديمة ذكرت لسموه أنني كنت معارضاً إعادة شقراء القديمة إلى ما كانت عليه لكونها تهدمت وظننت استحالة إعادتها وناديت بمسح شقراء القديمة وإعادة تخطيطها. وقد بالغ في الاعتراض عليَّ مجموعة من اخواني وأبنائي من أهل شقراء وكان على رأسهم سعادة المهندس محمد بن سعد البواردي وكان احترامهم لي يمنعهم من أن يجابهوني بمعارضة شفهية ولكنهم عمدوا إلى البدء في إعادة تعمير وترميم شقراء القديمة لتكون النتيجة حجة المعارضة وكانت حجة ايجابية جعلتني أرجع عن المطالبة بمسح البلدة القديمة وصرف النظر عن إعادة إعمارها وترميمها إلى الوقوف معهم في جعل البلدة القديمة معلماً آثارياً يُذكّر بتاريخ شقراء وبما أهلها عليه من حياة مختلفة في التجارة والزراعة وأنواع المهن المختلفة. وقد سر سمو الأمير سلطان بهذا الاختلاف ثم الائتلاف وكان من سموه أن طلب من صحافتنا تسجيل هذا الرجوع مني وأن إعادة إعمار وترميم المدن القديمة يعطي توثيقاً لتاريخ هذه البلدان وارتباطاً بماضيها مع حاضرها ومستقبلها. وقد فهم بعض اخواننا ممن لهم اعتراض على الآثار المتعلقة بجوانب دينية كمسجد الشمس، وقبر آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم وغار حراء وغار ثور ومبنى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهموا من موقفي في الآثار أنني أؤيد إحياء هذه الآثار. ولا يخفى أن أول شرك في الأرض وقع من قوم نوح لما كان منهم غلّو في صالحيهم فأحيوا آثارهم ثم عبدوهم دون الله وهكذا تتابع الشر والضلال والابتداع. وعليه فأقول ان تأييدي العناية بالآثار واعتبارها وثائق تاريخية على صحة تاريخ أهلها مشروط ومقيد بألا يترتب على إحيائها ما يؤثرفي مسالك ايماننا وتعلقنا بربنا تعلقاً محصوراً به دون ما سواه. فإحياء التراث والآثار جائز ما لم يترتب عليه إثم. والإثم أن يعتقد فيها ما يعتقده المشركون في أصنامهم، أو يكون ذلك طريقاً إلى ذلك. وقد تحدثت مع سمو الأمير سلطان بن سلمان في هذا الموضوع فذكر أن إيماننا بالله وحده دون ما سواه يقتضي منا البعد عن كل ما يؤثر في ذلك. أحببت بهذا القول أن أصحح ما يظن بي أني أجيز إحياء الآثار مطلقاً فقيدت ذلك بما ذكرت والله من وراء القصد وكفى بالله حسيبا.