أوصت دراسة متخصصة صدرت أمس عن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بضرورة الإسراع بإطلاق الهيكل الأساسي لهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية، في خطوة من شأن إقرارها تسهيل تطوير السياسات المشجعة على نمو قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بما يمكن من التقييم السليم للقطاع من خلال الإصلاح التشريعي والمالي، والمساعدة في جمع البيانات حول القطاع. وأكدت الدراسة التي أعدتها إحدى الشركات العالمية وحصلت "الرياض" على نسخة منها أن من أبرز التحديات التي تواجه هذا القطاع هي عدم القدرة على الحصول على رأس المال، حيث أن وجود قاعدة واسعة من الدعم المادي بما يضمن الحقوق والوفاء بالديون يعد أمرا حاسما للشركات الصغيرة والمتوسطة، إلا أنه يواجه شحّا في رأسمال المشاريع وصناديق المستثمرين الممولة التي تدعم الشركات الصغيرة (عمرياً) في العديد من القطاعات، علما بأن 2% من مجمل إقراض البنوك يذهب إلى المنشآت الصغيرة والمتوسطة، مقارنة بما يزيد عن 14% في دول غير دول مجلس التعاون الخليجي. ومن خلال البيئة الاقتصادية الحالية، فإن الأعمال الصغيرة والمتوسطة وفقاً للدراسة تواجه تحديات عصيّة تحد من قدرتها على التنافسية والحفاظ على النمو المستدام، في حين أدى غياب برامج الدعم والخدمات والتمويل المستهدفة والمستمرة التي تفي باحتياجات الأعمال الصغيرة والمتوسطة عبر مراحل تطورها إلى مراحل عمرية قصيرة للأعمال الصغيرة والمتوسطة في المملكة، حيث يبلغ معدل عمر الأعمال الصغيرة والمتوسطة سبعة أعوام فقط. ورأت دراسة "كابيتاس جروب الدولية" أن هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة السعودية سوف تعمل بمثابة منظم لمصالح هذة المنشآت، وتعمل على تسهيل تطوير السياسات المشجعة على نمو قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بما يمكن من التقييم السليم للقطاع من خلال الإصلاح التشريعي والمالي، والمساعدة في جمع البيانات حول القطاع. وقالت الدراسة "لقد وافق مجلس الشورى مؤخراً على إنشاء هيئة المشاريع الصغيرة والمتوسطة في السعودية، وهذا تطور حاسم بالنسبة للمملكة، حيث لا يوجد لدى المملكة هيئة مركزية مسؤولة عن صياغة السياسات والتنسيق داخل هذا القطاع الحيوي، وسوف يكون إطلاق هذه الهيئة بمثابة الطريق الفعال لتعزيز مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد المحلي". وأكدت الدراسة أهمية قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في تنمية الاقتصاد الوطني، حيث يمثل 90% من إجمالي حجم الشركات السعودية، ودوره في توفير فرص عمل واسعة تساهم في تحسين الإنتاجية وتنويع الاقتصاد داخل قطاع العمل. وأضافت "مع ذلك تشير الإحصاءات إلى أن إسهام القطاع في الناتج الإجمالي المحلي يظل متدنياً في اقتصاد المملكة بشكل عام، وبالرغم من العدد الكبير لهذه المنشآت وبرامج الدعم على صعيد القطاعين العام والخاص، إلا أنها تساهم في قطاع التوظيف بنسبة 25%، وبنسبة 33% فقط من الناتج القومي المحلي، وهذا يضعها في تضاد واضح مع معظم الاقتصاديات المتقدمة". وبالمقابل ووفقاً للدراسة فإن هذا القطاع استطاع تحقيق مساهمة فعالة في دولة إسبانيا بنسبة 64.3%، وفي النمسا يسهم بنسبة 44%، وبالنظر إلى حجم الاقتصاد السعودي ونموه والتركيز على تنويع الاقتصاد، ينبغي، بالنسبة للدراسة، أن يسهم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة بما لا يقل عن 50% من الناتج القومي المحلي. وتابعت "لقد أدركت الحكومة السعودية والقطاع الخاص إمكانيات المنشآت الصغيرة والمتوسطة وحاجتها إلى قاعدة واسعة من الدعم بما في ذلك رأس المال (الحقوق والديون) وخدمات التدريب والدعم التجاري، إذ تسعى الخطة الاقتصادية التاسعة التي تم إعلانها مؤخراً إلى توسعة دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة عن طريق زيادة قدرة الصناديق المتخصصة والمؤسسات المالية على توفير القروض للأعمال الصغيرة والمتوسطة إلى جانب توفير نماذج مختلفة للمساعدة الفنية". وذكرت الدراسة أن المملكة تمتلك من بين دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، العدد الأكبر من برامج دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، مضيفةً "من أجل الاستفادة من الإمكانات الحقيقية لهذا القطاع، يجب وضع برنامج معتمد يهدف الى زيادة تدفق رؤوس الأموال إلى هذه المنشآت، والأسلوب الأكثر فعالية لدعم هذه المنشآت من خلال إطلاق هيئة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة". ووفقاً لدراسة كابيتاس جروب الدولية، فإن هيئة الأعمال الصغيرة والمتوسطة في السعودية يجب أن تمتلك صلاحيات إشرافية واضحة مع صلاحيات معينة في مجالات وضع التوجهات والسياسات وتخصيص الخدمات، وفي خضم التوجهات العامة فإن الهيئة يجب أن تكون بمثابة منظم مصالح المنشآت الصغيرة والمتوسطة عن طريق الدفاع عن مسائل التوجهات وتطوير الأطر التشريعية التي تخفض الحواجز أمام تطوير المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتتبنى بيئة تمكينية لنموها. واعتبرت الدراسة أن مهمة هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة السعودية التنظيمية يجب أن تبدأ بوضع تعريف وطني للأعمال الصغيرة والمتوسطة، حيث إن التعريف وحده يوفر نقطة انطلاق مشتركة يستطيع المساهمون والمهتمون بناء عليها تطوير برامج وخدمات للأعمال الصغيرة والمتوسطة. وإلى جانب مهامها المتعلقة بالتوجهات والسياسات، فإنه يجب بحسب الدراسة على هيئة الأعمال الصغيرة والمتوسطة في السعودية أن تعمل بصفة "مراقب حركة" لتنسيق الخدمات في المشهد ذو المساهمين المتعددين الخاص بالأعمال الصغيرة والمتوسطة، كما أن البرامج التي تطورها سترقى بالخدمات الحالية في القطاعين العام والخاص وتضعها في عروض تختص بالأعمال الصغيرة، ويحدث هذا على مسارات متعددة لاستحداث مجموعة كاملة من الخدمات للأعمال الصغيرة والمتوسطة في جميع مراحل دورة حياة الأعمال.