الاثنين الماضي قال البليونير دونالد ترامب الرئيس والمدير التنفيذي لمؤسسة ترامب لتطوير العقار في الولاياتالمتحدة، إن منتجات الصين وتثبيت الأوبك لأسعارها قضيتان تؤرقانه، فلو رشح نفسه للرئاسة الأمريكية في 2012، فانه سوف يعمل جاهدا لتفكيك منظمة الأوبك حتى لا تستمر في تثبيت أسعار نفطها. كما انه سوف يوقف تدفق المنتجات الصينية إلى الأسواق الأمريكية لأن أمريكا ليست بحاجة لها ولا لألعاب لأطفال التي تصنعها، فأمريكا قادرة على صناعتها محليا، وانه يتعين عليها فرض ضرائب كبيرة على المنتجات الصينية وكذلك على واردات الأوبك بدلا من أن تستمر الحكومة الأمريكية في الاقتراض منهما لتسديد ديونها. إن المضحك انه قال له أصدقاء في الأوبك وفي الصين يعيبون على غباء بلادنا أي على الولاياتالمتحدة وكأن منظمة الأوبك والصين لا يعرفان كيف يستفيدان مما لديهما من ميز نسبية وتنافسية لبيع منتجاتها عند الأسعار التي تدر عوائد مجزية لكلاهما. هل يدرك دونالد أن الأوبك وبقيادة السعودية التي تمتلك اكبر طاقة إنتاجية واحتياط نفطي في العالم دائما تسعى إلى موازنة العرض مع الطلب العالمي من اجل استقرار الأسعار عند مستويات تسمح لأعضائها بتحقيق عوائد على استثماراتهم في صناعة النفط وفي نفس الوقت لا تضر بالمستهلكين الذين منهم الولاياتالأمريكية؟ فلو كانت الأوبك تسعى إلى تثبيت الأسعار لخفضت إنتاجها خاصة في أوقات الأزمات وارتفاع الطلب العالمي مما يجعل الأسعار تتجاوز 100 دولار للبرميل في الوقت الحالي. وهل يعلم دونالد أن ارتفاع الأسعار إلى 147 دولارا في يوليو 2008 ليس بسبب العرض والطلب وإنما بسب المضاربة الشرسة في العقود الآجلة التي اختفت مع وقوع الأزمة المالية وتضرر الاقتصاد العالمي؟. وهل يدرك أن الولاياتالأمريكية استوردت من نفط الأوبك ما بين 1.68 و 2.18 مليار برميل سنويا خلال الفترة ما بين 2000 و2010 تبعا لمعدل نمو الاقتصادي الأمريكي، أي أن وارداتها من الأوبك وصلت إلى أعلى مستوى لها عند 47% من إجمالي وارداتها العالمية في 2001 ثم انخفضت مع الأزمة المالية إلى 41% في 2009 و2010؟. إن الحكومة الأمريكية تفرض حاليا 5.25 سنتات على برميل النفط الخفيف و10.25 سنتات على برميل النفط الثقيل، وما زيادة الضرائب إلا إضرار بالمستهلك الأمريكي وتقييد لحريته في التنقل من مكان إلى آخر وسوف ترفع من تكاليف مدخلات المصانع الأمريكية وقد يصبح المواطن الأمريكي بدون وقود تدفئة في أوقات البرد القارص. فهل تجاهل دونالد أحداث السبعينيات ووقوف الأمريكان في طوابير طويلة للحصول على البنزين؟، وهل تجاهل أن الولاياتالمتحدةالأمريكية عضو في منظمة التجارة العالمية التي تمنع الحماية التجارية وعدم المعاملة بالمثل؟. ألا يكفيه أن البنك الفدرالي الأمريكي خفض سعر الفائدة إلى ما بين 0 و0.25% وطبعت المزيد من النقود من اجل توفير السيولة ودعم الصادرات ومع ذلك مازالت الحكومة الأمريكية تواجه عجزا في ميزانها التجاري لصالح الصين، حيث حقق ميزانها التجاري عجزا قدره 226.749 مليار دولار في ال 10 شهور الأولى من 2010 مع الصين. إن ارتفاع نسب استيراد الولاياتالأمريكية من نفط الأوبك وبالتحديد من دول الخليج وكذلك ارتفاع وارداتها من الصين سوف تبقى لسنوات قادمة إن لم يكن هناك عقود، لما تتفوق به بعض أعضاء الأوبك بميز نسبية في إنتاجها ووفرة في احتياطياتها النفطية ما يمكنها من بيع نفطها بأسعار مقبولة لهم وللمستهلكين. أما الصين فإنها تتفوق بميزة نسبية كبيرة في تلك الصناعات ذات الكثافة العمالية مع وفرة العمالة الرخيصة لديها ما يمكنها من بيع منتجتها بأسعار تنافسية مع التحكم في سعر الصرف لصالحها، مما افقد قدرة المنتجات الأمريكية عل اعتراض طريقها. إن على دونالد أن يوضح الحقيقة للشعب الأمريكي أن انتعاش صادرات بلد ما يعود إلى توفر الميز النسبية والتنافسية لديها في الأسواق العالمية، فهل يوجد بديل للنفط بنفس التكاليف والكمية والكفاءة؟ إنها ليست مجرد ضحكة أو نزهة سياحية وإنما ذلك خاضع لحساب التكاليف والمنافع. * عضو جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية * عضو الجمعية المالية الأمريكية