وصف عدد من المثقفات والمثقفين، بأن الفعاليات الثقافية المصاحبة لمعرض الرياض الدولي للكتاب والمعلن عنها لدورة المعرض القادمة، جاءت صورة تكاد تكون مكرورة لما حملته من رتابة عرفها المشهد الثقافي منذ بدايات البرنامج، ولما تعكسه من ذائقة تعكس ذائقة المكلفين بإعداد هذا البرنامج، الذي كانوا يؤملون عليه الكثير في أن يعكس الصورة الثقافية التعددية والمتنوعة التي تحمل في فعالياتها المختلف المتجانس لا المختلف المتضاد، الذي يرقى إلى تمثيل المشهد الوطني بمختلف الفنون الثقافية والأجناس الأدبية، وما تحفل به الساحة المحلية من حضور على مستوى المبدع من جانب وعلى المستوى الإبداعي من جانب آخر، بدلا من أن تجسد ذائقة مقترحي ما أعلن عنه من فعاليات ثقافية.. الفوزان: ضعف التخطيط للأنشطة الثقافية يدلل عليه حضور فعالياتها الكاتب والشاعر الدكتور علي بن محمد الرباعي ، الذي وصف حديثه عن الفعاليات الثقافية المصاحبة لمعرض الكتاب في هذه الدورة بعد أن اطلع عليها وما تضمنته من برنامج، بأنه لم يستغرب ولم تثر دهشته مما وجده طبيعة الاختيار للموضوعات أو المتحدثين، واصفا هذا بالرتابة، ومشيرا إلى أن عدم الجدة أصبحت سمة لتلك الفعاليات منذ زمن ،وفي كل دورة وصولا إلى الفعاليات القادمة والمعلن عنها. اعتدال: على النشاط الثقافي أن يستوعب مشهدنا برؤية متسعة واعية وقال الرباعي: ربما لا يكسر جمود من هذا النوع سوى اصطدام أو تلاسن بعض الحاضرين مع الضيوف المتحدثين، وتأزم كل منهما وكأنها تصفية حسابات بين من هم على المنصة وخارجها ، و أعتقد أن توافق كافة الطيف الثقافي على نمط ونوعية محددة من البرنامج المنبرية أمر يصعب تحققه ، و لن يستطيع أحد من مسؤولي المعرض أن يحقق الرضا للجميع ، ولكن أجد من الصعوبة أيضا أن يستغل بعض المتحدثين موقعه ومحاضرته لإثارة الأطياف الأخرى و التهميش لمنجزاتها ليس من باب النقد والتقويم الموضوعي لأفكارها بل من أجل تحين الفرصة لإقصائها . وأكد الرباعي في حديثه على أن هذه الحالة ولّدت نوعا من التأزم من البرامج في كل عام تقريبا ، متمنيا أن يكون هذا العام بداية الوعي بأهمية التنمية الفكرية التي من أسسها الحوار بين المتخالفين وخلق أجواء من التعددية المقبولة في إطار احترام الثوابت الدينية المتفق عليها والركائز الوطنية التي ينتمي لها الجميع، ومضى الرباعي في سياق حديثه معززا وجود الحاجة إلى النقد البناء للأفكار الذي أصبح حاجة ملحّة وضرورية، عطفا على كون المجتمع السعودي في بداية عصر حاشد من المتغيرات، ولإقباله على انفتاح فكري وتعدديات قادمة من السماء، حتى لو أغلقت دونها بوابات الأرض .ومضى الرباعي في حديثه عن الفعاليات الثقافية المصاحبة قائلا: كنت أتمنى أن يكون هناك حوار بين الوزارة وجمهورها العريض حول لائحة النشر الالكتروني ، أو حول مفاهيم التعددية الثقافية في البرامج السعودية المرئية والمسموعة ، أو الموقف من الحريات الدينية والتقارير الدولية المتحاملة على المملكة ، أو حول قضايا المرأة وحقوقها المهضومة إلى غيرها من قضايا هي حديث المجالس والمنتديات. واختتم الرباعي حديثه متسائلا بقوله: متى ترى هذه الموضوعات النور والفضاء المفتوح الذي يلزم من يتحدث بممارسة الرقابة الذاتية على كلماته وآرائه احتراما للسامعين وتقديرا لأمانة الموقف الوصفي لحقيقة المعالجة المطلوبة لهذه القضايا المزمنة.. مؤملا أن يكون هذا الحراك والإقبال الذي تشهده الساحة الثقافية في المملكة، بأن يواكبه دراية ووعي للمؤسسات الرسمية بالتوافق والتكامل وتنمية هذا الحراك في صالح الوطن والمواطن. من جانب آخر، أشار القاص والإعلامي حسين علي حسين، فقد وصف البرنامج الثقافي المصاحب للمعرض في كل دورة وصولا إلى دورته المعلنة القادمة، لما تزل تغفل جوانب أدبية وثقافية غائبة عن برامج دورات المعرض، إضافة إلى غياب تكريم المبدعين في بعض الفنون الأدبية كالقصة والرواية، مشيرا إلى أنه لا يزال يفتقد البرنامج الثقافي إلى التركيز النوعي، الذي يحقق رؤية شمولية تنفذ من خلال هذه الفعاليات، التي كان أولى بها أن تعزز ثقافة التكريم في كل الفنون، ولأصحاب العطاء في مختلف الحقول الأدبية والثقافية والفكرية. د. الرباعي:برنامج يعاني الرتابة بعد أن غاب ما نؤمله من قضايا مستجدة وقال حسين: لا يزال البرنامج يغيب عن فن القصة وفن الرواية، ولا يزال يغيب عنه أسماء وكتاب مبدعون في فنونهم، كما لا تزال ثقافة الجائزة بمسمى جائزة تخص المعرض بوصفه مناسبة دولية غائبة – أيضا – ولي أن أدلل على هذا بما نجده من جوائز تكريمية وتشجيعية ك(جائزة كتاب العام) بنادي الرياض الأدبي الثقافي، وجائزة أدبي حائل وغيرها من الجوائز التي لا تزال تقدم بجهود ذاتية بعيدا عن مساهمة وزارة الثقافة والإعلام، التي لم تتبن حتى الآن عبر برامج المعرض ما يتناسب مع هذه المناسبة الوطنية الدولية، ومع المشهد المحلي وما يضمه من مبدعين.. مختتما حديثه بأن الأسماء التي عادة من نجدها في كل دورة من نشاط المعرض الثقافي، ما هي إلا صورة لذائقة مقترحي أسماء المشاركين في البرنامج الثقافي. وعن المأمول من البرامج الثقافية للمعرض، ودورها تجاه مبدعي ومبدعات الوطن في مختلف مجالات الإبداع، وعن مدى قدرة استثمار برامج المعرض لخلق تواصل ثقافي، بين الأجيال الأدبية في مشهدنا الوطني، عبر ما يمثله المشهد من حراك ثقافي مزدهر، قالت الكاتبة دينا الصاعدي: فور اختتام معرض الرياض الدولي للكتاب أعلنت وزارة الثقافة والإعلام نجاح فعالياته، والتي ترددت حينها وسائل الإعلام واستمعنا، وفيما قرأنا نجد آراء لبعض المشاركين في المعرض، أخذت طابعا إيجابيا تجاه حسن تنظيم المعرض وحسن إدارته المؤملة لهذا العام، والذي يتضح من خلال زيادة أعداد الحاضرين وتفاعلهم الملحوظ. ومضت الصاعدي قائلة: بما أن وزارة التعليم العالي قد أعلنت مؤخرًا أن المملكة ستشارك في اثنين وعشرين معرضًا دوليًا للكتاب خلال العام الجاري، فإنه حريّ بنا أن نطرح عددًا من النقاط التي من الضروري أن تلتفت إليها إدارة المعرض في نشاطاتها القادمة، والتي ينبغي على الزائر أيضًا أن يكون على وعي بها، وأولها أن معرض الكتاب لا يعد مجرد سوقٍ تجاريّ لبيع وشراء الكتب، وإنما هو بالدرجة الأولى أفضل مناسبة للقاء الكتّاب والمبدعين بالقارئ للحوار والمناقشة وطرح الأفكار وتبادلها بين المثقفين ومن جيل إلى جيل، وذلك من خلال حلقات الحوار والمحاضرات السمعية والمرئية وغيرها. دينا: منظمو البرنامج الثقافي لايزال ينقصهم عمق الرؤية لمناسبة كهذه وذكرت دينا عطفا على هذا المنطلق بأن هناك تعارضا بين مفهوم بعض فئات الجمهور في العالم العربي وبين رسالة معرض الكتاب، معللة هذا بكون البعض يفسره على أنه ملتقى بين المثقفين فقط، ليقع اللوم هنا عادة على منظمي المعارض لعدم تمكنهم من ردم الفجوة التي بينهم وبين المتلقي العادي والجيل القادم الذي قد يكون ضمنه من يميل في اهتماماته إلى بدائل ثقافية قد لا نجد أولها القراءة ولا المطالعة. حسين: ما يتضمنه البرنامج يعكس ذائقة مقترحيه لا صورة المشهد المتنوع وتمضي الصاعد في حديثها متسائلة عن نوعية ما يقدم للمتلقي الطفل، مؤكدة على أن هذه المناسبة الوطنية الدولية، فرصة مهمة لمعاودة النظر في مراجعة الكثير من الكتب الممنوعة من دخول المعرض، مشيرة إلى أن الحصول على الكتب اليوم من الخارج لم يعد يشكل عقبة لدى من يبحث عنه. واختتمت دينا حديثها قائلة: فيما اطلعت عليه أجد أن المعرض قد استوفى الكثير من أساسياته هذه المرة، إلا أن مسؤولية المنظمين ينقصها بعض التركيز على رسالة معرض الكتاب، والتي تتلخص في البحث عن مشاكل القارئ وإيجاد حلول فعالة لها، مع محاولة لفت انتباه الفئات الأخرى للانضمام إلى مهرجان القراءة! أما الأستاذ عمر الفوزان فقد وصف ما يقدم في غالب فعاليات المعرض الثقافية، وفي دورته القادمة، لا يزال موجها للنخب، الأمر الذي يفقد عامة زوار المعرض حضور هذه الفعاليات، التي نشهدها في كل دورة من دورات المعرض.. مستشهدا بنسبة الحضور للفعاليات الثقافية، والتي تأتي اقل مما يمكن وصفه بالقليل. وقال الفوزان: على اللجنة المسؤولة عن النشاط الثقافي المصاحب، أن تستقرئ كل هذه الشواهد، حتى تستطيع مستقبلا أن تستقطب ما يمكن استقطابه من زوار المعرض، وذلك بتقديم ما يلامس اهتماماتهم، ويكون دافعا ومشوقا لهم على الحضور والتفاعل مع ما يقدم من مناشط ثقافية، وزيادة تفعيلها من خلال إتاحة المشاركة بشكل أكثر فاعلية وبطرق أعمق رؤية وأوسع شمولية لتناسب أكبر شريحة عريضة من زوار المعرض، لنجد ذلك منعكسا في قاعة الفعاليات. واختتم الفوزان حديثه مؤكدا أن تنظيم النشاط الثقافي المصاحب، يحتاج المزيد من المراجعة في الأسماء والموضوعات، والجمهور المستهدف به، سعيا إلى تحقيق المكاسب الثقافية الوطنية، التي يأتي في مقدمتها الارتقاء بالثقافة لدى شرائح المجتمع من خلال إشاعة الثقافة في مناسبة كهذه، والإسهام من خلال إعداد برنامج هذه الفعاليات بشكل يصدق عليه استثمارها كمناسبة وطنية ثمينة.. حتى لا تذهب هدرا، إلى جانب شجع دور النشر التي همها الربح لا النشر. أما الشاعرة والكاتبة اعتدال موسى الذكرالله فقد استهلت حديثها عن النشاط الثقافي المصاحب، من منظور التنوع في الرؤى والأفكار والنتاج الثقافي والإبداعي الأدبي ايا كان جنسه، والذي تتشكل أطيافه في مشهدنا المحلي عبر خارطة شاسعة مترامية الأطراف.. مشيرة إلى أهمية انعكاس هذه الرؤية فيما يقدمه المعرض بوصفه مناسبة وطنية لمثقفي ومثقفات الوطن عبر رؤية تستوعب هذا التنوع الشاسع. وقالت اعتدال: معرض الرياض الدولي للكتاب حقق خطوات جيدة في تنظيماته، وحضور الأسماء فيه محليا وعربيا وفيما يقدم لكون المعرض أصبح تظاهرة دولية سنوية، إلا أنني بكل أسف لم أجد في نشاطه الثقافي للدورة القادمة ما يحقق تلك الرؤية وخاصة عندما أتساءل أين حضور المرأة المبدعة في الفنون الأدبية والثقافية بشكل يمثل ما وصلت إليه المرأة السعودية من حضور ومشاركة عبر خارطة الوطن الثقافية الكبيرة، التي يجب على اللجنة المنظمة لهذا النشاط أن تتسع لكل هذه الأطياف الأدبية والثقافية، وأن تسعى إلى استيعاب المشهد الثقافي بشمولية واعية وواعدة تجاه مشاركة المثقفة، فما يتم حتى الآن من مشاركات للمرأة في فعاليات المعرض أشبه بالمداخلات. دينا الفوزان اعتدال