قال الدكتور فهد بن عبدالرحمن بالغنيم وزير الزراعة أن وزارة الزراعة أعدت استراتيجية للزراعة إلى عام 2020م ورفعت إلى مقام مجلس الوزراء لكنها أعيدت، حيث خاطب مقام مجلس الوزراء وزارة الزراعة بأنه بناء على القرارات الجديدة التي صدرت نأمل إعادة صياغة الإستراتيجية، وهو ما تم فعلاً فأعدناها وقريباً سيتم رفعها. وأوضح أن مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج تهدف إلى المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي الوطني والعالمي، وتسعى إلى بناء شراكات تكاملية مع عدد من الدول في مختلف أنحاء العالم ذات مقومات وإمكانات زراعية عالية لتنمية وإدارة الاستثمارات الزراعية في عدد من المحاصيل الزراعية الإستراتيجية بكميات كافية وأسعار مستقرة، إضافة إلى ضمان استدامتها. وكانت «الرياض» قد أجرت حديثا موسعا مع وزير الزراعة الدكتور فهد بن عبدالرحمن بالغنيم خلال زيارته لمشروع شركة الراجحي الدولية للاستثمار في السودان الذي بدأ ب50 ألف فدان على نهر النيل ويهدف إلى انتاج الذرة الرفيعة، والذرة الصفراء، والقمح، والشعير، والأعلاف الخضراء، وبدأ في التجهيز في عام 2007م ويتوقع انجاز المشروع بالكامل عام 2012م وقد ظهرت نتائج ايجابية ومحفزة في المرحلة الأولى، وهذا نص الحوار: * كيف ترى تقييم نتائج مبادرة خادم الحرمين الشريفين للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج؟ - مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج تهدف إلى المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي الوطني والعالمي، وتسعى إلى بناء شراكات تكاملية مع عدد من الدول في مختلف أنحاء العالم ذات مقومات وإمكانات زراعية عالية لتنمية وإدارة الاستثمارات الزراعية في عدد من المحاصيل الزراعية الإستراتيجية بكميات كافية وأسعار مستقرة، إضافة إلى ضمان استدامتها. وتم التخطيط لتلك الاستثمارات وفق المبادئ والمعايير الاستثمارية الزراعية ومنها الاستثمار في دول جاذبة ذات موارد زراعية واعدة، وأنظمة وحوافز إدارية وحكومية مشجعة، وتصدير المحاصيل المزروعة للمملكة بنسب معقولة، وأن تكون الاستثمارات طويلة المدى «عن طريق التملك أو عقود طويلة الأجل»، وحرية اختيار المحاصيل المزروعة، وتوقيع اتفاقيات ثنائية مع الدول المعنية تضمن تحقيق أهداف هذه الاستثمارات، ودعم وتشجيع الدولة لهذه الاستثمارات، وتوفر وسهولة وانخفاض تكاليف نقل المحاصيل للسعودية. وللعلم هناك الكثير من الدول التي ترحب بتواجد المستثمر السعودي ومنها على سبيل المثال الأورجواي، حيث أن رئيس الأورجواي طلب مقابلتنا وذهبنا لزيارته وكذلك رئيسة الأرجنتين طلبت مقابلة الفريق وأيضا قمنا بزيارتها، وهذا يدل على تقديرهم وهو ما قالوه بوضوح من خلال تقديرهم للاستثمار السعودي، لأننا ولله الحمد لنا صور مشرفة منها الرجل الفاضل الشيخ سليمان الراجحي، والذي سعى لرسم صورة طيبة للاستثمار السعودي في الخارج، وهو ما يجعلنا نقدره بشكل خاص لأنه يستحق التقدير. د. بالغنيم خلال حديثه مع «الرياض» * هل تكتفون بما تم خلال العامين الماضيين أم لديكم طموح آخر من خلال هذه المبادرة؟ - في اعتقادي أن القرار الذي صدر من مجلس الوزراء قرار واضح يحدد أربع جهات وزارية هي وزارة الخارجية، ووزارة المالية، وزارة التجارة والصناعة، ووزارة الزراعة، والذي يسمى فريق المبادرة وجميع هذه الجهات تهتم بمبادرة خادم الحرمين الشريفين، حيث يشتمل القرار على أن الدولة سوف تتوقف تدريجياً عن شراء القمح المحلي وبالتالي سوف يتم إيقاف إنتاج القمح محلياً، ومن المعلوم أن التصدير ممنوع منذ خمسة عشر سنة فبالتالي المزارعون المحليون سيتوقفون عن الإنتاج المحلي، وكذلك الصوامع سوف تدعم المستورد من القمح، فبالتالي المنتج المحلي لا يمكنه منافسة المستورد من القمح. وتعتبر هذه رغبة الدولة الأساسية في تقليل المحاصيل التي تستهلك المياه في المملكة مثل القمح ثم الأعلاف والتي تستهلك مياه أكثر من القمح، ولذلك الدولة وافقت بقرار من مجلس الوزراء على خطة أعدتها وزارة الزراعة بالتنسيق مع وزارة المالية ووزارة التجارة والصناعة اسمها دعم الأعلاف ودعم مدخلاتها وذلك من خلال تصنيع الأعلاف محلياً من خلال دعم مدخلاتها التي تستورد من الخارج. الأعلاف الحالية المسماة لدينا في السعودية (مكعبات) هي عبارة عن خليط من عدة محاصيل ذرة صفراء، ذرة بيضاء، صويا، برسيم، شعير، فيتامينات، أملاح وهي تخلط مع بعضها البعض وتكون منها مكعبات لتغذية الحيوانات، كل هذه المدخلات والتي تزيد على ثلاثين مدخلاً الآن الدولة تدعمها عند استيرادها من الخارج، وتهدف إلى جعل هذه المدخلات أرخص لمصنع الأعلاف لاستيرادها من الخارج، وهذا يعني صوت الوزارة عندما ينادي بعدم زرع هذه المنتجات محلياً. ولذلك تجد عدد من الشركات ومنها شركة الراجحي الدولية وتوجهها الحالي في هذا المشروع في السودان إلى زراعة البرسيم ثم يتم تصديره إلى السعودية، وهذه ما نتمناه ويعتبر جزءاً من الخطة. والشيء الآخر هو أن وزارة الزراعة أعدت استراتيجية للزراعة إلى عام 2020م ورفعت إلى مقام مجلس الوزراء لكنها أعيدت، حيث خاطب مقام مجلس الوزراء وزارة الزراعة بأنه بناء على القرارات الجديدة التي صدرت نأمل إعادة صياغة الإستراتيجية، وهو ما تم فعلاً فأعدناها وقريباً سيتم رفعها. بالغنيم خلال تواجده في السودان مع عدد من المستثمرين هذه تعتبر استراتيجية زراعية داخل المملكة، ولكن هل هناك استراتيجية للاستثمار الزراعي خارج المملكة؟ نعم تعتبر هذه من مهام فريق المبادرة، فالدولة حفظها الله أنشأت الشركة السعودية للاستثمار الزراعي ووضعت فيها 3 مليارات ريال، هذا يعتبر جزءاً من الإستراتيجية التي أعدتها الدولة، بمعنى أن اعداد الإستراتيجية للاستثمار الزراعي الخارجي ليست من اختصاص وزارة الزراعة فقط وإنما اختصاص وزارة الخارجية ووزارة المالية وزارة التجارة والصناعة ووزارة الزراعة. * كيف تقيم الاستثمار الزراعي في دولة السودان؟ وهل ترتقي لمستوى التطلعات في المبادرة؟ - جداً مميزة وعلى قمة التطلعات لأن المملكة والسودان تربطهما علاقة عميقة وقديمة، والعلاقة أخوية ويجب أن يحسن استثمارها، فيجب حث رؤوس الأموال السعودية للاستثمار في السودان، حيث تعتبر السودان قريبة جداً من المملكة من الناحية الجغرافية. * كيف تقيم نسبة المخاطرة في الاستثمار الخارجي الزراعي؟ - المشاريع الزراعية تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة والإصول الثابتة مكلفة جداً، وأنت تشاهد الآن في مشروع الراجحي الدولية في السودان المعدات والآلات المستخدمة عالية القيمة تصل أحياناً قيمة الآلة بالملايين، مما تحتاج إلى توفر مبالغ كبيرة في التأسيس، لاحظ القنوات التي اسست في المشروع بطول 35 كم في مشروع الراجحي، المضخات، الرشاشات المحورية، وكلها تعتبر استثمارات ليست سهلة. كما أنه لا يوجد هناك بيئة استثمارية مثلى مثل السعودية بالنسبة للمستثمر السعودي، أما المستثمر السوداني فبالتأكيد البيئة المثلى له السودان، لكن لدينا قدرات أكثر مما تسمح لنا مواردنا، مما يجعل التفكير في الاستثمار الخارجي حلاً أمثل للمستثمرين السعوديين. * ما العوائق والمخاوف التي يمكن أن تعتري المستثمر السعودي خارج المملكة؟ - من وجهة نظري أكثر شيء يؤثر على الاستثمار هو ترقبي وخوفي من تغيير الأنظمة الاستثمارية في البلد والإنظمة المالية، فلو حدث أي تغيير في الحكومة السودانية مثلاً منع تصدير الأرباح أو وضع ضرائب، ولو هبطت العملة، خصوصاً في حالة استيراد بعض المواد من الخارج، فهبوط العملة مؤثر فما يستورد بقيمة 1000 أصبح ب2000 فكل هذه تعتبر أموراً مخيفة على المستثمر الخارجي. * ألا تعتقد أن هذه المؤثرات تمنع المستثمرين من المخاطرة في الخارج؟ - لا، سوف يخاطر المستثمر بكل تأكيد لكن القاعدة الاستثمارية أنه كل ما زادت المخاطرة كل ما زاد نسبة الربح الذي يضعه المستثمر، مثلاً نسبة الأرباح التي وضعها المستثمر داخلياً 10% لكن في الدولة الأخرى لا تقل عن 25% كمعدل للربح، المستثمر يغطي نفسه، لكن تبقى المخاطر موجودة كتغير الأنظمة والكوارث الطبيعية، مثل ما ذكره الدكتور خالد الملاحي الرئيس التنفيذي لمجموعة الراجحي الدولية حول المعايير المستخدمة في جدوى الاستثمار لشركة الراجحي الدولية للاستثمار في العرض الذي قدمه اليوم، مثلاً أندونيسيا هناك مخاطر طبيعية مثل تسونامي قتلى وضحايا من الزلزال ودمر مناطق زراعية واسعة. * هل تعتقد أن هناك أدواراً واضحة لوزارة الزراعة خارجياً من خلال اقتراح مجموعة من الدول للاستثمار خارجياً فيها؟ - نعم هناك اتفاقيات مع الدول والاتصال المباشر مع المسؤولين في القطاع الزراعي والقطاع الاستثماري في الدولة المستضيفة، في أحيان كثيرة أتواصل هاتفيا مع وزير الزراعة في الدولة نفسها، ويكون هناك نقاش حول المستثمرين واستثماراتهم وحل لبعض المشاكل، وتكرر ذلك الأمر عدة مرات. وأعتقد أنه يجب علي كوزير الاستماع إلى المستثمرين ودعمهم، وهناك فعلاً مستثمرون يتصلون لدعمهم بشكل مباشر في استثماراتهم الزراعية في الخارج، وعادة المسئولون في الدول المستضيفة يستقبلون المكالمة بترحيب ودعم كامل ويسهلون الأمور. * كيف يتم التأثير على مستوى البنية التحتية في البلد المستضيف؟ وهل هناك دعم حكومي في المواصلات والكهرباء وغيرها؟ - أعتقد على الدولة المستضيفة لرؤوس الأموال أن تتبنى برامج لدعم البنية التحتية، وهذا ما تم طرحه في منتدى منظمة المؤتمر الإسلامي في التوصيات لتشجيع الاستثمار من خلال الاستثمار في البينة التحتية، فمثلاً لو أخذنا دولة معينة تخاطب المستثمرين في الاستثمار الزراعي يجب على الدولة من ايراداتها أن تستثمر في البنية التحتية لأنها ستحصل على مردود لاحقاً، أما فيما يتعلق بالحكومة السعودية لديها الصندوق السعودي للتنمية، حيث يعد من أهداف انشائه دعم الدول الصديقة النامية بما اتيح للمملكة من خيرات حيث يقدم قروضاً ميسرة، ويمكن أن يتولى الصندوق بعض المشاريع التنموية في البلد. * ألا ترى أن وزارة الزراعة تقدم مقترحات لدعم البلدان في البنية التحتية من خلال الصندوق؟ - صحيح، لذلك اربع وزارات في فريق المبادرة هي في حديث دائم عن الدعم ويتبع الصندوق لوزارة المالية ويتم تقديم توصيات لدعم البلدان من خلال الصندوق. * هل هناك دول حفزت المبادرة لمشاريعها؟ - نعم السودان لها دور بارز، لكن لا نستطيع أن نلزم المستثمرين بأي دولة لأننا نترك القرار للمستثمر وتعتبر نقطة رئيسية، صحيح أننا كجهة حكومية نجمع المعلومات وننصح المستثمر بالإمكانيات المتاحة لكننا لا نتدخل أبداً في قرارات المستثمرين.. فقط ندعمه بالمعلومات المتاحة. * بخصوص الأمن الغذائي هل تشعر أن وزارة الزراعة لها بصمتها في هذا البرنامج على مستوى العالم؟ - بكل صراحة خذ في حسبانك (منظمة الأغذية والزراعة) التي تعتبر المسؤولة عن خدمة القطاع الزراعي على مستوى العالم من النواحي الفنية، وأيضا (الأي فاد) الصندوق الدولي للتنمية الزراعية المنظمة المسؤولة عن تمويل المشاريع الزراعية في الدول النامية، و(الفاو) سلمت للمملكة مرتين جائزة (أقري كولا) سلمت الأولى للملك فهد رحمة الله، والثانية سلمت للملك عبدالله حفظه الله في رمضان الماضي. * هل تعتقد أننا بحاجة إلى مؤتمرات خاصة لتشجيع الاستثمار الخارجي، وتحفيز رؤوس الأموال للاستثمار؟ - أعتقد أن البنك الدولي أصدر العام الماضي تقريرا أوضح أن أفضل مجال للاستثمار هو المجال الزراعي، لأن هناك فجوة واضحة بين العرض والطلب فيما يتعلق بالإنتاج الغذائي. كما ان منظمة الأغذية والزراعة قالت: إنه يجب أن يرتفع إنتاج الغذاء بحلول عام 2050 بمعدل 70% وتعتبر نسبة ليست سهلة، حيث انه حالياً عدد السكان أكثر من 6 مليارات، وفي عام 2050 سيكون لديك 9 مليار نسمة في العالم وهذا سيمثل ضغطاً على الطلب على الغذاء، يجب أن يقابله زيادة في الإنتاج، من المسئول عن هذه الزيادة حيث أعلن الفاو بكل وضوح بأن هناك حاجة ماسة لزيادة الاستثمار الزراعي. ولذلك مبادرة الملك عبدالله تأتي موازية مع مبادرة المنظمات الدولية المختصة وفي نفس التوجه، المؤتمر الذي أقيم في السودان مؤتمر لدول منظمة المؤتمر الإسلامي الغرض منه تشجيع وتحفيز الأعمال المشتركة ما بين الدول الإسلامية لتعزيز العرض من الإنتاج الغذائي لتعزيز وضعها في الأمن الغذائي دول المنظمة تستورد حوالي 100 مليار دولار سنوياً، تشمل المنظمة المؤتمر الإسلامي 57 دولة، كل هؤلاء الدول يستوردون أكثر من 96 مليار دولار هذا في عام 2007م كفاتورة غذائية من خارج الدول. وتلاحظ أن الدول الأعضاء لديها مقومات هائلة فمثلاً السودان والسنغال لديها المقومات كالتربة والمياه والأيدي العاملة. * هل تعتقد أن مثل هذه المؤتمرات ستحفز رجال الأعمال للاستثمار لتحقيق أهداف المبادرات المختلفة؟ - هذا ما نتمناه فهذه المؤتمرات لها مجموعة من التوصيات في ظاهرها توصيات مميزة، لكن نتمنى تفعيل التوصيات من خلال آليات لتنفيذها ومتابعتها، حيث نتمنى أن تترجم إلى أعمال على أرض الواقع. * هل زار فريق المبادرة دولاً اخرى وقدم دراسات للمستثمرين؟ - فعلاً زرنا السودان، مصر، أثيوبيا، البرازيل، الأورجواي، الأرجنتين، الفلبين، تركيا، أوكرانيا، فيتنام، كازاخستان.. زيارة الحكومة مع رجال الأعمال من خلال زيارة الدولة والاجتماع والتنسيق لعرض الفرص الاستثمارية في الدولة المستضيفة، وربطهم مع رجال الأعمال في نفس البلد ويكون هناك لقاءات ما بين رجال الأعمال، ونحن في الفريق الحكومي ندعمهم من خلال ايصالهم ببعض وغطاء سياسي لرجال الأعمال، ودعم مالي تمويلي من خلال وزارة المالية من خلال آليات واضحة للمستثمر السعودي خارجياً، من خلال اتفاق المستثمر السعودي مع الجهة التي سوف تحددها من وزارة المالية للحصول على تمويل مالي في المشاريع الخارجية. * كيف ترى ردود أفعال المستثمرين ورجال الأعمال من هذه الزيارات ؟ - في الغالب أرى أن رجال الأعمال تفاعلوا بشكل مميز أخيراً خلال زيارتنا لأمريكا الجنوبية ومعنا 15 رجل أعمال وجميعهم أبدوا ارتياحهم من الزيارة ومن المعلومات والفرص التي اطلعوا عليها، وبإذن الله سيكون لها ردة فعل من قبلهم.