تعتبر صناعة السياحة من أهم الأنشطة الاقتصادية وأسرعها نمواً علي مستوي العالم، فهي تمثل ما يربو عن ثلث حجم تجارة الخدمات العالمية التي تعد في الألفية الجديدة عماد الاقتصاد العالمي الحديث وذلك بما توفره من مساهمات كبيرة في شتي المجالات ومناحي الحياة في عالمنا المعاصر، فضلاً عن أن السياحة العالمية بشكل عام قد توسعت بمعدل بلغ ضعف معدل نمو الإنتاج العالمي وهذه الصناعة التي كانت تعتمد منذ زمن طويل عند كثير من الدول على طبيعة المناخ أو على وجود ظواهر نادرة ذات بُعد تاريخي فقط . في السنوات القليلة الماضية نلاحظ دخول تصنيفات ومسميات وأغراض سياحية متعددة دخلت على خط هذه الصناعة وهي ذات مفاهيم وتعريفات ومصطلحات مختلفة لم نكن نسمع بها من قبل كسياحة التسوق والسياحة العلاجية والسياحة الدينية وما إلى ذلك من تسميات ... وكل أنواع السياحة تلك ما وجدت إلا بعد توفر مكوناتها على أرض الواقع كعناصر جذب سياحي يتم الترويج لها بمختلف الوسائل مع ما صاحب تلك العناصر من تسهيلات حكومية تدعم قيام تلك الصناعة الخدمية التي تتنافس عليها بالوقت الحاضر الكثير من الدول لغرض تحسين مواردها المالية نظرا لما تملكه تلك الدولة من ميزة تفضيلية سواء لطبيعة المناخ أو لوفرة المصحات أو الأسواق وما إلى ذلك من ميزات ونظرا لما تحويه طبيعة أرض المملكة عندنا من مكونات عنصر جذب سياحي جديد قد تنفرد فيه المملكة بشكل واضح ونحن بدورنا يمكننا تطويعه واستغلاله والترويج له وتقديم التسهيلات المناسبة لجذب السائحين للإطلاع عليه ومشاهدته من قبل المهتمين بهذا المكون السياحي الجديد سواء من الداخل أو الخارج والمتمثل بوجود تنوع شديد من الظواهر الجيولوجية ذات التراكيب الطبقية المتباينة والمنتشرة بمختلف مناطق المملكة الشاسعة وما تضمه تلك التراكيب الطبقية من أحافير لكائنات فقارية ولافقارية عاشت عبر مختلف العصور الجيولوجية القديمة الممتدة لملايين السنين وما تحويه تلك الطبقات من خامات معدنية وصخور متنوعة ونباتات حجرية نادرة جداً والتي بمجموعها تحكي ظروف تكوين بيئات الترسيب لمختلف تلك العصور الجيولوجية القديمة، وكذلك ما تضمه أرض المملكة من الكثير من الظواهر الجيولوجية السطحية المورفولوجية المتباينة يضاف لكل هذا وجود الكثير من الشواهد الطبيعة التي تدل على إتجاه حركة طبقات القشرة الأرضية تبعاً للحركات التكتونية وما نشاء عن تلك الحركات من طيات و صدوع وفوالق قد تمتد عشرات بل مئات الكيلومترات مع وجود نطاقات بركانية تغطي مساحات كبيرة جدا من أراضي المملكة الشاسعة ... كل هذا التنوع الجيولوجي المذهل الذي قل مثيله بالعالم يستحق منا التوقف عنده كثيراً وفي نفس الوقت فإن هذا التنوع يدفعني كمتخصص كي ادعوا عبر هذا المقال الهيئة العامة للسياحة والآثار عندنا للاهتمام بما تملكه المملكة من إمكانيات وظواهر جيولوجية طبيعية ذات قيمة علمية كبيرة بالغة الأهمية تستطيع معها هيئة السياحة والآثار عندنا من أن توظف تلك الظواهر وتطوعها حتى تصبح عنصر جذب سياحي قوي ومن ثم تروج له سواء على المستوى المحلي أو الدولي على أن يتم ذلك التطويع من خلال إنشائها للمتاحف الجيولوجية المتخصصة ( كون الهيئة المذكورة تعتبر هي الجهة المسؤولة عن إقامة وإنشاء المتاحف بشكل عام عندنا ) مثلما قامت به العديد من دول العالم عندما أنشأت متاحفها الجيولوجية مع العلم بأن الكثير من تلك الدول لا يملك بمستوى ما نملكه نحن من ظواهر جيولوجية متنوعة وهامة مع ما يتوفر لدينا من قدرات وإمكانيات مادية وعلميه كبيرة جداً خاصة إذا ما أخذت هيئة المساحة الموقرة عندنا بنظر الاعتبار أن هناك وفرة من الدراسات الجيولوجية العلمية المتخصصة الجاهزة تماماً التي تغطي شتى مناطق المملكة والمُعدة بالأصل من قبل العديد من الجهات الحكومية المختصة مثل هيئة المساحة الجيولوجية السعودية والجامعات ومراكز الأبحاث العلمية وبعض الجهات الحكومية المختلفة حيث من الممكن للهيئة أن تستعين بتلك الدراسات لإنشاء متاحف جيولوجية متخصصة بعدة مناطق بالمملكة لتحكي للجميع قصة تكوين هذه الأرض وكما هو معروف عند الجميع إن المتاحف على إختلاف أنواعها وأغراضها تعتبر ذاكرة الشعوب حيث أن كل من يزور متحفاً يجد نفسه قد انتقل عبر الزمن .... فالمتاحف العلمية المتخصصة كالمتاحف الجيولوجية باتت تكتسب أهمية كبيرة في الترويج للسياحة حيث أنه من خلال تلك المتاحف العلمية الجيولوجية يتم تعميم الثقافة والتعريف بهذا المجال على كافة شرائح المجتمع لدينا مع تعريفهم بتاريخ تكوين أرضنا إضافة إلى ما سوف تقوم به تلك ا! لمتاحف من توفير للفرص الاستثمارية لإستغلال الثروة الطبيعية مثل التعدين والاستفادة من الخامات الاقتصادية المختلفة وتعريف زائريها بما تحويه من موجودات ذات قيمة تاريخية واقتصادية عظيمة سوف تزيد من ارتباط أبناء هذا الوطن بأرضهم يضاف إلى كل هذا ما سوف توجده مثل تلك المتاحف من وفرة في فرص العمل المختلفة تنهض بالمجتمعات المحلية بمناطق تواجدها بعد إعداد الدورات التأهيلية المناسبة لذلك الغرض مع ما سوف تعكسه أيضاً تلك المتاحف لزائريها من الأجانب من سمعة طيبة وفكرة شاملة توضح للجميع مستوى التطور والنهضة العلمية التي وصلته المملكة تحت ظل قي قيادتنا الرشيدة .