يشعر بعض المرضى وعائلاتهم على اختلاف أعمارهم بالتفاؤل عندما يخبرهم الطبيب بأن الأدوية التي سيتناولونها لعلاج مشكلة صحية تعترضهم ستكون لفترة قصيره من الوقت ، لكن ليس هذا هو لسان الحال عند البعض الآخر الذي يلزمهم المرض بتناول العلاج لفتره طويلة قد تمتد مدى العمر ، هنا يبدأ لديهم الشعور بالملل ويزداد هذا الشعور مع تعدد أنواع الأدوية واختلاف مواعيد تناولها يوميا ، وقد يرتبط هذا الملل باعتقادهم بعدم فائدة العلاج لأنه لم يخلصهم أو يوقف الأعراض المرضية المزعجة المصاحبة للمرض. من أبرز الشواهد المبكرة لحالة الملل هذه هو تصريحهم بالانزعاج فور ظهور آثار جانبية من الأدوية التي يتناولونها ، وصعوبة تقبلها أو التعايش معها ، وعلى سبيل المثال لا الحصر إحساسهم بالرغبه المفرطة بالنوم أو عدم القدرة على التركيز أو ضعف النظر ، أو ظهور تغيرات في المظهر الخارجي مثل السمنة الزائدة ونمو الشعر بكثافة أو فقدانه ، كل هذه الآثار تجعلهم غير راضين لا على أنفسهم ولا على نوعية الحياة التي يعيشونها ، وبالتالي ينعكس ذلك على آدائهم للأنشطة اليومية وقدرتهم بالقيام بمهامهم الاجتماعيه أو الوظيفية او الأسرية ، وقد يلجأ البعض رغبة منهم في الخلاص من مشاكلهم الصحية بصورة عاجلة إلى الإقبال على تناول علاجات عشبية أو تقليدية متداولة شعبيا وغير مرخص بها من دون معرفتهم بالآثار الخطرة المترتبة على ذلك. وقد يقوم المرضى بتغيير جرعات الأدوية المقررة لهم من تلقاء أنفسهم سواء بتقليلها أو بالتوقف عن تناولها لعدة أيام اعتقادا منهم بأن ذلك سيساعدهم في التخلص من الآثار الجانبية التي تزعجهم . ومنها أيضا التوقف عن الحضور إلى مواعيد المتابعة مع الطبيب وعمل التحاليل اللازمة لإحساسهم بأنهم لايشعرون بأعراض المرض بعد توقفهم عن أخذ الأدوية لذا فلا حاجة للمتابعة مع الطبيب أو الاستمرار بالإلتزام بتناول الأدوية إلا في حالة ظهور أعراض المرض مجددا. لذا ما الذي يمكن أن يفعله الطبيب ليساعد مرضاه لمعرفة كيفية التعامل مع أدويتهم والتغييرات المصاحبة لها حتى لا يصابوا بهذا الملل ولا ينتهي الأمر بتفسير هذا بعدم التزامهم ضمنيا بالعلاجات المقررة أو إهمالهم المقصود للخطة العلاجية. وكيف يمكن إقناع المرضى بحقيقة أن بعض الأدوية تفقد فعاليتها عندما يتم التوقف عن تناولها وأن المرض يرتد بصورة أسوأ من ذي قبل ، وهل من الخطأ أن يسلم الطبيب بأن جميع المرضى على دراية بأن بعض الأدوية تحتاج لفترة زمنية معينة لبدء تأثيرها العلاجي ، وبعضها لا يمكن الاستغناء عنه مدى الحياة ، أوليس من واجبه التذكير بأهميتها ؟ . من الأفضل أن يطلع الأطباء مرضاهم مسبقا على تفاصيل أدويتهم والآثار الجانبية المتوقعة خاصة إذا كان لدى فئة منهم فرصة أكبر من غيرهم لظهور هذه الآثار بشكل سريع وحاد ، فعلى سبيل المثال لا الحصر يجب على الطبيب أو الصيدلاني تحذير المصابين بالقرحة أو الحرقة أن يتجنبوا استعمال الأدوية المحتوية على الأسبيرين والأسبرو، وكذلك هو الأمر مع معظم الأدوية المسكنة وكل أنواع الستيرويدات التي تزيد مشكلات القرحة والحموضة في المعدة ، كذلك من الواجب أن يتم دراسة ظروف الحياة الاجتماعية والوظيفية اليومية لكل مريض على حدة ومدى تحمل ظروفه المعيشية لتحمل هذه الآثار الجانبية وقدرته على التعامل معها ومستوى صبره في حال ظهورها . من المهم ايضا أن يشرح الطبيب والصيدلاني للمرضى أن الأدوية تتفاعل بطرق مختلفة مع مختلف الناس، ولكن بصفة عامة الأدوية الحديثة هي سليمة وفعالة جداً .من المهم أن يشرح الطبيب لمرضاه سبب إجراء تحاليل مخبرية معينة قبل وأثناء أخذ الدواء لمراقبة تأثير الدواء وسلبياته على الجسم. ليكون المريض على علم بطريقة مراقبة الطبيب لمستوى الأدوية التي يتناولها في الدم . في أغلب الاوقات يمكن للمرضى أن يصارحوا ويشاركوا طبيبهم المعالج والصيدلاني بتناولهم لأي علاجات عشبية أو تقليدية غير مرخصة حتى يتم تحذيرهم من الآثار الجانبية الأخطر على حالتهم الصحية ، كذلك يمكنهم الإفصاح إلى الأطباء عما يقلقهم قبل البدء بتناول الأدويه خاصة عندما يتعلق الأمر باحتمال إصابتهم بارتفاع مستوى السكر في الدم أو ارتفاع ضغط الدم نتيجة للأعراض الجانبية المصاحبة للأدوية ، وقد يتمكن الطبيب من استبدالها بأدويه لها آثار جانبية أقل ، يجب على المرضى أيضا إعلام الطبيب المعالج عن أية أدوية أخرى يستخدمونها أو أية أمراض أخرى يشتكون منها لتجنب التداخلات أو التعارضات الدوائية ، يمكن للمرضى أن يستشيروا الطبيب عند حضورهم لمواعيد العيادة عن الطرق الدوائية وغير الدوائية لتخفيف آثار الأدوية الجانبية التي قد تتمثل بأخذ علاجات للتحكم بالسمنة مثلا للدهون ، أو باتباع حمية غذائية خاصة لتخفيف الوزن والتحكم بكميات الطعام المتناولة وحساب السعرات الحرارية المناسبة وممارسة الرياضة ، وعلى المرضى ان يلجأوا للوسائل العلاجية الأخرى غير الدوائية مثل التفكير الإيجابي ، إدارة الوقت بصورة صحيحة ، الانتظام في ساعات النوم . إن اختيار المرضى التخلي عن استخدام الدواء لاعتقادهم بعدم فائدته أوخوفهم من ظهور مضاعفات جانبية سيئة من أهم أسباب فشل نجاح العلاج ، كذلك هو الحال أيضا إذا ما تم عدم التقيد بطريقة وكمية الدواء الموصوفة أو الالتزام بمدة العلاج المقررة. * التثقيف الصحي