كتبت كثيراً وتحدثت أكثر عن سوء أداء لجنة الانضباط، وجبنها، وانتقائيتها. ليست هذه اللجنة التي يترأسها صلاح القثامي - الذي حذرته من خطورة عملية غض الطرف الواضحة التي يقوم بها تجاه تجاوزات بعض رؤساء الأندية على الحكام، وتجاهله للممارسات السيئة لبعض الجماهير، بل واختلاق العذر لهم -، وإنما فعلت الأمر نفسه مع الرئيس السابق نابت السرحاني، والرئيس الأسبق إبراهيم العلي، لكن كل نداءاتي، ونداءات غيري مرت على طريقة لا حياة لمن تنادي. كتبت في (رياحي الشرقية) قبل 25 يوماً فقط، وعلى خلفية صدور تعميم اللجنة، الذي حمل وعيداً شديد اللهجة للأندية التي ترفع جماهيرها الأوراق النقدية في المدرجات أن اللجنة تدين نفسها بهذا التعميم، إذ إنها بذلك تقر بتجاوزها عن الحالتين اللتين صدرتا عن جماهير الأهلي ونجران، وحذرتها نصاً أن القادم سيكون "أسوأ وأشنع بل وأخطر أيضاً، ما لم تكن لها وقفة حازمة مع أي تجاوز، سواء صدر من رئيس الهلال أو رئيس الفتح، ومن جماهير الاتحاد أو جماهير الفيصلي"، وها هي ذي الأمور تصل بنا إلى حافة الهاوية. ما حدث في مباراة النصر والتعاون الأخيرة، سواء من رئيس النصر داخل الملعب، أو من جماهيره في المدرجات لم يكن حادثاً صادماً، ولا فعلاً مفاجئاً، بل إن المفاجأة ألا يحدث ما حدث، فكل الأجواء كانت تشي بمثل هذا الأمر وأعظم منه، فالأجواء كانت مفخخة، والكل كان يقف على أرضية الملعب وكأنه يقف على برميل بارود. ليس في هذه المباراة وحسب، بل في كل المباريات، ولو لم يحدث مثل ما حدث في مباراة النصر والتعاون، لحدث في ملعب آخر، ومن رئيس آخر، وجمهور آخر، ومع حكم آخر أيضاً. المشكلة - ولنكن واقعيين وأمناء - لا تتعلق بالأمير فيصل بن تركي، ولا بجمهور النصر، ولا بالحكم فهد العريني، فقد حدث مثلها أو قريب منها من رئيس الأهلي وجماهيره، ومن رئيس نجران وجماهيره، حتى رئيس القادسية تجاوز على التحكيم وطالب بحكام "أوادم"، بل إن الوقور جداً خليل الزياني خرج عن طوره تجاه الحكم عباس إبراهيم وجماهير ناديه رشقته بالقوارير، وما يحدث هذا الموسم هو امتداد لما كان يحدث في سنوات قريبة خلت، والحبل يبدو لي على الجرار. أيضاً المشكلة - ولنكن واقعيين وأمناء - ليست في القثامي، فقبله كان السرحاني والعلي، فهل تغير شيء؟!، أبداً، والسبب لأنهم يكررون بعضهم، ويستنسخون مشكلاتهم، ليس لأنهم لم يضعوا أيديهم على الخلل، فأنا أشك في ذلك، فالمشكلات بينة والخلل واضح، وهو العجز عن اتخاذ القرار تجاه بعض الرؤساء وبعض الأندية؛ لضعف الحيلة، وعدم القدرة، من باب فاقد الشيء لا يعطيه، فهم - ببساطة ووضوح شديدين - لا يملكون القوة التي تخولهم اتخاذ عقوبات بحق بعض المتجاوزين، لا القوة الذاتية، ولا حتى قوة القانون، وكأني بهم يطبقون القول المأثور "رحم الله امرءا عرف قدر نفسه". ما يحتاج إليه الواقع هو أن تناط عملية اتخاذ العقوبات الرادعة بحق المتجاوزين لأعلى سلطة في اتحاد الكرة، وتحديداً للأمير سلطان بن فهد؛ حتى يزاح هذا الحمل الثقيل عن كاهل رئيس لجنة الانضباط وأعضائها، في المقابل نحن لا نريد عقوبات تتجاوز القانون أو تصادره، وإنما نريد أن يتم ذلك وفق مقتضيات اللوائح ومقررات بنودها، بلا زيادة ولا نقصان من باب الجزاء من جنس العمل، أما في حال بقيت الأمور على ما هي عليه، فلا نلومنّ إلا أنفسنا؛ فقانون الحياة علمنا أن من أمن العقوبة أساء الأدب!