الأسواق الأميريكية في مؤشريها العظيمين الداوجونز والناسداك يحلقان عاليا ويرتفعان بصورة تجاوزت مستوياتهما قبل الأزمة المالية العالمية والأسواق الأروبية تصعد لمستويات هي الأعلى منذ ما يزيد على 26 شهرا أي قبل ظهور الأزمة العالمية والهند والصين والبرازيل وكوريا الجنوبية أعتقد أنهم لم يعانوا أصلاً من هذه الأزمة بل صعدوا معها وأثناءها خصوصاً الهند هذا الواقع الجميل والرائع والمميز إنما كان نتيجة إدارات متمكنة تدير أسواقها بمهنية واحترافية متناهيتين في الدقة والمهارة استطاعت زرع الثقة في قلوب متداوليها وجذب الاستثمارات المالية نحوها وإليها فليس هناك عمق مزعوم للأسواق أو تدمير لها بدعوى ساقطة من أجل بناء سوق قائمة على اسس سليمة مستقبلاً. هذه الأسواق والأزمات فرصة ثمينة لتأكيد قوتها ومتانة أوضاعها حقيقة التعبير الدقيق أنها الأسواق الناضجة وأما ما يسمى بالأسواق الناشئة فهو مصطلح لطيف في التعبير عن مثل أوضاع سوق ينهار منذ سنين وما زال يراوح مكانه وقريباً من قيعانه. فليس هناك أدنى محاسبة أو عقد أقل مقارنة مع أسواق العالم الناضجة والناشئة فالواقع أن الرسائل كانت واضحة وكبار المتداولين فهموا القرارات وأدركوا فحوى الإشارات التي حملتها بعض الأنظمة والقوانين فخرجوا من الأسواق التي ليس لها وجهة معروفة أو منهج واضح المعالم في التعامل والتفاعل مع الأزمات سلباً أو إيجاباً الأسواق الميتة التي أصبح البقاء فيها نوعا من الجنون لا يمكن لعاقل أن يرى هذه الأسواق العالمية ورغم كل الأزمات المالية العنيفة والمخاطر التي تكتنفها وتحيط بها ومع ذلك تتماسك وتتفوق على ظروفها وتتجاوز مصاعبها بفعل الرغبة الصادقة في علاجها ولوجود الإدراك والتصور السليمين للقائمين عليها لأهمية هذه الأسواق والمتداولين فيها. هذه الأسواق سر بقائها واقعها شركات أداءً ونمو تفكير وإدارة فضلاً عن إدارة السوق نفسها لا تعرف الانغلاق على نفسها بحجة حمايتها من الأموال الحارة لا تعرف أنصاف الحلول البقاء له ضوابط والخروج أيضاً له ضوابط لا يمكن أن يجتمع في سوق واحدة شركة هي الإفلاس بعينه مع شركة هي النجاح بأقوى صوره أسواق لا ترضى بدخول شركات بدلاً أن تكون هي فرصة وإضافة للسوق أصبح السوق هو نفسه فرصة وإضافة لها قطاع كامل جديد ومنذ أول سني تأسيسه تتآكل رؤوس أمواله وتطلب العون من مساهميها برفع رؤوس أموالها وشركات أخرى رؤوس أموالها بعشرات المليارات تتآكل بالمليارات أيضا. علينا جميعاً أن نكون صادقين مع أنفسنا وأن ننظر بنظرة كاملة وشاملة للأمور والأحداث. الأزمة المالية العالمية أثبتت للعالم أن كل صعود وتفوق ونجاح لا يأتي من فراغ وأن ما هو نتيجة تخطيط دقيقة ودراسة عميقة وقرارات صائبة والفشل كذلك أيضاً لا يأتي فجأة وإنما بدوافع التخبط والفوضى وفقدان البوصلة للاتجاه الصحيح الذي يقود لطريق النجاح. ستظل الأسواق العالمية وعلى رأسها السوق الأمريكي هي الجهة التي تستثمر فيها الأموال وتطمئن معها القلوب على أنها محفوظة وتحت رعاية مسئولين يدركون عظيم مسئولياتهم وتكون قرارات بعد تمحيص عميق تأخذ فيها جميع التصورات ولا ينفرد بقراراتها فرد واحد يشكل الأسواق توجها وسلوكاً بنفسه أو بنظرته الضيقة والمحدودة للأمور وتصوراته المعكوسة لأسلوب التشخيص وكيفية العلاج. الكارثة في أي سوق هي عدم المحاسبة لإدارة الشركات وترك الأمور لمجالس إدارات فاشلة تتولى رسم وتخطيط مستقبل هذه الشركات دونما كفاءة وقدرات ويكون الوصول لها عن طريق انتخاب وتصويت وفوضى هذه المجالس أصبحت مضرب المثل.