من شأن كشف موقع ويكيليكس الالكتروني لبرقيات دبلوماسية أمريكية سرية أن يحد من تبادل معلومات المخابرات الذي يعتبر حيويا في تجنب هجمات محتملة من جانب تنظيم القاعدة. فبعد مرور تسع سنوات على هجمات 11 سبتمبر أيلول التي وجهت تبادل معلومات المخابرات الأمريكية إلى عصر جديد يثير كشف الموقع نحو 250 ألف برقية دبلوماسية تحتوي على معلومات حساسة اتهامات بأن حجما كبيرا من معلومات المخابرات الأمريكية يجري نقله لعدد كبير من الأشخاص في عصر تسهل فيه سرقة البيانات الرقمية. ولم يتضح بعد حجم التداعيات الدبلوماسية لكن التسريبات تهدد بتقويض ثقة حلفاء مهمين للولايات المتحدة بعد ان أصبح من المبرر لهم الآن أن يخشوا من الحديث بصراحة مع واشنطن بعد أن بات من الممكن الكشف عن هذه الأحاديث الخاصة. ومن منظور عالمي يقول المراقبون إن النظام القائم حاليا لحماية الأسرار الأمريكية فقد مصداقيته وقد تحتاج واشنطن لاتخاذ خطوات كبيرة لتظهر أن أسرارها آمنة. طهران: التقارير تهدف لزرع بذور الفرقة بين الدول الإسلامية وقال بيتر هوكيسترا الجمهوري البارز في لجنة المخابرات بمجلس النواب الأمريكي «هذا فشل ضخم من جانب مخابراتنا ووزارة الدفاع في الحفاظ على المعلومات السرية». وبدا أن البيت الأبيض اتخذ خطوة صغيرة باتجاه سرية أكبر إذ أمر هيئات الحكومة بتشديد إجراءات التعامل مع المعلومات السرية. وقال مكتب الإدارة والميزانية إنه يعمل على ضمان «ألا يحصل المستخدمون على حرية دخول أكثر من المطلوبة للقيام بعملهم كما ينبغي». وقالت وزارة الدفاع ووزارة الخارجية كذلك إنهما تشددان الاجراءات لمنع المزيد من التسريبات. وتركزت التحقيقات الأمريكية في التسريبات حتى الآن على برادلي مانين وهو محلل معلومات مخابرات عسكرية سابق في العراق لم يكن على درجة وظيفية عالية واتهم من قبل بتسريب تسجيل فيديو سري يظهر هجوما في عام 2007 شنته طائرة هليكوبتر اسفر عن مقتل أكثر من عشرة أشخاص في العراق منهم صحفيان من رويترز. واتهم كذلك بتنزيل برقيات تخص وزارة الخارجية. وقال هاوارد مكيون الجمهوري البارز في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأمريكي «الإدارة يجب أن تحدد كيف أمكن لشخص أن يسرب هذا الكم الهائل من المعلومات السرية وأن تبني دفاعاتها لضمان عدم تكرار ذلك». وأثارت التقارير حفيظة العديد من العواصم تجاه واشنطن ولكن دون أن تصدر أيه تصريحات رسمية تجاه ما جاء فيها. ففي تركيا ساد الهدوء مختلف الأوساط فى العاصمة أنقرة اثر نشر الموقع الالكتروني «ويكيليكس» 7918 وثيقة سرية تتناول تركيا من بين نحو 250 ألف وثيقة تم تسريبها من السفارات الأمريكية في دول العالم المختلفة . وعبرت غالبية السياسيين الأتراك عن الاستياء من الوثائق التي سربتها السفارة والقنصلية الأمريكية في تركيا حول الأسماء البارزة بالحكومة وفى مقدمتها رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان وحزبه العدالة والتنمية الحاكم . وأكد الرئيس عبد الله غول أن ما نشره الموقع هي موضوعات متوقعة ، قائلا إننا ننتظر ما سيظهر بعدها . وعبر وزير الدفاع وجدي غونول عن عدم استيائه من الوثائق المنشورة على الموقع متضمنة اسمه قائلا إن السفارة الأمريكية في أنقرة خالفت القواعد الدبلوماسية وقامت بتقييم موضوعات تخص السياسة الداخلية وأكد أن جميع ما احتوته الوثائق بشأنه غير صحيح بالمرة . من جانبها دعت أحزاب المعارضة إلى انتظار نشر جميع الوثائق ومن ثم تقييم الموضوع مشيرة إلى أن العلاقات التركية الأمريكية ستتأثر لفترة قصيرة ومن ثم ستعود إلى طبيعتها بين الدولتين الحليفتين . كما أدان رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي نشر موقع ويكيليكس الالكتروني لوثائق سرية. وقال علاوي في تصريحات لإذاعة «دويتشلاند فونك» الألمانية أمس إنه لا يعتقد أن نشر هذه الوثائق يحمل أي فائدة لا سيما وأنه يزيد التوترات في منطقة متوترة بشكل عام. ونفى علاوي صحة الوثائق التي نشرت وذكرت أن العراق حث الولاياتالمتحدة على توجيه ضربة عسكرية لإيران وقال إن هذا الأمر لم يحدث على الأقل خلال فترة توليه رئاسة الوزراء بين عامي 2004 و 2005 . وقال علاوي إنه لم يطلب مطلقا من أي طرف مهاجمة إيران طوال فترة حكمه ولكنه أوضح في الوقت نفسه أنه لا يدري إن كان هذا الأمر قد حدث من قبل حكومات أخرى. ومن بين هذا الكم الكبير من الوثائق السرية خرجت بعض التسريبات الخطرة سياسياً على بكين بعد أن كشفت استعدادها لقبول توحيد الكوريتين والتخلي عن نظام بيونغ يانغ، والتي لم تعد بكين ترى فيها حليفاً مفيداً. وقالت صحيفة الغارديان أمس الثلاثاء نقلاً عن الوثائق «إن مسؤولين صينيين بارزين ابلغوا وزيراً كورياً جنوبياً سابقاً أن شبه الجزيرة الكورية يجب أن تكون موحدة تحت سيطرة سيئول، وأن الصين وضعت قيمة متواضعة على كوريا الشمالية كدولة عازلة» بينها وبين القوات الأميركية في الجنوب». واضافت الوثائق الدبلوماسية الاميركية «أن نائب وزير الخارجية الصيني هاي يافي ابلغ القائم بالأعمال الأميركي في بيجينغ أن كوريا الشمالية كانت تتصرف مثل طفل مدلل في أبريل 2009 للفت انظار الولاياتالمتحدة من خلال اجراء تجارب صاروخية». وذكرت أن وزير خارجية كوريا الجنوبية السابق تشون يونغ وو ابلغ السفيرة الاميركية في سيول كاثلين ستيفنز خلال مأدبة غداء رسمية في فبراير 2010 «أن الجيل الجديد من القادة الصينيين لم يعد يعتبر كوريا الشمالية حليفاً مفيداً أو موثوقاً به، ولن يجازف بالسماح بتجدد النزاع المسلح في شبه الجزيرة الكورية». وقالت إن السفيرة الأميركية ستيفنز «تنبأت في برقية دبلوماسية بانهيار كوريا الشمالية سياسياً بعد عامين أو ثلاثة أعوام على رحيل رئيسها كيم جونغ إيل في اعقاب انهيارها اقتصادياً، على الرغم من الجهود التي يبذلها للحصول على مساعدة الصين وتأمين الخلافة لابنه». كما اتهمت طهران على لسان المتحدث باسم الخارجية الايرانية رامين مهمانبرست موقع ويكيليكس بانه يعمل وفق مخطط غامض لزرع بذور الفرقة بين الدول الاسلامية . و دعا مهمانبرست في مؤتمره الصحافي الاسبوعي أمس الدول الاسلامية الى اليقظة من «مؤامرة غامضة « يقف وراءها اعداء الاسلام و قال إن المخططين لنشر هذه الوثائق هم اعداء الاسلام و يرمون لزرع بذور الخلاف والفرقة بين الدول الاسلامية و ينفذون مخططا يرمي الى إلقاء الخوف والرعب من ايران . واكدت وسائل اعلام ايرانية بان تقارير ويكيليكس ترمي الى نسف العلاقات بين ايران والدول الاسلامية و خاصة العربية. و نقل الاعلام الايراني عن خبراء في الخارجية الايرانية قولهم إن هناك هدفين وراء نشر المزاعم حول ايران و دول المنطقة في موقع ويكيليكس؛ الاول. نسف العلاقات بين ايران و الغرب، والثاني، التأثير على اجواء الجولة الجديدة من المحادثات المزمع عقدها الاسبوع المقبل بين ايران و دول مجموعة «5+1» حول البرنامج النووي الايراني . ولم تكتف تلك الوثائق بكشف الاسرار الخاصة بالدول حيث قال مؤسس موقع «ويكيليكس» جوليان أسانج إنه سيكشف عن عشرات آلاف الوثائق حول مصرف أميركي ضخم. ونقلت مجلة «فوربس» عن أسانج قوله إن موقعه سينشر في مطلع العام المقبل عشرات آلاف الوثائق التي تخص مؤسسة مالية أميركية ضخمة، بدون أن يذكر اسم تلك المؤسسة أو التاريخ المحدد لنشر الوثائق. وقال أسانج إن موقعه تلقى كميات هائلة من الوثائق حول القطاع الخاص وتشمل مواداً حول شركات أدوية ومؤسسات مالية أخرى وشركات طاقة بالإضافة إلى وثائق حول روسيا مشيراً إلى ان الموقع يلجأ إلى ترتيب الأولويات.