بعد الصدمة والارباك إزاء الوثائق السرية الاميركية التي بدأ موقع ويكيليكس بكشفها مساء امس، انتقلت دبلوماسيات العالم الى الهجوم المضاد منددة بمثل هذه الاساليب "المشينة" و"السيئة النية". وفي فرنسا وصف وزير الدفاع آلان جوبيه ما قام به موقع ويكيليكس بنشره هذه الوثائق بأنه "مشين" و"غير مسؤول". وامتنعت فرنسا عن تأكيد "اي كلام منسوب الى سلطات فرنسية ودبلوماسيين فرنسيين" في الوثائق المسربة واسفت "لقيام موقع ويكيليكس بكشف مراسلات دبلوماسية اميركية بشكل متعمد وغير مسؤول" معتبرة ان ذلك "من شأنه الإضرار بامكانية تسوية مسائل اساسية بالنسبة للامن ولاستقرار العلاقات الدولية وتهديد سلامة اشخاص". ووصفت احدى البرقيات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بانه "نزق ومتسلط". وقال الان جوبيه "اجد ذلك مشينا، ولا اتكلم هنا بصفتي وزيراً للدفاع ، بل مواطن"، مشدداً على "طابع السرية" الملازم "للاعمال الدبلوماسية التي تستحق هذه التسمية"، مكرراً بذلك تصريحات صدرت عن دول اخرى فضحت البرقيات خفايا علاقاتها مع واشنطن. وحملت الصدمة لكشف هذه الوثائق الدبلوماسية وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني على الاعراب عن قلقه لقيام "11 سبتمبر للدبلوماسية العالمية". اما الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الذي شبهته بعض المذكرات الاميركية بادولف هتلر، فاعتبر هذه الوثائق "بلا قيمة" واتهم الادارة الاميركية بانها "اعدت ووزعت هذه الوثائق .. كجزء من عمل استخباراتي" موجه ضد طهران. ورأى ان تسريب هذه المذكرات الدبلوماسية يخدم هدفاً "سيء النية". وتلقي الوثائق الضوء على كواليس الدبلوماسية وتكشف التوصيفات التي يطلقها الدبلوماسيون الاميركيون على شركاء واشنطن في برقياتهم التي صنفها وزير الخارجية الالمانية غيدو فسترفيلي في خانة "الثرثرة". وضم فسترفيلي صوته الى المنتقدين فاتهم اصحاب موقع ويكيليكس بالجشع. وقال الوزير الذي وصف في بعض المذكرات الاميركية بانه "غير كفؤ ومعتد بنفسه ومعاد للاميركيين"، "انها وثائق تم الحصول عليها بشكل غير شرعي ويجري استخدامها للحصول على المال". وكانت اللهجة مماثلة في لندن حيث اكد متحدث باسم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون ان بلاده ستستمر في "التعامل بشكل وثيق مع الولاياتالمتحدة". كما استبعدت افغانستان ان تضر الوثائق المسربة بعلاقاتها مع الولاياتالمتحدة بالرغم من وصف بعض المذكرات الرئيس حميد كرزاي بأنه "ضعيف" وشقيقه احمد والي بانه "فاسد ومهرب مخدرات". وفي اسرائيل اعتبر مسؤول كبير ان الدولة العبرية "خرجت بصورة جيدة جداً" مشيرا الى ان التسريبات اكدت موقف اسرائيل الرسمي الداعي الى التشدد حيال طهران. واعلن وزير الخارجية التركي احمد داوود اوغلو انه سيبحث مع نظيرته الاميركية هيلاري كلينتون في مسألة الوثائق التي يأتي بعضها على ذكره باعتباره "خطيراً". وكشفت البرقيات الدبلوماسية التي نشرها ويكيليكس ان احد مخبري الدبلوماسيين الاميركيين العاملين في انقرة وصف داوود اوغلو بانه "خطير بشكل استثنائي" محذرا من نفوذه الاسلامي على رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان. وتداركت الدبلوماسية الاميركية في الايام الاخيرة نشر الوثائق ببذلها جهودا لدى اكثر من عشر دول للحد من الاضرار. وامر البيت الابيض امس بمراجعة الاجراءات الامنية لتفادي نشر وثائق حساسة مجددا فيما اعلن وزير العدل اريك هولدر ان تحقيقا جنائيا "جار" حول نشر الوثائق السرية. واعربت هيلاري كلينتون عن "أسفها الكبير" للدول المعنية بالتسريبات. واعتبرت كشف المذكرات السرية "هجوما على المجتمع الدولي"، مشيرة الى انه "يبرز" مخاوف العالم باسره حيال البرنامج النووي الايراني. ولاحقاً قال الرئيس الاميركي باراك اوباما انه "غير مسرور" لنشر موقع ويكيليكس برقيات دبلوماسية اميركية حسب ما صرح روبرت غيبس المتحدث باسمه امس للصحافيين. وقال غيبس "يمكننا ان نقول بكل ثقة ان الرئيس لم يكن مسرورا عندما ابلغ الاسبوع الماضي بنشر قريبا" 250 الف برقية دبلوماسية اميركية.