قال الله عز وجل: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونْ). وقال الشاعر: ليدّع المدّعون العلم والأدبا فقد تغيّب "عبدالله" واحتجبا قضى الحياة ونصر الحق ديدنه لاينثني رهباً عنه ولارغبا سارت جنازته والعلم في جزع والفضل يندبه في ضمن من ندبا منذ ايام قليلة فقدنا زميلاً عزيزاً واخاً كريما هو الشاب عبدالله بن محمد ولد دادة، رحمه الله رحمة واسعة، ومنذ ان عمل معنا وهو صاحب خلق رفيع وادب جم، لم اره في يوم غاضباً من احد، بل كانت ابتسامة الرضا دائما تعلو محياه، ولاشك ان ذلك يدل على حسن ورقي المنشأ الذي عاش وتربى فيه، حيث ان الطيور الحرة لا تتربى الا في القمم العالية، وكذلك دأبه، حتى والمرض يشتد به لم يشتك من الألم؛ لأنه كان صابرا مدخراً ذلك عند الله، وقد مات عبدالله في الدنيا، لكنه حي عند ربه عز وجل فقد عرف بالشهم الكريم في زمن انعدمت فيه كثير من الصفات الحميدة، لكنه ابى أن يتخلى عنها، لانها تجري في عروقه مجرى الدم، واذكر حينما رأيت جثمانه يدفن في القبر تخيلت جبلاً شامخاً يدفن في التراب، وكأني ببياض كفنه يشع نوراً كنور البدر في الليلة الظلماء، وأني لقائل حقا ومثنياً صدقا وهو اهل لحسن الثناء وطيب البقاء، فقد عاش حميداً مودودا، ومات شهيدا مفقودا، فقد كان صغير السنٍ رفيع المقام، غفر الله له وللمسلمين واطال في عمر والديه وجزاهما خيراً. اللهم يارب السموات والارض ثبته بالقول الثابت، واوسع له في قبره، واغسله بالماء والثلج والبرد، واحشره في زمرة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام والهم والديه وذويه الصبر والسلوان.