"إن هذا التعذيب أذلّنا نحن كدولة، وبالتالي إذا لم تتمكن السلطات السعودية من معالجة هذه الحالة فسيكون من الأفضل للحكومة (الاندونيسية) أن توقف إرسال العمال الذين يعملون بالمنازل مؤقتا". العبارة السابقة قالها رئيس البرلمان الاندونيسي تحت قبة البرلمان في معرض مداخلته على حادثة تعرض خادمة اندونيسية للتعذيب في المدينةالمنورة. تحولت قصة تلك الخادمة إلى قضية رأي عام في اندونيسيا، بعد أن أضرمت وسائل الإعلام نيران الكراهية ضد السعوديين مصورة تلك الحالة الفردية كممارسة معتادة ضد مواطنيهم. حملة الشحن الاندونيسية أجبرت، بسبب حدتها المكثفة، الرسميين الاندونيسيين، وعلى أعلى المستويات، على اتخاذ مواقف تساير المزاج الشعبي والإدلاء بتصريحات شبيهة بتصريح رئيس البرلمان أعلاه. لقد تركزت معظم المطالبات سواء في الإعلام أو للسفارة السعودية في جاكرتا على ضرورة تقديم الضالعين في تعذيب الخادمة للقضاء وإنزال العقاب العادل بهم. والحق إن مطالبة الاندونيسيين بالعدالة تتطابق مع مطالبتنا نحن كحكومة ومواطنين بها. إذ إن قصة الخادمة لقيت تغطية صحفية كبيرة متعاطفة محليا، وكانت كلها تدعو للاقتصاص من معذبيها. ومعلوم أن السيدة التي كانت تعمل لديها الخادمة قد تم إيداعها السجن تمهيدا لتوجيه الاتهام لها. بل وحتى الصور المفزعة للخادمة في المستشفى تثبت حسن النية التي تعاملت به الحكومة السعودية في إثبات الاعتداء والسعي نحو الاقتصاص من الجاني. إذ كان يمكن لنا، لو كانت هناك نية لجعل الجاني يفلت من العقاب، منع تصوير تلك المسكينة والتكتم على نشر الصور والأخبار عنها. مشكلة الاندونيسيين العاملين في المملكة أنهم، في غالبيتهم العظمى، خدم منازل. بمعنى أن قصصهم سواء كانت سعيدة أو حزينة تدور خلف الأسوار مما يجعل من الصعب على أي جهة تتبع حالة كل خادمة على حدة لمعرفة نوعية المعاملة التي تحظى بها. الخطوة الأولى نحو الحل هي مطالبة السفارة الاندونيسية بإيجاد خط ساخن مجاني يخصص لاستقبال الحالات التي تتعرض للعنف ومخاطبة السلطات لمساعدتها، كما يمكن فرض نظام يجبر العاملين على الاتصال بالسفارة بعد ثلاثة اشهر من وصولهم للتأكد من حسن المعاملة. هذا في حالة كون السفارة ومن خلفها الحكومة الاندونيسية لم تكن تهدف، عبر إثارتها للموضوع من الأساس، لجني مزيد من الأموال عبر رفع تكاليف الاستقدام. يجب أن تعمل الحكومة الاندونيسية على التفكير في إيجاد الحلول لقضايا مواطنيها لا رفع صوتها والتشويش على من هم يعملون..