ربما تؤدي تحركات مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) لضخ أموال في الاقتصاد الأمريكي إلى إحياء تساؤلات عن ربط العملات الخليجية بالدولار، لكن احتمال تغيير السياسة النقدية في منطقة الخليج المحافظة المنتجة للنفط يبدو بعيدا. فمنذ فترة طويلة يقول صناع السياسة في أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم إن ربط العملة بالدولار يخدم اقتصاداتهم ما دام التضخم تحت السيطرة. وأخذ التضخم يرتفع مع استمرار تعافي الاقتصادات الخليجية الكبرى وبلغ في السعودية والكويت والإمارات أعلى مستوياته في 18 شهرا وإن كان ما زال أقل بكثير من مستوياته القياسية في عام 2008. لا عجب إذن في أن ينفي المسؤولون الخليجيون أي مخاطر على ربط العملة في المنطقة التي تعتمد اعتمادا كبيرا على الواردات وذلك رغم ضعف الدولار الذي لامس أدنى مستوى في 11 شهرا أمام سلة عملات في وقت سابق هذا الشهر نتيجة سياسات مجلس الاحتياطي الاتحادي. ومع ذلك تتوقع أسواق الصرف الآجلة الآن ارتفاع الريال السعودي بنسبة 0.3 بالمئة فقط خلال عام مقارنة مع 2.7 بالمئة في 2007 الذي شهد ذروة التكهنات بأن تضخم أسعار الواردات سيجبر المنطقة على التخلي عن ربط عملاتها بالدولار. وقال روبرت مندل الاقتصادي بجامعة كولومبيا في نيويورك الحائز على جائزة نوبل لرويترز "ينبغي أن تبقي دول الخليج على ربط عملاتها بالدولار في المستقبل المنظور". وأضاف مندل الذي أصبح في الآونة الأخيرة مستشارا لمصرف الإمارات المركزي "الحجة الوحيدة الجيدة لتغيير الربط هي إذا أصبح الدولار غير مستقر أو تراجع بصفته عملة الربط الأولى". وحذر بعض الاقتصاديين من أن أحدث محاولات الاحتياطي الاتحادي لتحفيز الاقتصاد الأمريكي من خلال ضخ 600 مليار دولار قد تؤجج التضخم وتعرض مصداقية الدولار للخطر. لكن ما دام أن ضعف الدولار يواكبه تقلب في اليورو وأن النفط المقوم بالدولار ما زال مصدر الإيرادات الرئيسي للحكومات الخليجية فإن ربط العملة بالدولار -وهو مسألة ذات حساسية سياسية لدى حلفاء الولاياتالمتحدة المقربين- يبدو أمرا آمنا. وباستثناء مخاطر التضخم فإن التكهنات بشأن ربط العملة وضعف الدولار قد تلحق ضررا بدول الخليج التي تستثمر جزءا ضخما من احتياطيات النقد الأجنبي في أصول أمريكية. وفي عام 2007 عندما ثارت التكهنات بشأن رفع سعر الصرف تدفقت أموال المضاربة على دول الخليج وهو ما جعل الكويت تخالف دول الخليج الأخرى وتتخلى عن ربط عملتها بالدولار لتستبدله بسلة عملات لكي تكبح جماح التضخم. وفي الصيف الماضي خفض مصرف قطر المركزي أسعار الفائدة لإبعاد أموال المضاربة عن الاقتصاد القطري الذي ينمو بمعدل يزيد عن عشرة في المئة خلافا لبقية دول الخليج.