الأسعار لا تتوقف عن الارتفاع كعمر الانسان مسار واحد واتجاه للأمام، حين كان المشروب الغازي "الضار بالصحة" ارتفع سعره بما يقارب 50% أي من ريال إلى ريال ونصف فهذه مرآة للأسعار، ولك أن تتابع أسعار الإيجارات والمواد الغذائية والسيارات والساعات وغيرها لا شيء يتراجع للخلف سعريا، ولكن المفارقة الأساسية في بلادنا أن الرواتب لم تتواكب ارتفاعا مع المتغيرات اليومية وحياتها، فحين ترتفع الأسعار بمتوسط 50% يفترض أن يرتفع الدخل بما يوازي ذلك، أو أن يتم توفير خدمات أساسية وحياة يومية توازي ذلك، فحين يوجد علاج طبي وتعليم جيد وسكن خاص تملكه هنا قد يرى الكثير أنه سيكتفي بدخله أو بارتفاعات محدودة، لكن ما يحدث كارثي لدينا، فالدخل لا يرتفع والخدمات تسوء أي الدخل يتآكل من ارتفاع الأسعار ناهيك عن الحياة اليومية التي تعيشها، فلن تجد علاجا طبيا لك ولأسرتك أو تعليما جيدا في مدارس حكومية أو نسميها مجازا مدارس وهي أشبه بمنازل سكنية ودور، وبيت تسكنه بالإيجار فماذا يبقى من الدخل؟ هنا يتجه للاقتراض وهنا تسوء الظروف بأكبر من سابقها. الآن كثيرة جدا رسائل المتقاعدين التي تصلني منذ زمن، حتى استوقفني أحدهم في مكان عام، وشرح لي معاناة مؤلمة لما يعيشه، فراتبه يصل إلى 1900 ريال كتقاعد وبدل غلاء يقول 90 ريالا، هذا الراتب التقاعدي لن نسأل عن معاشات التقاعد فهي تلتزم بلوائج وأنظمة وتشريعات موضوعة لها، إذاً نحن نحتاج إلى إعادة النظر ليس في الراتب التقاعدي، بل بالبنية التحتية للخدمات التي تقدم للمواطنين ، فالجميع يعرف ويدرك أن راتب 1900 ريال وبعضهم يقول لي بل يصل إلى 1200 ريال، فهل هذا راتب مواطن سعودي متقاعد؟ أم راتب سائق لعائلة سعودية والسائق ليس راتبه 1200 أو 1900 ريال بل الضعف باعتبار أن المواطن مسؤول عن سكنه وغذائه وإقامته وسفر وعودة وعلاجه حتى وإن هرب يتكفل بمصاريف تسفيره وإن لم ينجح بعد عدة أشهر أيضا سيتحمل تكلفة ذلك، إذاً المواطن السعودي راتبه كما هو السائق أو الخادمة الفلبينية التي ارتفع راتبها ليصل إلى 1200 وأكثر، وراتب 1200 أو 1900 للمتقاعد المواطن هل يمكن له أن يفي بأي شيء من متطلبات الحياة لدينا؟ فيكفي إيجار منزل لسنة في أقل الأحياء تكلفة وشعبية بالرياض مثلا لن يقل عن 12 أو 15 ألف سنويا، يعني أن الإيجار قضى على كل شيء، وحتى إن توفر له منزل وعلاج طبي كاف وجيد وتعليم لأبنائه بشكل جيد ( هذه كلها فرضيات ) لن تعني شيئاً هذه الرواتب، فلماذا لا يصنف المتقاعدون من يحصلون على راتب أقل من 4000 أو 3000 أنهم من الفقراء والمحتاجين مما يعني حاجتهم لرواتب من وزارة الشؤون الاجتماعية، وأعتذر لكل متقاعد عن هذا التصنيف ولكن لم أجد تصنيفا آخر عدا أنهم فقراء ومحتاجون، يجب أن ننظر للمتقاعد أنه بخريف العمر وليس ببداية العمر الذي قد يحدث تغيرا في حياته وقد يجد مخرجا، ولكن المؤلم ما يحدث لهؤلاء المتقاعدين والمتقاعدات من تدني دخل، ومواطنين ترتفع لديهم البطالة لتصل إلى مليون نسمة، في بلاد والحمد لله تملك 2 تريليون ريال، لكنها في النهاية لم تعن شيئاً للمواطن..