شُيد مركز الملك فهد الثقافي بمدينة الرياض ليكون نقطة التقاء حضاري ووسيلة لنشر الثقافة والإبداع للنشاطات والفعاليات الثقافية المتنوعة. وجاءت فكرة تأسيس المركز لما تتبوأه المملكة من مكانة وثراء ثقافي وحضاري مرموق في العالمين العربي والدولي، ففي أرضها كان مولد الثقافة العربية، وبزوغ نور الإسلام، الأمر الذي بلور فكرة التأسيس، فكان ظهوره للعيان منذ عشر سنوات وتحديدا في الخامس والعشرين من شهر شعبان من عام 1421ه. يهدف المركز إلى أن يكون المقر الأمثل لتنظيم واستضافة الفعاليات بشقيها الحكومي والخاص، ومنبرا شاملا مفتوحا تتفاعل داخله ومن خلاله معطيات المشهد الثقافي المعاصر، وتقام عبره الفعاليات الأدبية والفنية والإعلامية والتربوية والاقتصادية والصحية والتعليمية بمختلف أشكالها من محاضرات وندوات ومؤتمرات ومعارض ولقاءات وورش عمل. ويطمح المركز أن يجعل من نفسه بوابة للحراك الثقافي المحلي ونافذة إعلامية للتفاعل مع مختلف النشاطات، ولتوثيق الصلات والعلاقات مع المراكز والمؤسسات المشابهة في العالم ذات الطابع الثقافي والإعلامي داخل المملكة وخارجها، إلى جانب استضافة الفعاليات ذات الاهتمامات التنموية والثقافية التي تخدم قطاع الشباب والمرأة والطفل ورعاية الموهوبين وذوي الاحتياجات الخاصة. يأتي ذلك في الوقت الذي يشهد فيه المركز العديد من الفعاليات المحلية والاقليمية والعربية والعالمية ومتزامنا مع إصدار المركز العديد من المطبوعات التعريفية باللغة العربية والإنجليزية وكتيب خاص عن قاعة الاحتفالات الكبرى وكتيب عن القبة الفلكية، وكتيب لقاعة الندوات والمحاضرات. يقول وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة عن هذا المركز "لقد أصبح مركز الملك فهد الثقافي أحد أبرز معالم العاصمة الرياض الثقافية والحضارية، فأبوابه مشرعة وإمكانياته متاحة لكل الفعاليات والنشاطات التي تستقطب المبدعين في مختلف مجالات الفكر والأدب والفنون، التي بدورها تدفع بالشأن الثقافي إلى فضاءات أوسع وعطاءات أفضل تتواكب مع تطلعات مثقفينا ومبدعينا". د. خوجة: المركز بات أحد أبرز معالم العاصمة الرياض الثقافية والحضارية وأشار د. خوجة إلى أن المركز منذ أن انضم لقطاعات وزارة الثقافية والإعلام مطلع عام 1424ه / 2003م وهو يشهد حركة دائبة من الفعاليات التي استضافها والزيارات التي استقبلها سواء المحلية منها أو العربية أو العالمية. وقال "والوزارة -بإذن الله- وبدعم ورعاية الدولة ماضية في جعل المركز بوابة للحراك الثقافي المحلي ونافذة عالمية للتفاعل مع نشاطات الشعوب الشقيقة والأمم الصديقة، من خلال فعاليات الأسابيع والأيام الثقافية التي ستستضيفها المملكة وسيكون لهذا الصرح الشامخ دور في احتضانها وإبرازها للمتلقي والمثقف السعودي الذي يؤمل منه الإسهام الفعلي في إثراء المشهد الثقافي المحلي بكل جديد ومفيد يتواكب مع روح العصر في ظل ثورة المعلومات والاتصالات المتوجة بالعولمة وحوار الحضارات، ذلك الحراك المنشود يعضد حركة التنمية الشاملة التي تشهدها مملكة الإنسانية في مختلف مرافق الحياة في ظل قيادتنا الحكيمة". صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن سلطان بن عبدالعزيز مساعد وزير الثقافة والإعلام عدّ مركز الملك فهد الثقافي منارة ثقافية ومعرفية تضطلع بمهام إنتاج الثقافة والمعرفة التنويرية ونشرها بين مرتاديها وزوارها، مبينا أن المراكز الثقافية المنتشرة في العالم أضحت معالم بارزة للدول والبلدان. وأضاف سموه قائلاً: "ومركز الملك فهد الثقافي الذي مضى عقد على افتتاحه يعد أحد هذه المراكز حيث أسهم منذ افتتاحه في نشر الثقافة والمعرفة وذلك من خلال العديد من الزيارات والبرامج والأنشطة التي استقبلها واستقطبت بدورها شرائح المجتمع من رجال ونساء وشباب وأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة". وأكد سموه أن المركز أصبح مفخرة للحركة الثقافية والأدبية السعودية، موضحا أن الوزارة -بإذن الله- ستكثف جهودها لخدمة ورعاية هذا الصرح الثقافي الشامخ من حيث تطويره وتوفير كافة الوسائل والإمكانيات التي تكفل له القيام بدوره وتحقيق أهدافه وظهوره دائماً على أكمل وجه. وقال سموه "كما ستضع الوزارة آلية لتفعيل دوره الريادي في تنظيم البرامج الثقافية المتنوعة التي تستقطب المبدعين والمفكرين في مختلف المجالات، وهذا الإسهام يعضد حركة التنمية ويخدم المجتمع ويحقق أهم الأهداف التي أنشئ المركز من أجلها". كان افتتاح المركز متزامنا مع احتفاء المملكة باختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية لعام 2000م، وكآخر الفعاليات في برامج هذه المناسبة التي كان ختامها مسكاً، تَكَرَّم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود (ولي العهد آنذاك) بافتتاح مركز الملك فهد الثقافي يوم الثلاثاء 25/8/1421ه الموافق 21/11/2000م، بمشاركة وزراء الثقافة والإعلام العرب، الذين عقدوا اجتماعهم الثاني عشر في الرياض. الأمير تركي بن سلطان: هذا الصرح مفخرة للحركة الثقافية والأدبية السعودية ويتخذ المركز موقعاً مميزاً في قلب المملكة العربية السعودية وسط شبه الجزيرة العربية التي انطلقت منها الرياض من أجل أن تتبوأ مكانتها التي تليق بها لتكون مدينة شامخة، وشاهدة للحراك الثقافي والفكري جنباً إلى جنب مع النمو الحضاري والاقتصادي، فجاء مركز الملك فهد الثقافي ليكون واحداً من أبرز الأوعية الحاضنة لذلك الحراك، وبموقع المركز على الحافة الشرقية لوادي حنيفة الذي شهد عصوراً من تاريخ هذه الجزيرة الأصيل، وعلى أجمل المناظر الطبيعية المحيطة بمدينة الرياض. صُمم المركز بأحدث فنون العمارة، وتقنية تجهيزاتها، فهو يمثل درة من درر العمارة الإسلامية، لذا أصبح أحد أهم المعالم الثقافية والحضارية في المملكة، ويضم مدرجات تزخر بالصخور الطبيعية والنباتات البيئية والنوافير الجميلة لتحقيق الانسجام مع محيطه الجغرافي. ويوجد بجانب المبنى مواقف للسيارات تستوعب أكثر من (1000) سيارة، ومواقف لذوي الاحتياجات الخاصة، ومواقف سيارات الخدمات، ورصفت المنطقة الخارجية على مساحة (6000)م2 لتكون ساحة جاهزة لإقامة الاحتفالات والمهرجانات والمعارض المفتوحة. وللمركز ثلاثة مداخل الأول لكبار الشخصيات ومنه إلى المجلس في الدور الأول، وعبر القنطرة التي تقطع البهو الرئيسي يمكن الوصول إلى كافة أقسام المركز. والمدخل الثاني خصص للجمهور ويؤدي إلى البهو الرئيسي الذي تتصدره الآيات الكريمة "الرَّحْمَنُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ. خَلَقَ الْإِنسَانَ. عَلَّمَهُ الْبَيَانَ. الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ. وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ" ويتوسط البهو الرئيسي صورة بورتريه لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله تقابلها لوحة تشكيلية زجاجية ضخمة يتوسطها عَلَم المملكة. المدخل الثالث للموظفين والفنيين والخدمات المساندة، إضافة إلى العديد من مخارج للطوارئ. البهو الرئيسي وهو يؤدي إلى قاعة الفنون التشكيلية وقاعة المحاضرات والقبة الفلكية وقاعة الاستقبال والاستراحات وقاعة الطعام، ومكاتب الإدارة وغرف الخدمات. وللمركز ثلاثة أدوار، لكل دور مهمة متخصصة فالدور الأول يحتوي على قاعة استقبال كبار الشخصيات ثم إلى القاعة الكبرى وقاعة الندوات والمكتبة، والدور الثاني يشتمل على القاعة الكبرى وقاعة الندوات، والمتحف، إضافة لقاعة متعددة الأغراض وبعض المكاتب الإدارية. أما الدور الثالث فهو لغرف الممثلين وللتمارين المسرحية والزينة، وعدد من مستودعات المناظر الخلفية ومستلزماتها، إضافة إلى المطعم. مركز الملك فهد الثقافي لغة الأرقام تكشف أن مساحة المركز تبلغ (100.000) متر مربع، ومساحة البهو (2000) متر مربع، وعدد مقاعد القاعة الكبرى (3000) مقعد ومساحة خشبة القاعة (1800) متر مربع، وعدد مقاعد قاعة الندوات (480) مقعداً، وعدد مقاعد قاعة المحاضرات (350) مقعداً، والقبة الفلكية لها (208) مقاعد، كما تبلغ مساحة المكتبة (850) مترا مربعا. يتميز البهو الرئيسي في مركز الملك فهد الثقافي بأنه واسع ويحوي أغراضا متعددة من الفنون، وتمت تهيئته ليكون فسيحا للمعارض التشكيلية والفوتوغرافية وغيرها، فإضافة إلى قاعة الفنون التشكيلية هناك القبة الفلكية وقاعة المحاضرات وقاعات كبار الشخصيات والقاعة الكبرى وقاعة الندوات والمكتبة والمتحف إضافة لغرف الخدمات المساندة معدة بنظام عزل الصوت. ونظرا لما يتميز به المركز من عمارة مبتكرة، كان لابد من الإبداع في زواياه وتجويفاته الداخلية حيث زُيَّن بأحواض للمياه والأشجار الداخلية والخارجية، وربط المركز بغرفة خاصة للتحكم بدرجة الحرارة والرطوبة داخله، إلى جانب السلالم ذات النمط المعماري الفسيح التي تؤدي إلى أقسام ومرافق المركز المختلفة. ولأن المركز من أهدافه الرئيسة احتضان الفعاليات الفنية ومن بينها الفنون التشكيلية وضعت قاعة خاصة بهذا الفن مكونة من عدة قطاعات فسيحة مهيأة معمارياً لاستضافة مراسم ومعارض هذا الفن، وقد صممت القاعة على شكل منحدرات انسيابية لتتيح للزوار التنقل من خلالها بسهولة أثناء إقامة المعارض والمراسم التشكيلية. ما يلفت النظر في مركز الملك فهد الثقافي هو وجود القبة الفلكية التي تتيح مشاهدة الأجرام السماوية والكواكب والنجوم وسط قاعة وزعت مقاعدها بطريقة دائرية، لتمكن المشاهدين من متابعة العروض الفلكية بكل يسر وسهولة، ويبلغ عرضها المصنوع من الشرائح المعدنية ثمانية عشر متراً، والشاشة التي تتوسط جهاز العرض الرئيسي زودت ب (208) مصابيح إضافية و(44) جهاز إسقاط مساند لتحديد مواقع النجوم والمجرات. اهتم المركز بانشاء قاعات تحتضن الفعاليات الرجالية والنسائية، فتم إيجاد قاعة خاصة للمحاضرات عبر البهو الرئيسي وبوابة خاصة بالسيدات، وتم تجهيز القاعة بوسائل تقنية حديثة لنقل الترجمة الفورية بثلاث لغات بجهاز لاسلكي يعمل بالأشعة تحت الحمراء، وتضم غرفة للتحكم الصوتي والإضاءة والصورة والإسقاط تدار آلياً. ويضم المركز بين جنباته مجالس متعددة لكبار الشخصيات معدة لاستقبال ضيوف المركز أثناء الفعاليات والزيارات. إحدى العائلات الأجنبية خلال حضورها عرضاً سينمائياً كما يضم الاستديو التلفزيوني في القاعة الكبرى استديو متكامل التجهيزات وسبع كاميرات ثابتة ومتنقلة، تمكنه من نقل فعاليات المركز تلفزيونياً على الهواء مباشرة. وتعد قاعة الاحتفالات الكبرى من أضخم قاعات العروض، سواء من حيث المساحة أو طريقة التصميم وهي مُجهزة بالوسائل السمعية والبصرية والصوتية ذات الجودة الفائقة، وتسمح هذه التجهيزات المتخصصة بمتابعة ونقل الفعاليات والعروض بدقة، ولها عدة مداخل للجمهور، ومدخل خاص بكبار الشخصيات، بالإضافة إلى مخارج الطوارئ، وتبلغ مساحة خشبة القاعة (1800) م2، عليها سبع عربات (منصات) متحركة لتغيير الديكورات حسب متطلبات كل عرض، وفي مقدمتها منصتان متتاليتان مخصصتان للأوركسترا مصممتان على شكل قطاع دائري يمكن التحكم في خفضهما ثلاثة أمتار عن بقية الخشبة ويوجد في القاعة العديد من الستائر، منها: ستارة مقدمة خشبة القاعة التي تعد تحفة فنية رائعة، أما ستارة الأمان، التي يبلغ عرضها (33) متراً وارتفاعها (13) متراً، فهي تنزل آلياً خلال ثلاثين ثانية في حالة حدوث حريق -لا سمح الله- لعزل الخشبة عن مقاعد الجمهور. على الصعيد ذاته تزخر مكتبة المركز بالعديد من الكتب العربية والأجنبية في فنون مختلفة ومتعددة وتبلغ طاقاتها الاستيعابية المستقبلية (30.000) كتاب، وسط قاعة زودت بإضاءة غير مباشرة ومقاعد مريحة، تستوعب ثمانين قارئاً في وقت واحد. ولأن المركز يعنى بالجانب الحضاري للمملكة كان لابد من وجود متحف يحكي مسيرة الحضارة التي مرت بشبه الجزيرة العربية، فكان ذلك في الدور الثاني حيث المتحف الذي يعرض نماذج تراثية من تاريخ الحضارات المتعاقبة على الجزيرة العربية، خصوصاً الإسلامية مثل عصر صدر الإسلام والعصرين الأموي والعباسي وبعض الدول والإمارات الإسلامية، وصولاً إلى الدولة السعودية بمراحلها الثلاث، ويعرض المتحف أيضاً بعض المسكوكات النقدية العربية والإسلامية.. ويضم خزائن عرض للمقتنيات الأثرية رُوعيت فيه الإضاءة غير المباشرة على كافة الجوانب. واحتضن المركز العديد من الفعاليات والمناسبات والنشاطات والمحاضرات والمؤتمرات وغيرها حيث ضم المركز إلى جانب ذلك مؤتمرات بلغ تعدادها حتى الآن ما يزيد على 40 مؤتمرا وما ينيف عن 66 مهرجانا وما يزيد عن 120 فعالية أدبية وثقافية وتشكيلية ومسرحيات. وأقيم في المركز الأيام الثقافية لبعض الدول وشهد العديد من الزيارات من كبار الشخصيات في الدول الإقليمية والعربية والعالمية، وتفيد الإحصاءات أن عدد زوار المركز منذ افتتاحه وحتى نهاية عام 1430ه بلغت أكثر من 40 ألف زيارة، حيث بلغ عدد كبار الزوار ضيوف المملكة 700 شخص في 75 زيارة وعدد الزوار من السلك الدبلوماسي المعتمد لدى المملكة 450 سفيرا وقنصلا ومرافقين، وكان عدد الزوار من الداخل من وزراء ومسئولين ومثقفين ما يربو عن 1370 شخصا، وبلغ عدد الزوار من المؤسسات التعليمية للمركز أكثر من 30 ألف زائر بين طلاب مدارس وأكاديميين ومشرفين تربويين وما يزيد عن 7 آلاف طالبة ومعلمة وأكاديمية. صالة العرض السينمائي