ما أكثر الأحداث والمواقف التي تظل مطبوعة في ذاكرة كل من شرف بالعمل خلال موسم الحج من رجال الدفاع المدني. وقد عملت ضمن قوات الدفاع المدني بالحج على مدار أحد عشر عاماً مديراً لشؤون الحج، وشاهدت من موقع المسؤولية قيادات الدفاع المدني وهم يصنعون الخطط بكل دقة وتنظيم لحماية أمن وسلامة ضيوف الرحمن، ولعل من المواقف التي لا زلت أتذكرها لصعوبتها حادث «نفق المعيصم» والذي راح ضحيته عدد كبير من الحجاج، الذي أشار الفريق «هاشم عبد الرحمن» قائد الدفاع المدني وقتها بتشكيل فريق من الأطباء ورجال الدفاع المدني، للبحث عن أحياء بين الحجاج الذين توفوا بسبب هذا الحادث، حيث سجلت تفاصيل هذا الموقف في ورقة صغيرة، وبعد انتهاء أعمال الحج تم عقد اجتماع للتباحث حول أسباب الحادث، وفوجئت بالفريق «هاشم بن عبد الرحمن» يطلب مني المعلومات التي قمت بتسجيلها في الورقة، ولأن هناك وكالات أنباء عالمية بثت تقارير مغلوطة تتهم المملكة بالتقصير في عملية البحث عن أحياء بين الضحايا، وكانت هذه الورقة والتي شملت أسماء فريق البحث من الأطباء ورجال الدفاع المدني والأمن العام ووزارة الصحة، بما تضمنته من بيانات حول عمل الفريق كفيلة بالرد على هذه المزاعم، فقد تأكدت ضخامة الجهود والإمكانات التي تقدمها المملكة للحفاظ على سلامة ضيوف الرحمن، وتكامل خطط الأجهزة المشاركة في أعمال الحج ومنها الدفاع المدني، في ظل التطور الكبير في تقنيات الاتصالات والمعلومات والقنوات الفضائية التي تقدم للعالم صورة حقيقية مشرفة لأداء رجال الدفاع المدني والأجهزة الأمنية، حتى أصبحت تجربة المملكة في الحج تدرس في أكبر الجامعات والمعاهد باعتبارها نموذجا لإدارة الحشود الكبيرة.