رغم ظهور العديد من القنوات الفضائية الغنائية إلا أن ذلك لم يساهم في عودة الجيل المميز من الملحنين الرائعين أمثال سراج عمر وغازي علي وطلال باغر ومحمد شفيق وغيرهم من الأسماء التي قدمت الأعمال الموسيقية الرائعة التي تغنى بها العديد من الفنانين بل وتجاوزت إبداعاتهم الموسيقية المحيط المحلي فقدموا ألحانهم البديعة إلى فنانين عرب مشهورين. إن من يستعرض أسماء مُلحني هذه الأيام سيجد سيطرة أسماء جديدة ظهرت في سماء الأغنية، وهذه السيطرة ليست ناتجة عن إبداع وتميز بقدر ما هي ناتجة عن قدرة هؤلاء الجدد على استجداء الشعراء الأثرياء والركض خلفهم وتلحين كلماتهم في أسلوب "تسوّل" مكشوف لا يليق بمكانة الفنان، ولعلّ هذا هو سبب انسحاب الملحنين الكبار عن الساحة الغنائية، وذلك لأنهم ببساطة لا يجيّدون فن التسوّل الذي يجيده "الدخلاء"!. بهذا الأسلوب أصبح ل"الملحن المتسوّل" القدرة على فرض ألحانه على من يشاء من الفنانين ومتى ما شاء حتى لو كانت ألحاناً سيئة و"فاسدة" ذوقاً وبناءً. إن غياب الأسماء الكبيرة في عالم التلحين رغم وجود الكم الكبير من القنوات الغنائية الفضائية يثير أكثر من تساؤل؛ فهل من المعقول عدم وجود شركة إنتاج واحدة تعيد التوهج لهولاء المبدعين وتنقذهم من معادلة "التسوّل" التي تسيطر على السوق الغنائي الحالي؟. المؤسف أنه حتى كبار المطربين أصبحوا ينساقون ل"الملحن المتسوّل" الذي أصبح المال أكبر همه بغض النظر عن الإبداع. الأمر الذي جعل الساحة الغنائية أشبه بملاه ليلية بسبب سوء الكلمات المغناة أو الألحان الراقصة التي يصنعها عديمو الموهبة، واكتملت المصيبة بالفيديو كليب، ولم يعد هناك مساحة للأغنيات الطربية ذات الكلمات الجميلة والتي تعطي المستمع مساحات هائلة من الرومانسية والمشاعر الحقيقية. إن استمرار سيطرة هؤلاء الملحنين "المتسوّلين" على عالم الأغنية اليوم يُنذر باستمرار الكارثة ويُساهم في اختفاء المزيد من الملحنين الحقيقين والمبدعين.