في خضم الأحداث المتسارعة التي تنطبع على المشهد العراقي وعلى جميع الاصعدة السياسية والامنية ، خاصة بعد تفجير الكنيسة والتي أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا الابرياء، إضافة للدعوة الكريمة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز للقيادات العراقية للاجتماع في الرياض من أجل تحقيق مصالحة عراقية بين كافة القيادات والفصائل تستهدف إنهاء الخلافات وتهدئة الأوضاع وصولا إلى عراق آمن ومستقر بإذن الله تعالى , حول هذه المحاور ومحاور أخرى هامة كان لنا هذا اللقاء مع الدكتور صالح المطلك رئيس جبهة الحوار الوطني. * كيف تقيمون دعوة خادم الحرمين الشريفين للقيادات العراقية للاجتماع في العاصمة السعودية الرياض بعد الحج؟ - مبادرة نابعة عن حرص شديد من رجل نبيل طالما تميز بحكمته العالية وسعة أفقه وحرصه على مستقبل الأمة العربية والأمة الإسلامية. واتمنى أن تحظى هذه المبادرة بدعم عربي واسلامي ودولي يتناسب وحجم المخاطر التي تحيط بالعراق كما اتمنى من القادة السياسيين في العراق ليس فقط ان يلبوا هذا النداء وإنما يذهبون بعقول منفتحة وقلوب واسعة ومتسامحة تؤدي بالنتيجة الى خلق أجواء حقيقية لمصالحة وطنية شاملة وتخرج العراق من الوضع المأساوي الذي يعيش فيه . * هل حكومة الشراكة الوطنية والتي تنادون بها قادرة على إحداث تغيير في البلاد وكما تأملون , لاسيما أن العراق يعيش بين ناري إيران من جهة وأمريكا من جهة اخرى؟ - واضح أن الوضع بالعراق لم يعد سهلا والتنبؤ بعودة العراق الى الاستقرار التام في المرحلة القادمة قد يكون مصاحباً للكثير من التفاؤل وكلنا نعلم أن حكومة من هذا النوع ستقلل ربما الضرر المحتمل على العراقيين في حالة عودة نفس الشخصيات السابقة إلى الحكم مرة ثانية وانفرادهم بالسلطة بطريقة دكتاتورية وفرض الامر الواقع وسيصاحبها الكثير من البطش المفرط لذلك تبقى حكومة الشراكة الوطنية مهمة وضرورية بهذه المرحلة . المملكة عضو مهم وأساسي في الجسم العربي .. والملك عبد الله يلعب دوراً كبيراً في تحقيق الوئام الوطني بالعراق * كيف يتم تحقيق الرفض التام للإرهاب والطائفية والمحاصصة والفساد في الجسد العراقي من وجهة نظركم؟ - لا حل لهذا الموضوع الا بنمو المشروع الوطنى الكبير بعيدا عن الطائفية وهو مشروع قادر على أن يحقق الاغلبية داخل البرلمان أو مجلس النواب العراقي. * هل محاولات الاختراق التي تقوم بها بعض الجهات في جسد الكتلة العراقية ومحاولاتهم استبعاد سيادتكم كشريك رئيسي في التحالف سيؤدي هذا الأمر لنسف العملية السياسية بأكملها؟ - الكل يعرف ثقل جبهة الحوار الوطني التي أنا جزء منها في العملية السياسية الحالية وتغيير ماهي عليه قد انتهى لأنها بالاساس بنيت على اساس طائفي وهي تسير باتجاه خاطئ وتقود البلاد الى احتمالات الفوضى وعدم الاستقرار وحتى عدم الاحترام ولكنني لا اتمنى ان ينزلق البلد لا قدر الله حتى لو بقيت مستبعدا. * المالكي وكما هو معروف لدى الجميع دأب على اتهامكم بتخريب العملية السياسية في العراق وذلك بالعزف المكشوف على وتر الطائفية، هل هذا الامر يعني استمرار التأزيم في المشهد السياسي العراقي؟ - بالتأكيد العزف على الطائفية سيعقد المشهد السياسي العراقي وهذه الورقة تعتبر دليلاً واضحاً لخلق الفتنة في المجتمع العراقي، وهي مرض ومن يتمسك بها هو مريض ولا يمكن أن يقود أو يرأس بلداً لأن البلد يقاد من قبل الناس الأصحاء . * بالرغم من إنهاء علاقتكم بحزب البعث وانفصالكم عنه منذ 1977 إلا أن خصومكم لايزالون يستخدمون هذه الورقة ضدكم؟ - خصومنا يستعملون هذه الورقة وأوراق مشابهة ضد كل الخصوم السياسيين , هم يعرفون جيدا ان هذا الاتهام باطل ولكن يقصدون من ذلك الابعاد من العملية السياسية لكى يزيدوا من حجمهم الانتخابي لكن مع كل هذا كانت هناك ردة فعل انتقامية من العراقيين تبلورت في الانتخابات ضد من قام بهذا الإجراء . العراق يعاني من جرح كبير ويحتاج إلى اصطفاف وطني لمعالجته .. وإلى مشاركة جميع العراقيين في العملية السياسية * تقرير ويكليكس لماذا لم يظهر إلا في هذا الوقت تحديداً؟ - تقرير ويكيليكس بغض النظر عن التوقيت للتقرير فهو يشير الى جرائم كبيرة اتخذت ضد العراقيين ومن واجب المنظمات الدولية والمجتمع الدولي أن يأخذها بمحمل الجد وان يحاكم القائمين بها خصوصا فى ظل تسييس القضايا العراقية وعدم حياديتها .وأنا أحيي هؤلاء الذين قاموا بهذا التقرير على جهودهم وتضحيتهم لجمع 400000 وثيقة . * هل يمكن القول إن ايران يمكنها أن تنجح في مساعيها لتأسيس حلف شرق أوسطي جديد وماهي قراءتك لهذا الحلف إن تم؟ - ايران اليوم متنفذة بالعراق الى حد انها لاتحتاج الى أي حلف خصوصا فى ظل الموقف العربي الضعيف والموقف الامريكي المهرول للامام .لكن يجب ان لا يستبعد ان ايران ستسعى في الاخير لتشكيل حلف من هذا النوع ليتسنى لها أن تنشر مشروعها القومي الطائفي في الشرق الاوسط. * كيف يمكن مواجهة الاطماع الايرانية في العراق؟ - بدعم المشروع الوطني العراقي الذي يقف بشدة ضد المشروع الطائفي . وبوجود صف عربي موحد ضد المشروع الطائفي الذى يعتبر سرطاناً يسفك بالمنطقة كلها اذا ما استشرى بالعراق لكن هذا الامر لا يحصل بالتمني فقط بل يحتاج الى جدية واستعداد بالتضحية بالمال والجهد للوقوف ضد هذا المشروع الطائفي . * هل ترون مشاركة البعثيين في القرار السياسي أمراً يمكن تحقيقه؟ - أنا مؤمن أن جميع العراقيين يجب أن يكونوا مشتركين بالعملية السياسية وإقصاء أي جهة سيكون له أثر سلبي وخصوصا ان العراق يعاني من جرح كبير بحاجة الى اصطفاف وطني لمعالجته ولكن بظل وجود شخصيات انتقامية وثأرية يصبح من الصعب تحقيق هذا الموضوع ونتمنى من الاخوة السياسيين ان ينسوا الماضي ويتوجهوا الى بناء البلد عن طريق جمع الفرقاء بعملية سياسية تستطيع أن تنتشل البلد من هذا الوضع المؤلم . * كيف تنظرون لعلاقتكم مع السعودية خاصة وان الملك عبدالله يولي الملف العراقي جل اهتمامه؟ - المملكة العربية السعودية جزء كبير وأساسي في الجسم العربي وعودة العراق إلى الحضن العربي قضية اساسية في عودة استقراره وقوته . والملك عبد الله بن عبد العزيز شخصية كبيرة وممكن أن يلعب دوراً كبيراً فى تحقيق الوئام الوطني بالعراق والعمل على استقطاب عربي قوي أمام النفوذ الايراني، وهذا الموضوع لن يتحقق الا بدعم المشروع الوطني العراقي البعيد عن الطائفية والعرقية . إيران متنفذة بالعراق ولا نستبعد قيامها بتشكيل حلف تنشر من خلاله مشروعها القومي الطائفي في الشرق الأوسط * التطرف الديني في العراق كيف يمكن مواجهته وماهو موقفكم من القضايا المذهبية والطائفية في العراق والعالم العربي؟ - مرة اخرى لا يمكن إنهاء التطرف الديني بالعراق الا بمشروع وطني يقف امام النفوذ الايراني الذي اصبح واضحا انه المغذي الاساسي للطائفية بالعراق ومرة اخرى ان هذا المشروع الذى نتكلم عنه المشروع الوطني يعاني من صعوبات كبيرة بسبب وجود تدخلات خارجية تحاول إجهاضه عن طريق دعم المشروع الطائفي وغياب الدعم العربي لهذا المشروع . * ماهو تعليقكم على موضوع الكنائس والعنف ؟ - إن استهداف المسيحيين بالعراق أمر مهين ومخجل ويحاول أن يقضي على هذا التلون الوطني بالعراق بتهجيرهم. لكن أود أن أشير الى أن الاستهداف اليوم هو ليس للمسيحيين فقط بل لكل الوطنيين العراقيين الذين يرمون الى عراق موحد متجانس ومنسجم يحترم كل الاديان والطوائف ولا يقبل بتسيد حزب معين على الطوائف أو الأحزاب الأخرى، ولذلك فإن المأساة التي وقعت على المسيحيين وقعت على كل العراقيين على مدار الفترة الماضية.