قال مسؤول أمني إن اليمن بدأ امس الثلاثاء عملية عسكرية واستخباراتية كبيرة للعثور على صانع قنابل سعودي من أعضاء تنظيم القاعدة يعد المشتبه به الرئيسي في هجوم فاشل لإرسال طردين ناسفين للولايات المتحدة. وأضاف أن هدف العملية في محافظتي مأرب وشبوة هو القبض على إبراهيم عسيري وكذلك رجل الدين المتشدد أمريكي المولد أنور العولقي المطلوب القبض عليه في واشنطن لصلته بتنظيم القاعدة. ووجهت المحكمة الجزائية اليمنية المتخصصة في شؤون الإرهاب الثلاثاء رسميا وللمرة الاولى تهمة الانتماء للقاعدة والتحريض على قتل الاجانب الى العولقي حسبما افاد مراسل وكالة فرانس برس. واتى ذلك في اطار الجلسة الاولى لمحاكمة ثلاثة اشخاص بينهم العولقي، في قضية مقتل مهندس فرنسي الشهر الماضي بالقرب من صنعاء. وهي المرة الاولى التي يتهم فيها العولقي رسميا في اليمن بالانتماء للقاعدة وبالتحريض على قتل اجانب. وقد اكد الادعاء العام ان القاتل المفترض الذي مثل لوحده امام المحكمة، تم تحريضه طوال اشهر من قبل رجل الدين المتشدد انور العولقي المطلوب لدى واشنطن. القاعدة أرسلت «طرداً تجريبياً» إلى شيكاغو سبتمبر الماضي ووجهت المحكمة الى هشام محمد عاصم وانور العولقي (غيابيا) وقريبه عثمان العولقي (غيابيا) تهمة "تشكيل عصابة مسلحة للقيام بأعمال اجرامية واستهداف الاجانب ورجال الامن تحت مسمى تنظيم القاعدة". ووجهت الى المتهم الاول عاصم تهمة قتل المهندس الفرنسي جاك سبانيولو وجرح مقاول بريطاني آخر بينما اتهم انور العولقي شخصيا "بالتحريض على قتل الاجانب ورجال الامن". كما ذكر بيان ممثل الادعاء العام ان عاصم تم تحريضه من قبل العولقي طوال اشهر عبر البريد الالكتروني، على قتل الاجانب، الى ان استهدف الفرنسي والبريطاني في السادس من تشرين الاول/اكتوبر في مقر فرع مجموعة "او ام في" النمسوية حيث كان يعمل حارسا. ووجهت ايضا الى المتهم الثالث عثمان العولقي تهمة التحريض على قتل اجانب. ولدى استجوابه من قبل القاضي محسن علوان، انكر المتهم الاول هشام عاصم التهم الموجهة اليه جملة وتفصيلا وادعى انه تعرض للتعذيب اثناء الاستجواب. كما طالب المتهم باحضار محام له. واجل القاضي المحاكمة الى السبت القادم في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر. وكانت وزارة الخارجية الفرنسية دعت في اعقاب الحادثة عائلات الفرنسيين المقيمين في اليمن الى مغادرة هذا البلد بسبب تدهور الوضع الامني. من ناحية اخرى اعلنت واشنطن ان تنظيم القاعدة اجرى في ايلول/سبتمبر تجربة لارسال طرود الى شيكاغو ضبطتها السلطات الاميركية بينما عززت الحكومات الغربية الاجراءات الامنية في قطاع الشحن. وشملت الاجراءات الامنية الجديدة منع طائرات الشحن القادمة من اليمن من الهبوط في مطارات عدة، في خطوة رأى فيها اليمن "عقابا جماعيا". وصرح مسؤول اميركي لوكالة فرانس برس ان السلطات الاميركية اعترضت طرودا مرسلة من اليمن الى شيكاغو منتصف ايلول/سبتمبر. وقال هذا المسؤول ان الطرود التي ضبطت في ايلول/سبتمبر وارسلها تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية كانت تحوي خصوصا كتبا دينية وقرص صلب لجهاز كمبيوتر، لكن لم يكن فيها متفجرات. ويؤكد المسؤول الاميركي بذلك معلومات بثتها شبكة التلفزيون الاميركية "اي بي سي نيوز". واضاف "في تلك الفترة اجرينا تحقيقا بالتأكيد ونظرا لمعرفتنا باهتمام المجموعات الارهابية بالطيران، نظرنا في امكانية ان يكون القاعدة في الجزيرة العربية يدرس الجانب اللوجستي لنظام الشحن". واوضح ان "الطرود ضبطت عند مرورها بالترانزيت وتم تفتيشها". وتابع "عندما سمعنا بالتهديد الخطير الاسبوع الماضي تذكرنا الحادث" مؤكدا ان "رد فعل حكوماتنا كان سريعا جدا". وكان ديك كلارك المسؤول السابق في مكافحة الارهاب في البيت الابيض قال للشبكة الاميركية ان "القيام بتجارب امر مهم لتنظيم القاعدة". واضاف "في هذه الحالة المحددة، كانوا يريدون اختبار الطرود باستخدام نظام متابعة لمعرفة وقت وصولها الى مكان ما بدقة وكيف يمكن ضبط جهاز التوقيت لتنفجر القنبلة في المكان المناسب، ربما فوق شيكاغو". واوضح ان وكالات الاستخبارات الاميركية تتابع منذ اكتشاف الطرود في ايلول/سبتمبر، الاهتمام الذي يوليه تنظيم القاعدة لمدينة شيكاغو بالتحديد. وفي الوقت نفسه، فرضت حكومات غربية اجراءات امنية مشددة على قطاع الشحن بينما اعلن اليمن تطبيق "اساليب تفتيش غير اعتيادية" على الشحنات الخارجة من مطاراته. وقررت واشنطن من جهتها ارسال خبراء الى هذا البلد لتحسين اجراءات امن الشحن الجوي. واوضح جون بيستول رئيس الادارة الاميركية لسلامة وسائل النقل لشبكة سي بي اس التلفزيونية، ان هؤلاء الخبراء سيتولون مهمة تدريب وتجهيز عناصر الامن المكلفين تفتيش الحمولات المعدة للشحن الى الولاياتالمتحدة، في مطار صنعاء. وفي لندن، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بعد اجتماع لمجلس الطوارىء الوزاري (كوبرا) ان التهديد الكبير الوافد من اليمن "تضاعف". وصرح كاميرون امام مجلس العموم ان "انتقال الجهاز (الذي يشكل قنبلة) من اليمن باتجاه الامارات العربية المتحدة ثم المانيا فبريطانيا والولاياتالمتحدة يظهر المصلحة في تآزر العالم اجمع لمواجهة هذه المشكلة". وقد اعلنت بريطانيا الاثنين تعليق كل الشحن الجوي القادم من الصومال، موسعة بذلك قرارها عدم استقبال الشحن الجوي القادم من اليمن. كما منعت هولندا الاثنين طائرات الشحن القادمة من اليمن من الهبوط في اراضيها بينما علقت كندا دخول جميع طائرات الشحن الاتية من اليمن. وكانت المانيا اعلنت من قبل انها لن تستقبل اي رحلة قادمة من اليمن. وعبر اليمن الثلاثاء عن "اسفه واستغرابه" لقرار المانيا، معتبرا انه "عقاب جماعي". وقال متحدث رسمي في تصريح نقلته وكالة الانباء اليمنية الرسمية (سبأ) "كان من المفروض ان يقف شركاء اليمن وأصدقاؤه الى جانبه وتعزيز جهوده من اجل الحاق الهزيمة بالارهاب بدلا من اللجوء الى اتخاذ مثل هذه القرارات التي لا يمكن تفسيرها الا بكونها عقابا جماعيا وغير منطقي لليمن وشعبه".