يتجه حوالي 182 مليون أمريكي اليوم الثلاثاء إلى صناديق الانتخابات في انتخابات الكونغرس النصفية، حيث سيكون 36 من أصل 100 مقعد في مجلس الشيوخ معروضة للمنافسة في مقابل جميع مقاعد مجلس النواب البالغة 435 مقعدا. وتسمى هذه الانتخابات بالنصفية لأنها تأتي في منتصف الفترة الرئاسية، حيث يعاد انتخاب مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ ووصلت جملة المبالغ المنفقة على الحملات الانتخابية إلى حوالي مليار دولار في إنفاق قياسي. ومن ينظر للكونغرس بمجلسيْه سيجد أن الديمقراطيين يسيطرون عليه وهو ما جعل تمرير القرارات أسهل على البيت الأبيض ومن ذلك الضمان الصحي وقانون إصلاح المؤسسات المالية. لكن في المقابل هناك حالة من الاحتقان تشهدها الساحة الأمريكية بسبب إخفاق الرئيس باراك أوباما في تحقيق بعض الوعود الانتخابية، أو ربما أن الكاريزما التي يملكها باراك أوباما قد خلقت تطلعات عند الناخبين تفوق قدرة الرئيس الحقيقية. كما أن معركة تكسير العظام بين الرئيس الأمريكي، واللوبي الإسرائيلي، وتفكك فريقه التنفيذي قد أضرا كثيرا بسمعته مع أنه يبقى الرئيس الأكثر شهرة. لقد استطاع اليمين الأمريكي وخصوصا في الحزب الجمهوري والموالين له ومن ذلك ما سمي بتجمعات حفلات الشاي (Tea Party) التي تشهد تكتلات ذات ميول يمينية متعصبة يعزف على أنغامها الجمهوريون وبعض الديمقراطيين بغض النظر ما إذا كانت تنتمي حزبيا لأي منهما. أن يجْمِعوا على عداء الرئيس باراك أوباما الذي يوصف حيناً بأنه مسلم وحيناً آخر بأنه إرهابي وحيناً ثالثا بالشذوذ حسبما تعبر عنه اللوحات الإعلانية الضخمة على قارعة الطرقات. لقد بقي لدى الرئيس فعليا سنة واحدة في الحكم لأنه في سنته الرابعة سيكون شبه متفرغ لانتخابات الفترة الثانية إذا أراد خوضها بدعم من حزبه الذي لن يراهن عليه إذا وجد أن شعبيته متدنية بما يفقد الحزب مقعد الرئاسة. هذا العام المتبقي قد يكون فيه الرئيس منتوف الريش، ويسمونه في هذه المرحلة البطة العرجاء عندما يحكم في فترته الثانية في مقابل أغلبية من الحزب المعارض له. وكل المؤشرات تؤكد أن مجلس الشيوخ لن تحدث فيه تغييرات جوهرية بينما يراوح الفرق في حدود 60 مقعدا في مجلس النواب، وهو ما سيعطي فيما لو تحققت أغلبية للديمقراطيين تقييد القرار التنفيذي،ولعلنا نذكر آخر أيام الرئيس كلينتون عندما أدى النزاع بين الإدارة التشريعية والإدارة التنفيذية إلى تأخير رواتب الموظفين أسابيع عدة. حدوث انقلاب في موازين القوى في مجلسيْ الشيوخ والنواب سيعطل الكثير من محاولات الرئيس باراك أوباما للتهدئة على الصعيد الدولي التي بدأها بخطابيه في تركيا ومصر، وبإقراره استراتيجية جديدة للأمن القومي سحب بموجبها العديد من المصطلحات التي كانت تثير مشكلات مع العالم الإسلامي وتقف حائلا دون التعاون المخلص في مواجهة أخطار الإرهاب العالمية. أما القضية الفلسطينية فقد هزم فيها الرئيس باراك أوباما وعرابة سياسته الخارجية هيلاري كلينتون وهو يملك أغلبية في المجلسين فكيف ستكون حاله وهو بدون أغلبية فيما لو حدث ذلك؟! ليس من شك أن المرحلة القادمة في عمر رئاسة باراك أوباما سوف تتحدد معالمها هذا المساء، ومن الواضح أن هناك شبها كبيرا بين ما يجري في الانتخابات النصفية، وما حدث عشية انتخابات عام 2004م عندما خرج أسامة بن لادن بتصريحاته التي قلبت موازين التصويت لصالح المتشددين في الولاياتالمتحدة حيث خرج أسامة بن لادن بتصريحاتٍ هذا الأسبوع تذكّر الأمريكيين أن الخطر مازال قائما وبالتالي تعزيز قبضة الخوف على المجتمع الأمريكي، كما أن طرود المتفجرات المسافرة للولايات المتحدة تصب في مصلحة اليمين الأمريكي المحافظ وبالتالي تعزيز حظوظ الجمهوريين ..