لقد شهد سوق الأسهم السعودي في الأشهر الماضية اكتتابات كثيرة لعدة شركات بعلاوة إصدار مرتفعة تزيد على 300% من قيمة السهم الاسمية حسب رغبة الشركة المطروحة للاكتتاب وموافقة هيئة سوق المال عليها، مما تسبب في إرهاق ميزانيات كثير من المواطنين وحرمانهم من الاكتتاب في تلك الشركات، وقد أثارت هذه العلاوات حفيظة المساهمين الذين يجهلون الكثير من الأمور المالية وما يدور خلف الكواليس، مما أدى إلى تذمر المواطنين وإحجامهم عن الاكتتاب فيها حيث أصبحت حديث المجالس. إن خبراء المال والمحللين المتعاملين مع سوق الأسهم يرون وجوب إعادة النظر في إصدار مثل هذه العلاوات التي لا تفيد إلا الملاك وتعتبر مكافأة لهم، لان معظم علاوات الإصدار تذهب إلى جيوبهم ، بل ان فيها مبالغة وخداعا للمساهمين وللسوق بشكل عام، فهذه الأموال التي تؤخذ من المساهمين سوف تشكل عبئاً ثقيلاً على الشركة وعلى السوق، مما سوف يتسبب في تردي عمل الشركة وهبوط سعر أسهمها كما هو حاصل الآن في سوق الأسهم، حيث تُطرح الشركة بسعر كذا للاكتتاب وتجدها بسعر أقل عند التداول بسب علاوة الإصدار المرتفعة. وإن كان ولا بد من علاوة الإصدار فيشترط أن يكون ذلك بناء على ما تملكه الشركة من أصول ومشاريع وتأهيل نظامي وقوائم مالية متميزة وذات ربح جيد، حيث يلاحظ أن هذه الشركات تطرح على أنها رابحة وفي واقع الأمر لو كانت كذلك لما تم طرحها من قبل ملاكها، لذا يفترض أن يكون هناك لجنة أو هيئة مكونة من مجلس الاقتصاد الأعلى ومجلس الشورى ووزارة التجارة وهيئة سوق المال لتقييم هذه الشركات والموافقة على علاوة الإصدار لها بحيث لا تزيد على 10% من قيمة السهم الاسمية للشركة عند طرحها للاكتتاب. أخيرا إن سوق الأسهم في المملكة يعتبر من أكبر الأسواق المتميزة على مستوى المنطقة ومليء بالفرص المتاحة للجميع، وذلك لمن يحسن الاختيار ويتعامل مع الشركات ذات العوائد الممتازة، أما الغش الحاصل بسبب القرارات الخاطئة وإصدار علاوات مرتفعة وغير مبررة لمصلحة بعض الشركات وملاكها بمباركة من هيئة سوق المال لن يقبله عاقل لأن المواطن هو الضحية، لذا يجب على مجلس الشورى التنبيه على المعنيين بإصدار مثل هذه العلاوات، وإعادة النظر عند إصدارها بشكل يضمن حقوق كافة الاطراف ويحمي المساهم البسيط والمواطن والشركة والاقتصاد الوطني. * مستشار مالي عضو جمعية الاقتصاد السعودية