يهرب البعض، لا ليس البعض ربما الأغلب في دول الجهل والفقر ، إلى الخرافة ، والتخيل ، والبحث عن تفسير للكوابيس والأحلام . الجهل أبو المصائب كلها ، وهو البؤرة المناسبة لكل الأوبئة وخاصة وباء الوهم ، ويكون مجتمع الجهل مرتعا لأصحاب الدجل يمتص صحتهم وعقلهم ونقودهم . وبما أن الإنسان عدو ما يجهل فهو يبحث له عن صديق ، فالعلم ومخترعاته إما بعيدة عن متناوله أو أنه يتصادم معها . اليد التي تمتد له يد الخرافة من سحر ودجل وشعوذة ، فيمسك بناصيتها وتمسك بناصيته ، ويجد مرتعا خصبا ذاك الدجال ، ومفسر الأحلام الذي يضيف وهجاً لنفسه وعالماً خاصاً له . في نجد قالوا (حلوم أهل نجد حديث قلوبهم ) وفي علم النفس يقال الكثير عن الأحلام ، وفي بعض الدراسات تقول إن الأحلام مجرد تنظيف يقوم به العقل لتنظيف المخ من بقايا الصور ، يعني ما نراه في أحلامنا هو قمامة التفكير والمواد التي زهق منها العقل فألقاها . الجهلة هؤلاء يهربون لأسباب عدة ، مريض لا يعرف طريقا للعلاج . المستشفيات إما مليئة أو غالية أو أنها مغلقة في وجهه . جاهل يقابله جهلة .. المشكلة عندما تتعدى هؤلاء الجهلة وتصل للعدل ، وتصل للقضاء ، وهذا الأمر لم يكن أمرا عاديا ولا مشكلة وقتية تهب بدرجة خفيفة وتمضي ، المشكلة تتطور وكأننا في محاكم التفتيش في القرون الوسطى المظلمة لدى أوربا ، محاكمة السحرة ، والركض خلف الجن . نحن للخلف در نتطور فنبحث عن جني تلبّس بشراً وليس أي بشر تلبّس القاضي الذي ربما ينسى أن يُرقي نفسه كل صباح ومساء فكان لقمة سائغة للجني الذي راح ينهل من النقود ويفسد في الأرض عبر جسد القاضي . عرفنا المجانين عبر الزمن وكان لكل قرية مجنونها ، لكنهم مجانين مساكين بسطاء ، لا يلبسون جيدا ولا يفكرون جيدا ويستغلّون كثيرا ، وعرفنا مجانين من نوع آخر هم الذين تخرج الحكمة من أفواههم ، وهؤلاء مجانين برغبتهم الذاتية .. لكن أول مرة يتطور الجن والمجانين فيعيثون فسادا بأكبر دار للعلم والعدل وبمن؟ بالقضاة .!! . وأكبر منه أن يبحث القاضي في المحكمة أمر القاضي الذي تلبسه الجني ، ولا يقول له اذهب وجنيّك للسجن .. نزاهة القضاة ، واستقلالية القضاء وسعة علم وفكر القضاة ، هذه أعمدة لا يمكن أن تزحزح فكيف سمح للجني بالعبث بها ؟ المطلوب إخراج كل الجن ومن تلبسهم من هذه الساحة ، إذا كنا نحارب الجهل لدى العامة فالأولى الخاصة وأهمهم القضاة. المطلوب حملة وطنية للنظافة ، نظافة الأبدان من تلبس الجان ..