احتفل العالم 20/10/2010 باليوم العالمي للاحصاء، حيث دعت اللجنة الاحصائية للأمم المتحدة (UNSD) في جلستها الحادية والأربعين إلى الاحتفال باليوم العالمي للاحصاء الذي أقر في يوم 20/10/2010 تحت شعار «خدمة، مهنية، نزاهة» ودعت بهذه المناسبة إلى إذكاء الوعي بالاسهامات العديدة التي قدمتها الاحصاءات الرسمية المبنية على القيم الأساسية وهي الخدمة والنزاهة والاحتراف المهني بحيث تنجح في تحقيق الهدف المطلوب منها وهو خدمة الجانب الحكومي والقطاع الخاص على حد سواء، وذلك لما للعمل الاحصائي من أهمية كبيرة في رسم السياسات الاجتماعية والاقتصادية في الدول اعتماداً على معايير علمية عالية الجودة، ولاشك أن اعتماد النهج العلمي يعتبر الأساس للتطور المرحلي المقنن بناء على أرقام دقيقة وليس على تخمينات واجتهادات شخصية مما يتطلب بذل المزيد من الجهود للوصول إلى الأرقام الحقيقية لأن الرقم الحقيقي يخدم عملية التنمية بشكل رئيسي. إن الأخذ بأساليب التخطيط التنموي ورسم السياسات التنموية للدول يتطلب توفير بيانات ومعلومات ومؤشرات احصائية مع ضمان دقتها وشمولها من أجل بلوغ الأهداف المرجوة من التخطيط وتمكين القائمين على التخطيط من متابعة تنفيذ جميع مراحل الخطط المرسومة والتأكد من هذه المراحل على الوجه المطلوب. كما أن تحقيق التنمية المستدامة يتوقف على الأهمية التي تعطى للمؤشرات الاحصائية التي تعكس حقيقة الواقع الذي تعيشه المجتمعات، ما يؤدي إلى بناء استراتيجيات اعتماداً على أرقام علمية صحيحة بهدف تصويب الحالة المعيشية، وعدم اتخاذ قرارات ارتجالية تكون خاطئة وغير ملائمة للواقع. يعد علم الاحصاء STATISTICS من أهم العلوم التي تتوقف عليها عملية التنمية في الدول، وكثيراً ما يرتبط مصير المشاريع أو القرارات الكبرى بالنتائج التي يقدمها الاحصاء في مجال معين، وبشكل عام فإن عدم بذل أي جهد احصائي يحول دون نجاح أي قرار ويجعل من اتخاذه نوعاً من المغامرة غير محسوبة العواقب. ويساعد علم الاحصاء على تنظيم المعلومات المبعثرة والمكدسة التي تكون بلا فائدة، حيث يعطي رؤية واضحة مرتبة للأمور، كما يسهم في تحديد درجة الثقة التي نوليها لما حصلنا عليه من نتائج ويحدد مدى امكانية تعميم النتائج، وبالتالي فإنه لا غنى لأي دراسة تعتمد على العينات عن الاحصاء واستخداماته. إن القيمة الحقيقية العلمية للاحصاء هي قدرته على الوصف الدقيق للظواهر اعتماداً على البيانات العلمية وتفسيرها والتنبؤ بالمستقبل اعتماداً على أسس علمية واتباع مناهج علمية وطرائق رياضية في التفكير. وختاماً لابد من التذكير بأن الله سبحانه وتعالى شرف علم الاحصاء باختياره «المحصي» من أسمائه، وكرم الحق جل وعلا هذا العلم أيضاً بذكره في القرآن الكريم في مواضع عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر: (وكل شيء أحصيناه كتاباً) «النبأ 29»، (وكل شيء احصيناه في إمام مبين) «يس 12»، (ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها) «الكهف 49»، (يوم يبعثهم الله جميعاً فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه) «المجادلة 6». وفي الآية الكريمة: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) دلالة على عجز البشر عن الاحصاء وهذا راجع إلى قصور امكانات البشر وهذا ملحوظ لدينا مع التقدم المعرفي الهائل الذي يتزايد يوماً بعد آخر، ومع ذلك فالقرآن الكريم يدعونا إلى الاحصاء ويأمرنا باتقانه والنبوغ فيه على أسس علمية سلمية وغني عن القول أن الآيات السابق ذكرها تضع أسساً قويمة لعلم الاحصاء الذي يتضمن الطرائق والأساليب والمقاييس الاحصائية الصحيحة ولا غرو فإنها من صنع ووضع المحصي بحق الذي لا محصي غيره سبحانه وتعالى. * مدير شعبة التحليل الإحصائي - الإدارة المركزية للإحصاء - الأمن العام، عضو الجمعية السعودية للعلوم الإحصائية