كان في السابق الاهتمام الأكبر منصبا على عملية التنمية وتحقيق أهدافها دون التركيز على مبادىء الاستدامة في نتائجها ومخرجاتها . وأدى ذلك الى قصور في التقديرات والمعطيات التي بنيت عليه الأهداف التنموية وما صاحب ذلك من تعثر في العديد من المشاريع التنموية والاستثمارية في القطاعين العام والخاص في جميع أنحاء العالم . ومن أجل ذلك برز الاهتمام بالعمل الأحصائي كمصدر رئيس للمعلومة في جوانب التنمية، فهو الوسيلة الأمثل لأعطاء فهم أفضل للماضي وصورة أوضح وأشمل للحاضر، كما يوفر توقعات أكثر دقة للمستقبل. يحتفل العالم وللمرة الأولى في التاريخ يوم 20 أكتوبر 2010م باليوم العالمي الأول للإحصاء؛ وذلك للتوعية بأهمية الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الجهات الوطنية وغيرها من المؤسسات المعترف بها. وقد دعت منظمة الأممالمتحدة والوكالات التابعة لها والمنظمات الدولية والإقليمية، وكذلك المكاتب الإحصائية الوطنية على مستوى العالم إلى الاحتفال بهذا الحدث المهم. ويعتبر توفر المعلومة الأحصائية مؤشرا رئيسيا على تقدم وتطور المجتمعات والدول والقطاعات الانتاجية فيها، فكلما تم تبني النظم الحديثة في التقديرات والمؤشرات والاستثمار في تحديث وتطوير تلك النظم والمؤشرات ، دل ذلك على مستوى التقدم والنضوج الفكري والأداء المهني والاحترافي حيث تبنى القرارات والتوجهات على أسس علمية تم التحقق من صحتها . كما أصبح استخدام الأحصاء متشعبا في جميع مسارات الحياة المعاصرة بما يهم الأفراد والمجتمعات والقطاعات الحكومية والأعمال، فبرزت أهمية المسوحات الاحصائية والتعدادات بشكل رئيس حيث تمثل أهم مدخلات الخطط التنموية وتبنى عليها قرارات توفير وتوزيع الخدمات العامة ومكافحة الفقر.اضافة لدراسات الجدوى الاقتصادية للمشاريع الخاصة والاستثمارية. ومع التقدم التقني والتطور العلمي في الأساليب الأحصائية وتطبيقات نظم إدارة المعلومات، ونظم دعم اتخاذ القرارات ، أصبحت الاستفادة من الخدمات التي يقدمها العمل الأحصائي بشكل أفضل وفي مدة زمنية وجيزة . إلا أن المهم في ذلك هو أن يتم العمل بنزاهة وحيادية في التعمل مع النتائج، مع الاحترافية والفهم للوسائل المناسبة للاستخدام. وأن يكون العمل الأحصائي وسيلة لتقديم خدمة أفضل أي لا يكون هدفا في حد ذاته. ويزيد من أهمية المعلومة المناسبة، وصولها في التوقيت المناسب ويساعد في التشجيع على الاستخدام والاستفادة من المعلومة، فمع مرور الوقت تفقد المعلومة جزءا كبيرا من قيمتها وأهميتها في صنع القرار وذلك بشكل تدريجي الى أن تتحول الى مجرد سرد تاريخي محدود الفعالية. كما ان دور المعلومة الأحصائية في عمليات تقييم الأداء تجعل من المهم النظر الجوانب السلبية في الأداء ومواضع التعثر بغرض اصلاحها وتلافيها في المستقبل، ولايجب أن يكون التركيز على ابراز المعلومة التي تخدم الجانب الايجابي فقط مما يعطي صورة مغلوطة عن الواقع، فالمعلومة يجب أن تعكس الصورة كاملة بجوانبها السلبية والإيجابية وبشفافية تامة. ولعله من المناسب هنا وفي اطار شعار هذه السنة لليوم العالمي للإحصاء "الاحتفال بالانجازات العديدة في مجال الاحصاءات" الأشارة إلى انجاز وطني في مجال الاحصاءات السياحية في المملكة، فعلى الرغم من حداثة تجربة الهيئة العامة للسياحة والآثار، إلا أنها عملت ومنذ تأسيسها على الاستثمار في نظام معلوماتي متكامل يغطي جميع الجوانب ذات العلاقة بالحركة السياحية، وبما يتوافق مع المعايير الدولية . وبفضل توفر هذا النظام أصبحت المملكة الدولة الأولى في منطقة الشرق الأوسط التي تتمكن من تطبيق حساب السياحة الفرعي، وحظي هذا العمل بالاعتراف الدولي من قبل منظمة السياحة العالمية، وجعل تجربة المملكة في انشاء وتشغيل مركز المعلومات والأبحاث السياحية (ماس) تجربة رائدة في مجال المعلومات والأحصاءات السياحية. *عضو مجموعة خبراء السياحة العالمية مدير ادارة المعلومات والاحصاءات السياحية (ماس) الهيئة العامة للسياحة !!Article.footers.caption!!