عندما لاتستطيع المؤسسات الثقافية المحلية الحصول على الدعم المادي والمعنوي الذي يخولها على تقديم منتج نوعي مبدع وخلاق وقادر على تقديم إضافة نوعية على العمل الثقافي ليس الإقليمي بل العالمي عندها نعلم بأن الثقافة لدينا لديها ارتباك في تحديد ماهية الفعل الثقافي ودوره وأهدافه وطموحاته بل قاصرة عن القيام بدورها المأمول ، أو تلبية تطلعات قطاع كبير من الانتلجنسيا والمبدعين وقادة الفكر. وقد جاء في كلمة جريدة الاقتصادية الجمعة الماضية إشارة إلى ما اسمته باقتصاديات الثقافة حيث ناقشت أهمية (استقطاب المبدعين لتكوين اقتصاد ثقافي مصدره التنويع في النشاط والمنتج والجودة ، مع امتلاك شبكة من علاقات التسويق بما يدفع إلى ولادة المنافسة وتوقدها في مختلف الصناعات الثقافية على المستوى المحلي والعربي ، وخلق في الوقت نفسه شراكات مجدية تعمل على تعميق وتوسيع مساهمة الاقتصاد الثقافي في الاقتصاد العام) ، ولكن يبدو أن هذا الأمر غائب عن وعي ودائرة اهتمام الجهات المعنية . عندما تكون لدينا صناعة الكتاب ونشره وتسويقه هزيلة وبيروقراطية ، وغير قادرة على تفعيل أساليب تسويقية فعالة جاذبة للاستثمار وداعمة لصناعة الكتاب محليا عندها نعرف بأن الثقافة لدينا تعاني من الكساح فالكتاب هو الوعاء الثقافي الأول ، ومهما تعددت الأساليب التعبيرية الأخرى يبقى الكتاب ونشره وتسويقه هو المؤشر الأول على صحة وعافية الفعل الثقافي . عندما تتكفل أمانة مدينة الرياض بإقامة جميع أو غالبية الأنشطة المسرحية في مدينة الرياض ، بينما الجهة المسؤولة والتي تتبع لها جمعية للمسرحين ، غائبة تماما عن الفعل أو الحراك فسنعلم هنا أن الثقافة المحلية لدينا تعاني من خطر أو كدر أو شيء غير واضح.. المسرح هو أبو الفنون ، والفرق المسرحية لدينا مابرحت للهواة تقدم أعمالها في المناسبات كالجنادرية ومؤخرا عكاظ ، أو بعض المهرجانات الدولية لذا بعد كل هذا سنعلم أن المؤسسة المعنية بشؤون الثقافة لدينا تكابد أمرا جللا . وعندما يفوز فيلمان سعوديان لمخرج ومخرجة سعوديين بالجوائز الأولى في مهرجانات السينما ( فيلم القندرجي للمخرجة عهد كامل ، وفيلم عايش لعبدالله آل عياف) ، ونحن لانمتلك دار سينما أو حتى داراً تقدم عرضا تكريميا لمبدعين سعوديين فازا بجوائز عربية فالأمر بالتأكيد يعلن أن هناك عملية تهديم كبرى لجميع ماكنا نظنه ربيعا للثقافة في السنوات الماضية . عندما يقدم مجلس إدارة نادي المنطقة الشرقية استقالة جماعية ، رافضين عبر موقف نبيل و وطني جمعي إقامة قصور من رماد ، نعلم أن الثقافة فوق سرير الانعاش تكابد شهقاتها الأخيرة . عندما يفوز روائي سعودي (عبده خال) بجائزة البوكر للرواية العربية ، وتبقى روايته ممنوعة من واجهة المحلات في الداخل هو مع مجموعة كبيرة من الكتاب المحليين والعرب والعالميين ، بينما الإنترنت يوميا تتقدم منك بتهذيب وتسألك إذا كانت لديك الرغبة في تحميل أي كتاب في العالم فقط اضغط زر (نعم ) ، فهذا يعني أن المؤسسة الثقافية المعنية لدينا مابرحت خاضعة لقانون لايدري ولايدري أنه لايدري .