لعل من أصعب القضايا أن يكتب المسلم عن قضايا تمس اغلى مكونات هويته وحياته وهو دينه، وتتعاظم حيرة من يبحث عن الحق حينما تكون الكتابة عن الشباب خاصة بعض اولئك ممن طلبوا الحق فتناهبتهم التيارات والهوى فتراهم في عصر الفتنة وقد رفعوا المصاحف (الالكترونية) في سماء الانترنت تحت رايات لا رأي لها. هذه بعض صورة "خوارج" المشهد الالكتروني وترى في جانب منها رموز الفتنة وهم يستهدفون عقول الشباب المحبط من واقعه الباحث عن رايات مجد وعزّة فيرفعون لهم نداء "التحكيم" تحت دعاوى حق والله وحده العالم بما تخفي الصدور. وظاهرة "الخوارج" بحسب المحققين تعدّ أول فرقة ظهرت في تاريخ الإسلام لشق الصفوف وذلك بخروجهم على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وآله وهم فئام من الناس لم يتورعوا حينها حتى عن تكفير خليفة المسلمين وبعض الصحابة ولا عجب اذ أن من عقائد"الخارجين" التديّن بالخروج وعدم السمع والطاعة بالمعروف لولاة امر المسلمين. وهنا يأتي السؤال .. هل يعيد التاريخ نفسه؟. لا جواب.. ولكن وان كنا نعلم أن خوارج الأمس انتهت وتبدّدت فرقهم ولكن افكارهم ومنهجهم بقيت متفرقة هنا وهناك حتى ظهر احفادهم في العصر الحديث الذين لم ينشروا افكارهم عبر خطب المنابر كأسلافهم بل نراهم وظفوا التقنية فنشاهد جهاز "اللاب توب" في احضانهم وعلى اذانهم تبرق ماركات "الهاتف الجوال" نشطون لا يكلون ولا يملون من نشر عقيدتهم. وكما استهدف "الخوارج" الاوائل بيضة الاسلام واصل الأحفاد "الخوارج الجدد" استهداف المسلمين وكل كائن. قد لا تراهم عيانا فهم لا يملكون مؤسسات على نواصي الشوارع ولكنهم اليوم على شبكة الانترنت يرفعون الشعارات ليجتذبوا قليلي العلم كثيري المغامرة متغلغلين عبر مئات المواقع التي تروج للفكر الخارجي وتستثمر بمكر وخديعة في الواقع السياسي العالمي ونتائج الظلم والخيبة. أما الضحية فشباب ضيعوا اصول الدين وفروعه ضمن مشروع تدميري كاد أن يقضي على شوكة الاسلام في صدر الدعوة وهاهو اليوم يستنهض خصوم الاسلام ويعطل الدعوة بالحسنى بعد أن كان الاسلام -حتى وقت قريب- اسرع الأديان انتشارا في العالم. والعجيب أن علماء الأمة قديما استبرؤوا لدينهم وأمانتهم فصدعوا بالحق المبين في مسألة "الخوارج القدماء " ولكن بعض علماء العصر وواعظي فضائيات هذا الزمان لم يعطوا مسألة "الخوارج الجدد" حقها من البحث والتحليل لابراء الذمة، فظهر الخطاب الخارجي الجديد جاذبا لبعض الشباب مذكيا روح التمرد والرفض، لا بالدين والتدين. نعم سيجد الباحث جهودا صغيرة متناثرة هنا وهناك ولكن من يدين الله من اصحاب الحظوة الجماهيرية ويعلن الحق في حق فتنة العصر "الخوارج الجدد". مسارات قال ومضى: كيف يهنأ بغده.. من مدّ.. بالغدر يده.