فاز فيلم «ضربة البداية» (Kick off) للمخرج الكردي العراقي شوكت أمين كوركي، بجائزة أفضل فيلم روائي شرق اوسطي طويل في الدورة العاشرة ل»مهرجان بيروت الدولي للسينما» التي اختتمت مساء أمس الأربعاء على مسرح قصر الأونيسكو في بيروت، في احتفال عرض خلاله فيلم «أنا الحب» (Io sono ‹Amore أو I am love) للايطالي لوكا غواداغنينو، بحضور المخرج. وعللت لجنة التحكيم منح «ضربة البداية» جائزة «ألف» الذهبية للأفلام الروائية الشرق أوسطية، بأن قصته «تصوّر بطريقة مؤثرة وظريفة ومؤداة ببراعة، أحلك الجوانب الاجتماعية والسياسية في حياة مخيم كردي للاجئين في العراق». كذلك فاز كوركي بجائزة «ألف» الذهبية لأفضل سيناريو نظراً الى رصده «الوقائع البسيطة» في المخيم، ولكن «من كثب وبطريقة مؤثرة». وحيا كوركي الجمهور بالكردية، ثم قال بالانكليزية «صورت فيلمي في ظروف صعبة جداً. أشكر لجنة التحكيم، ومهرجان بيروت». وكان «ضربة البداية» فاز في نيسان/أبريل الفائت بجائزة افضل فيلم في مهرجان الخليج السينمائي الذي أقيم في دبي. وينطلق فيلم كوركي (37 عاماً)، وهو الثاني له بعد «عبور الغبار»، من تعدد القوميات والطوائف والمذاهب في العراق، وهو يشكل كفيلمه السابق، دعوة إلى التعايش السلمي والتسامح وإلى نبذ التطرف والعنف وإدانة الإرهاب. ويرصد كوركي في الفيلم معاناة عدد من الاسر الكردية والعربية سكنت ملعبا لكرة القدم في مدينة كركوك بعدما فقدت ممتلكاتها إثر الحرب. ويعمل بطلا الفيلم، آسو وساكو، على تنظيم بطولة بكرة القدم ضمن هذه البيئة، بين الصبية الأكراد والعرب من العراقيين الذين يعيشون في المخيم، وإذ يذهبان لشراء الكأس التي ستمنح للفريق الفائز يقع آسو ضحية «انفجار إرهابي» استهدف سوقا في مدينة كركوك، لينتهي الفيلم بطرح العديد من الأسئلة، وسط إدانة واضحة للعمليات الإرهابية التي تشهدها مدن العراق ويذهب ضحيتها الابرياء. ونالت التونسية رجاء العماري جائزة «ألف» الذهبية لأفضل مخرج، عن فيلمها «الدّواحة»، «لتصويره الهادئ والمحكم للجوانب المستترة والمهمشة في حياة ثلاث نساء». وقالت العماري «أشكر جمهور بيروت الذي استقبلني بحرارة ودعم فيلمي». و»الدواحة» هو الفيلم الثاني للعماري بعد «الستار الأحمر»، وهو عن ثلاث نساء، هن سيدة تونسية وابنتاها، يعشن بمفردهن في عزلة تامة عن العالم الآخر، في السكن المخصص للخدم في منزل مهجور. وتنجح هذه الأسرة في البقاء مختفية عن الأنظار، وفي الحفاظ في الوقت نفسه على استقلاليتها واكتفائها الذاتي. لكنّ الأمور تتغير عند انتقال زوجين متحرري الطباع الى المنزل المهجور، فتتعلق الابنة الصغرى بأسلوب حياتهم الى حد تعريض أسرتها للخطر. والفيلم الذي أثار جدلاً واسعاً في تونس، «يعبّر عن حالة النساء المنزويات والمكبوتات»، بحسب المخرجة. وتضيف في مقابلة صحافية سابقة ان رسالة الفيلم هي «ان الاستبداد والكبت لا يولدان سوى العنف». وشارك في الفيلم الممثلون حفصية حرزي وسندس بلحسن ووسيلة داري وريم البنا وظافر عابدين، وهو فاز في العام 2009 بالجائزة الكبرى «أرت مار» 2009 لمهرجان الفيلم والثقافات المتوسطية في جزيرة كورسيكا الفرنسية. ومنحت جائزة لجنة التحكيم الخاصة لفيلم «شو صار» للمخرج اللبناني ديغول عيد، والذي لم يعرض للجمهور خلال المهرجان، بسبب عدم إجازة دوائر الرقابة اللبنانية عرضه. واعتبرت لجنة التحكيم أن الفيلم «استخدم أنجح مقاربة سينمائية مباشرة لجعل قصة شخصية مروعة جزءاً من التاريخ الجماعي للذاكرة اللبنانية». وقال عيد «لا أعرف شو صار. منحتمونا جائزة ولكن الشعب اللبناني لم يشاهد فيلمي». ووقفت سيدة من الجمهور وصرخت «من حقنا أن نشاهد الفيلم»، فما كان من الجمهور الا أن وقف مصفقاً بحرارة تحية للفيلم. وعقّب عيد «المهرجان تحلى بشجاعة عرض الفيلم، ومجابهة من لا يريدون للناس ان يعبروا عن أفكارهم». وأضاف «نحن لا نقص من الأفلام. طلبوا منا أن نقص لكننا لا نقصّ. أطلب من زملائي المخرجين عدم القبول بحذف مشاهد من أفلامهم، لأنكم اذا قصصتم تكونون متواطئين مع الرقابة التي لا تريدنا ان نعبر عن آرائنا». وأضاف متوجها الى المخرجين «أناشدكم عدم عرض أفلامكم على الانترنت لأن الافلام صورت لتعرض في صالات السينما وليس عبر الانترنت». وتابع «يجب ان يتحدث بعضنا مع بعض بصراحة لكي نتطور. علينا أن نتحلى جميعاً بالوعي أياً كانت أحزابنا وتياراتنا». وقال «أهدي هذه الجائزة الى جميع من ماتوا في مجازر لبنان». واضاف «آمل في أن تشاهدوا فيلمي، وأعدكم بأن أبذل المستحيل وأمارس الضغط من أجل نشاهد جميعنا الفيلم». وحصل فيلم «القندرجي» للمخرجة السعودية عهد كامل على جائزة «الف» الذهبية لأفضل فيلم شرق أوسطي قصير، نظراً الى تقديمه «البارع والذكي» لقصة «العودة المؤلمة لرجل الى حياته التي سرقها منها الحرب والسياسة»، بحسب لجنة التحكيم. وقالت كامل متأثرة «أنا فخورة بالوقوف هنا وبهذه الجائزة. أشكر بيروت وأحبها كثيراً، وأشكر أخي الذي كتب القصة الأصلية للفيلم». وتدور حوادث «القندرجي»، الذي تبلغ مدته 16 دقيقة، في العراق، وبطلها الإسكافي صابر (يؤدي دوره الممثل المصري عمرو واكد) الذي سجنته القوات الأميركية، وخرج بعد سنتين وهو يعاني آثاراً نفسية كبيرة. وأدت عهد كامل نفسها دور زوجة الاسكافي السعيدة بعودة زوجها، والحزينة لما آلت اليه حاله. وكان القندرجي نال الجائزة الثانية في مهرجان الخليج السينمائي عن فئة الأفلام الروائية القصيرة، علماً أن عهد كامل درست السينما في الولاياتالمتحدة، وسبق أن تعاونت مع المخرج الأميركي بيتر بيرغ في فيلم «المملكة» (The kingdom) في العام 2007. وفاز فيلم «عايش» للمخرج السعودي عبدالله آل عياف بجائزة «الف» الفضية في مسابقة الأفلام الشرق أوسطية القصيرة، «لرسمه بأناقة كلاسيكية شخصية رجل مسنّ هامشي الوجود، يفكر فجأة في تغيير حياته»، وفق تعليل لجنة التحكيم. وقال العياف «يتناول فيلمي شخصاً أدرك أنه يعيش، ولكن من يأت الى بيروت يعيش من جديد». ويؤدي دور البطولة في هذا الفيلم الممثل إبراهيم الحساوي في شخصية «عايش العايش»، حارس ثلاجة الموتى في أحد المستشفيات، الذي يعيش وسط الكآبة والسواد والظلام، لكن زيارته الى جناح حضانة الأطفال في المستشفى تغيّر نظرته الى الحياة. والفيلم الذي تبلغ مدته 28 دقيقة، كان فاز بالجائزة الأولى لمهرجان الخليج السينمائي للأفلام. وسبق لآل عياف أن أخرج «السينما 500 كيلو» في العام 2006، و»إطار» (2007)، و»مطر» (2008). أما المرتبة الثالثة في فئة الأفلام القصيرة، فذهبت بالتساوي الى فيلمين أردنيين هما «يوم مرّ... يوم أمرّ» لأمجد الرشيد، و»مفقود» لطارق الريماوي، اللذان نال كل منهما جائزة «ألف» برونزية، اذ رأت لجنة التحكيم أن الفيلمين صوّرا «بشكل مؤثر ومؤلم واقع أطفال وقعوا ضحايا عنف الحرب والظلم الاجتماعي». ويتناول «يوم مرّ... يوم أمرّ»، ومدته 13 دقيقة، قصة اسما (12 عاماً)، وهي ماسحة أحذية في شوارع العقبة، تعمل لتلبي حاجات والدتها المريضة وشقيقتها الصغرى ريم. و اسما التي كانت ضحية اعتداء جنسي توافق مضطرة على ان تعمل شقيقتها معها، لكي تتمكنا من شراء الادوية لوالدتهما. وذات يوم تكتشف أسما أن أختها اختفت، ثم وجدتها في ما بعد بصحبة الرجل الذي كان قد اعتدى عليها واستغلها. أما «مفقود»، فهو فيلم تحريكي مدته ثلاث دقائق، وهو عن طفل يعيش في منطقة مزقتها الحرب ويحن الى ايام الهدوء والطمأنينة. والفيلم نال الجائزة الأولى في مسابقة الفيلم الأردني القصير ضمن مهرجان الفيلم الفرنسي العربي في عمّان، في حزيران (يونيو) الفائت. وكانت لجنة التحكيم كانت برئاسة الناقد والمؤرخ السينمائي الكندي روبير دودولان، وضمت أيضاً الممثلة والكاتبة السينمائية والمسرحية الفرنسية الأصل الهندية النشأة كالكي كوشلان، والممثلة والمنتجة أرسينيه خانجيان، المولودة في بيروت والتي تعيش حالياً في كندا، وهي زوجة المخرج أتوم ايغويان ونجمة أفلامه. أما تصويت الجمهور، ففاز به فيلم «السر في عيونهم» (El secreto de sus ojos) الأرجنتيني، للمخرج خوان خوسيه كامبانيلا، والذي حصل هذه السنة على أوسكار أفضل فيلم أجنبي. وكان 61 فيلما دوليا وشرق أوسطي شاركت في المهرجان، بينها تسعة في مسابقة الأفلام الشرق أوسطية الروائية، و15 في مسابقة الأفلام الشرق أوسطية القصيرة، في حين عرضت ستة أفلام قصيرة من خارج المسابقة، و17 فيلماً ضمن فقرة البانوراما العالمية، اضافة الى عشرة أفلام ضمن الفئة الوثائقية، واربعة ضمن فئة «المطبخ في الأفلام» المستحدثة. وكان افتتاح المهرجان بفيلم «في مكان ما» (Somewhere) للأميركية صوفيا كوبولا، الذي فاز أخيراً بجائزة «الأسد الذهبي» في مهرجان البندقية السينمائي. ملصق الفيلم الفائز