تابعنا باهتمام ما صرح به المتحدث الأمني بوزارة الداخلية ، بأن الجهات الأمنية المختصة تمكنت خلال الفترة من غرة شهر رجب وحتى نهاية شهر رمضانَ المبارك من هذا العام 1431ه من القبض على (210) أشخاص لتورطهم في تهريب وحيازة وترويج مخدرات تقدر قيمتها السوقية بأكثر من ثلاثمائة وثلاثين مليونَ ريالٍ سعودي. وأن رجال الأمن قد واجهوا مقاومةً مسلحةً في أكثرَ من ثمانِي عشرةَ عمليةٍ أمنية ، نتج عنها استشهادُ (3) وإصابةُ (3) من رجال الأمن ، بالإضافة إلى مقتل (2) وإصابة (4) من المهربين والمروجين ، ووفاة متعاطٍ نتيجة بلعه كيساً بلاستيكياً يحوي كميةً من الحشيش المخدر. وأنه بلغ إجمالي ما تم ضبطه من المواد المخدرة في هذه العمليات ما يزيد على تسعة ملايين وتسعمائةٍ وعشرينَ ألفِ قرص كبتاجون ، وما يزيد على ستةِ أطنان وثلاثمائةٍ وثلاثةٍ وستين كيلوغاما من الحشيش ، وما يزيد على عشرة كيلوغرامات من مادة الهيروين الخام ، و (59.5) جراما ونصف الجرام من مادة الشبو. وسأقف مع هذا البيان بعض الوقفات الشرعية المهمة. الوقفة الأولى : نحمد الله تعالى – بادئ ذي بَدء – أن مكّن رجالَ الأمنِ من إحباط تهريب وترويج هذه السموم ، ونزيد في الحمد لربنا ، أن هيأ لنا قادةً مخلصين لوطنهم يسهرون على أمنه ، ويبذلون كلَّ غالٍ ونفيس لراحة أهله ومَن يعيشُ على أرضه ، ونشكرُ خالقنا أن وهبَ لهذا الوطنِ رجالَ أمنٍ أوفياء ، يدافعون عن حياضه ، ويحمون جنباته ، ويحرسون حدوده،ويدفع الله بهم غوائل الفساد والإفساد عن المجتمع والوطن حماية للمؤمنين،ودحراً للخائنين الجاحدين، قال الله تعالى : ( إن الله يدافع عن الذين آمنوا ، إن الله لا يحب كلَّ خوانٍ كفور ) الوقفة الثانية : ان من ينظر إلى هذه الكميات الكبيرة والمتنوعة مما تم ضبطه من المخدرات ، يدرك شراسةَ المعركة مع أعداء الأمة ، وحرصَهم على تدمير هذه البلاد وإفساد العباد ، بهذه الآفة المدمرة ، ولاسيما مع وجود ضعاف النفوس ، الذين رضوا بأن يكونوا جنوداً أوفياء لأعداء الأمة ، ممن ينطبق عليهم قولُ اللهِ – تعالى– : ( لا يرقبون في مؤمن إلاَ ولا ذمة وأولئك هم المعتدون). الوقفة الثالثة : أن رجال الأمن يقدمون أرواحهم الزكية ومهَجَهم النقية رخيصةً للدفاع عن هذا الوطن ومقدراته وسلامة مواطنيه ومن على أرضه ، ويقومون بواجبهم في الذب عن حياضه ، ويخوضون غمار المهالك أداءً للأمانة الملقاة على عواتقهم ، طاعة لربهم ، ثم مليكهم ، ونرجو أن يكونوا ممن عناهم الله بقوله : ( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ، وما بدلوا تبديلا ) فلهم منا كل الشكر والدعاء بأن يتقبل شهداءهم ، ويبارك في جهودهم ، ويشد أزرهم ، ويقوي عزائمهم. الوقفة الرابعة : لا يشك أحد في حرمة المخدرات وأنها من كبائر الذنوب ، بل هي دمار للأفراد والشعوب ، وآثارها السيئةُ على الدين والفكر ، والصحة والمجتمع ، والأمن والاقتصاد، تدميرٌ للأوطان ، وهلاكٌ لبني الإنسان ، جاء عند أبي داود وصححه الألباني أن رسول الله ( نهى عن كل مخدر ومفتر ). الوقفة الخامسة : أن للمخدرات أسباباً أدت إلى انتشارها وشيوعها في مجتمعنا ، ومن أهمها ما يلي :- أولاً : ضعفُ الوازعِ الديني لدى من يقوم بتهريب وترويج واستعمال المخدرات. ثانياً : تهاونُ أربابِ بعضِ الأسر في القيام بمسئوليتهم تجاهَ تربية أولادهم قال رسول الله ( : ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) ثم قال : ( والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها ) متفق عليه. ثالثاً : انتشارُ العمالةِ الوافدةِ وتغلغلُها في المجتمع ، ولاسيما تلك العمالةُ التي لم تأتِ من أجل العمل والكسب الحلال ، بل أتت للفساد والإفساد ، وجمعِ الأموال بطرق محرمة ؛ ومخالفةُ بعضِ المواطنين للأنظمة المرعية في هذه البلاد بالتستر على هذه العمالة رابعاً : صحبةُ الأشرارِ ورفقاءِ السوء ، قال رسول الله : ( الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح. خامساً : تهاون البعض في القيام بمسئوليته حيالَ الإبلاغ عمن له دور في نشر هذه الآفة،واستحياؤهم من علاج مَن أدمن استعمالها سادسا : انتشارُ الموادِ الإعلاميةِ المخالفة ، التي تُعلِّمُ النشءَ وتشجعُه على استعمال المخدرات ، من قنوات فضائية سيئة وألعابٍ وبرامجَ إلكترونيةٍ محرمة ، ومواقع أنترنت مضللة. سابعاً : انخداعُ من يستعملُها بأنها تُسلي النفسَ ، وتُقوي الجسمَ وتُنسي الهموم ، وتعدل المزاج. الوقفة الأخيرة : ان الواجب علينا القيام بمسئوليتنا تجاه وطننا وأهلينا ومجتمعنا إزاء مكافحة آفة المخدرات الخطيرة تطبيقاً لقول الله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ). أسأل الله – تعالى – أن يحمي بلادنا من كل سوء ومكروه ، وأن يحفظ لنا ولاة أمرنا ويبقيَهم ذخراً للإسلام والمسلمين.