لنتأمل حجر الزاوية بعين العقل ، ونتساءل كيف يمكن إقناع النشء في أيّ أُمّة كانت بالتشارك مع بقيّة الأمم في إعمار الكون وهم يؤمنون في دواخلهم بأنهم الأفضل والأقدر وخير الأمم قاطبة؟ لقد قيل لهم بأنهم من يمتلك الحقيقة المُطلقة! ما الداعي إذاً للجد والكفاح والدرس في المعارف والعلوم؟ ثم لو تساءل أحد أولئك النشء ما دمنا الأميز والأفضل فلماذا نحن متخلفون في كثيرٍ من مناشط الحياة ، ولماذا غيرنا هو الذي يتفضّل علينا بالمخترعات والاكتشافات بينما نحن نتلقى ما يلقون بهِ من فتات منتجاتهم الفكرية والعلمية؟! وحين يُقال بأن العلم هو الشرارة القادحة نحو التقدم فهذا يعني العلوم الطبيعية الحديثة التي تُضيف للبشريّة معنى وقيمة وحياة وهذه الأخيرة (أي معنى الحياة) يدركه تمام الإدراك العُلماء (الصح) لا أولئك الذين كل مُؤهلاتهم " قال فلان وقال عِلان " نقلاً عن كُتب الأسلاف. من زاوية أُخرى كيف يمكن إقناع أحد النشء بأخذ العلم عمّن يُقال عنهم أنهم أقل منه شأناً وأنهُ الشاهد على أفعالهم والمقيّم لها؟ لقد حُقنت الأذهان طوال حقبة الجمود ثم التراجع بادعاءات يعتقد من قالها أنه يُؤكّد أمجادا وهمية ويشحذ الهمم لاستعادتها ولكن هيهات. لقد وعى الناس الحقائق ولم تعد تنطلي عليهم تلك الادعاءات. إذاً يجب الاعتراف بالواقع والتوقف عن هذا العبث ووضع العربة في مسارها الصحيح واقتفاء أثر الأمم التي وصلتْ للمجدِ دون ضجيج أو أوهام. قلت: حان الوقت في حال الرغبة الأكيدة في المنافسة العولمية أن نزيل عن أعيننا غشاوة الوهم بالأفضلية ونرى العالم على حقيقته . فلنعدْ اكتشاف حقيقتنا بكل صدق وشفافية، وعلى من أوتي الفرصة للتنظير أن يُبين للأجيال قصّة التطور المعرفي والعلمي دون انحياز ولا توهّم. إن الجيل الذي ينشأ على الأوهام لن يُنتجَ إلا أوهاما. قولوا بأننا لازلنا نتلمّس الخطى للمنافسة، وأن هناك من الأمم من هم أفضل منا وأقدر وأسبق ونحن بهم لاحقون..