موضوع المسابقات الشعرية من المواضيع التي لا ينتهي الحديث عنها أبداً، وننجذب للكلام فيها مع انطلاق أو انتهاء أي مسابقة جديدة يتنافس الشعراء فيها لنيل لقب أو جائزة، وكثيراً ما تكون لجان التحكيم وآلية الاختيار والمُفاضلة بين الشعراء وقصائدهم هي محور الاهتمام والانتقاد من قِبل المتلقين؛ لاسيما وأن لكل مسابقة آلية معينة في الاختيار تختلف نوعاً ما عن المسابقات الأخرى. لكن الملاحظ عند الحديث عن المسابقات أن جام غضبنا ينصب دائماً على (التصويت) وكأنه الخلل الوحيد فيها، مع أن العديد من المسابقات تكون آلية الاختيار فيها أسوأ بكثير من التصويت، فآلية اختيار الفائزين وكذلك طريقة منح الجوائز وكما شاهدنا في مسابقات سابقة تدل دلالة واضحة على قصور وعينا بمفهوم المسابقة وما تتطلبه من تنافس وتحديد مستويات المتنافسين بحيث يتمايز مستوى كل متسابق عن الآخر؛ فقد رأينا لجوء لجنة تحكيم إحدى المسابقات الشعرية السابقة إلى أسلوب اختيار يدل على عجز أعضاء اللجنة أو محاولتهم تخفيف حدة السخط المتوقع بعد إعلان نتيجة المسابقة، حيث قامت تلك اللجنة باختيار الشعراء الفائزين بطريقة (القرعة)، وهو أسلوب عشوائي عقيم لا يُمكن أن يُلجأ إليه في مسابقة شعرية يُشارك فيها الشاعر الضعيف الهزيل إبداعياً إلى جانب الشاعر المبدع والفحل. أضف إلى ذلك ما تقوم به لجان العديد من المسابقات الشعرية حين يتم منح عدد من الفائزين الذين يختلف ترتيبهم في النتيجة النهائية جائزة مُوحدة أو متساوية، كأن يوضع للفائزين من المركز الرابع إلى العاشر أو حتى إلى العاشر بعد المائة جوائز مالية أو عينية مُتماثلة، وفي هذه الطريقة أيضاً ظلم كبير لكل شاعر مُتقدم على حساب الشاعر الذي يليه في الترتيب، فمن المستحيل أن تكون مقدرة الشاعر المُتقدِّم أو الجهد الذي بذله في القصيدة أو القصائد التي شارك بها مُماثلة لمقدرة الشاعر الذي بعده أو لجهده، وبالتالي أظن أن حجب الجائزة عنه سيكون أهون عليه من تسويته بعدد كبير من الشعراء الذين يقلون عنه في مقدرتهم وفي إبداعهم الشعري. أخيراً يقول المبدع محسن المقاطي: اليا دعاني هاجس الشعر من شوق حبل القصيدة من يديني فتلته وإن شفت سبكه ما يناسب هل الذوق من قبل يطلع من ضميري قتلته!