جرت العادة في كثير من الجامعات الدولية إقامة العديد من البرامج التطويرية لمنسوبيها من أعضاء هيئة التدريس والموظفين وكذلك الطلبة، بما يجعل البيئة الجامعية مكانًا للتعلم والتثقيف وصقل المهارات. والجميل أن هذه البرامج تُصمّم وفق اهتمام المستفيد وحاجته بحيث يجد كل متقدم مايفيده. وهذه البرامج التطويرية لاتقتصر فقط على منسوبي الجامعة، بل تقوم الكثير من الجامعات العريقة بتأسيس برامج تطويرية لمنفعة المجتمع بشكل عام، وتسمح بالاستفادة منها للمهتمين من خارج الدولة، وذلك لنشر المنفعة في الوسط الأكاديمي خارج حدود العرق والثقافة والدين. فعلى سبيل المثال يوجد لدى جامعة ستانفورد مركز لتطوير مهارات أعضاء هيئة التدريس في عدد من الكليات منها كلية الطب بأقسامها الإكلينيكية والبحثية بحيث يرتقي عضو هيئة التدريس بمستوى التدريس في المحاضرات النظرية وكذلك التدريب العملي سواء في غرف المرضى أو في المختبر. وهذا المركز يقوم بعمل اتفاقيات مع الكثير من الجهات المحلية والدولية لإيفاد منسوبيه للتدريب والتعاون في موضوعات متنوعة لمنفعة المجتمع الأكاديمي والمهني بشكل عام. والجميل في هذا المركز أنه يحتوي على برامج تطويرية مخصصة وفق أقسام الكلية؛ فالتعليم والتدريب السريري له متخصصون، وتعليم العلوم الأساسية لها متخصصون آخرون؛ وهناك مجموعة من الفرق المتخصصة في تطوير المناهج الطبية والعلمية والتقنية وفق التخصص. والأمثلة العالمية تطول، ولكن المثير للاهتمام أن جامعة الملك سعود بدأت بوصفها مثالًا لبقية الجامعات السعودية بقيادة برنامج تطويري لمنسوبيها وموظفيها وطلابها. فقد أسست عمادة مختصة بتطوير المهارات تقوم بتصميم برامج تطويرية، وورش عمل، ومحاضرات لمساعدة عضو هيئة التدريس على تحسين مستوى التدريس لديه بما في ذلك خطة التدريس والتقييم والمعاملة والتعاون وغير ذلك. والفكرة هنا أن تحسين الأداء ليس مقصورًا على أحد؛ فالجميع يمكن الاستفادة، سواء أكان جديدًا أم قديمًا. فالتغيير للأفضل هو أساس العملية التعليمية بينما التحجر والتوقف عن مجاراة احتياجات المتعلمين هو خسارة عقلية كبيرة، خصوصًا أن الجامعة الآن بدأت بالاعتماد بشكل كبير على التكنولوجيا سواء في وسائل التعلم والتدريس أو حتى في التقييم. وهذا بحد ذاته يجعل من أعضاء هيئة التدريس- خصوصًا القدامى ممن اعتادوا الطرق التقليدية في نقل المعلومة - في حاجة ملحة لكي يتعلموا التعامل مع هذه الوسائل الحديثة. وقد قامت العمادة مؤخرًا بتصميم برنامج تطويري لأعضاء هيئة التدريس للرجال والنساء في الأسبوع الأول بعد العودة إلى العمل. وقبل بداية التدريس كانت ورش العمل متنوعة مابين طرق التدريس والتقويم والتعامل الإيجابي مع الطلاب. وقد حرصت العمادة أن تعيد هذه البرامج في أوقات مختلفة لكي يستفيد منها عدد أكبر من أعضاء هيئة التدريس. وقد قابلتُ عددًا من الأساتذة الأفاضل ممن تجاوزوا الستين، حاضرين بحماس وحيوية ولديهم حرص شديد على التعلم والاستفادة من الخبرات المختلفة. إن ماتقوم به عمادة تطوير المهارات هو أمر يستحق الإشادة، ولعل الكثير من أعضاء هيئة التدريس يرغب في المزيد من هذه البرامج التطويرية وفي أوقات متنوعة. إن هذا الاهتمام يشرح مدى نجاح هذه البرامج ويشجع على المضي قدمًا في تقديم المزيد منها. ومن هنا يمكن التذكير بالحاجة الماسة لتصميم برامج تطويرية للمعيدين والمحاضرين، وفتح مجال البرامج التطويرية الخارجية لهم أسوة ببقية أعضاء هيئة التدريس خصوصًا أنهم في بداية الطريق ولديهم الحماس والطموح للتطوير.