أعرف سلفاً أن جملة العنوان افتراضية، إذ يُعرِّف النحاة (لو) بأنها حرف امتناع لامتناع، ومعنى ذلك أنني حين أقول مثلا: لو كان زينجا مدربا للهلال لنجح بامتياز، فإنه سيمتنع تحقق الثاني لامتناع حدوث الأول، وبشكل أوضح فقد امتنع نجاح زينجا في الهلال لامتناع تدريبه له. لكن هل يمنع أن نستخدمها من باب الافتراض الجدلي، أو ما يسمى أيضا بالتسليم الجدلي، وهو أحد أنماط التفكير الفلسفي، حيث يستخدم لافتراض وقوع أمر محال الوقوع افتراضاً جدلياً لإثبات ما بعده. بالطبع لا يمنع ذلك، وعليه فلتفترضوا معي بأن الإيطالي زينجا هو مدرب الهلال اليوم وليس البلجيكي غيريتس، ترى هل سيتم الحكم عليه بالفشل المطلق، وستشن عليه الحملة تلو الحملة، وأن تساق عليه الدعوى خلف الدعوى بغية الإطاحة برأسه، كما يفعل النصراويون اليوم. شخصياً.. لا أعتقد ذلك بل أكاد أجزم بأنه لن يحدث، وقد يشاطرني في ذلك كل المنصفين والمحايدين، لا تنزيها للهلاليين عن مثل هذا النوع من الممارسة إزاء المدربين، وإنما لأن زينجا وهو الاسم المعروف في الأوساط التدريبية الأوروبية وخصوصاً الإيطالية، سيجد في الهلال البيئة الصالحة للعمل، والحاضنة للإبداع، والمحفزة على التألق، والمحرضة على بلوغ أبعد درجات النجاح. لا أقول ذلك من باب المناكفة مع النصراويين الذي أشبعوا زينجا توصيفات مهينة، وألبسوه ثياب مهن كثيرة على سبيل التقليل من قيمته الفنية، وهي التي تبدأ بالطباخ ولا تنتهي بالسباك، وهم الذين استقبلوه استقبال الفاتحين حتى قبل أن تطأ أقدامه الرياض، وإنما أقول ذلك استنادا على دلائل وقرائن كثيرة كلها ترجح صدقية هذه الفرضية. فزينجا وبحسب تاريخه إن كحارس مرمى أو كمدرب يعد اسماً ذا قيمة كبرى، فإذا ما استثنينا مسيرته الحافلة كلاعب، فهو كمدرب قد أشرف على تدريب أندية ذات قيمة في بلدانها سواء في أمريكا أو رومانيا أو إيطاليا، وكذلك في صربيا والإمارات، ويكاد يتساوى في ذلك مع مدربي الهلال الثلاثة الأنجح الذين تعاقبوا على تدريبه في السنوات الخمس الأخيرة وأعنى البرازيلي باكيتا والروماني كوزمين والبلجيكي غيريتس. وهنا يأتي السؤال لماذا ينجح المدربون في الهلال بينما يفشل المدربون في النصر، سواء زينجا أو من سبقوه، والجواب سيعيدني لما أسميته بالبيئة الصالحة، ففي هذه البيئة يتوافر العمل الإداري المنظم، الذي يقوم على الفكر المؤسساتي لا الفردي، عدا عن توفر كل عناصر النجاح سواء المادية أو اللوجستية، وهي التي جلبت الإداري المتميز، واللاعب المحلي الأفضل، والعنصر الأجنبي الأكثر تميزاً، فضلا عن حالة الاستقرار التي تخيم على الأجواء المحيطة بالنادي. فهل ثمة شيء من ذلك موجود في النصر؟!. أبداً لا شيء من ذلك، ففي (البيت الأصفر) صراعات شرفية، وانقسامات إدارية، وفوضى صحفية، وضغوطات جماهيرية، وعجز مالي، وفقر في المواهب المحلية، وسوء في اختيار العناصر الأجنبية، وفي ظل ذلك كله يراد من زينجا النجاح!. والآن ماذا عساي لو عكست الافتراض السابق فقلت: لو كان غيريتس مدرباً للنصر. ولن أجيب، وسأترك لكم تحليل هذا الافتراض الجدلي!.