تأتي الذكرى الغالية للاحتفاء باليوم الوطني للمملكة هذا العام، وسفينة الوطن تمضي بكل قوة وسلام وثقة وأمان في بحر التطور والنهضة الحضارية والبناء والارتقاء الإنساني، وأصبحت تجربة المملكة في النهوض والتنمية نموذجاً مضيئاً ينتظر إليه بكثير من الاحترام والتقدير في العالم، كله بالنظر إلى أن عمر التجربة قصير قياساً بتجارب الشعوب في التاريخ، لكن تجربة المملكة المتميزة بدأت منذ أن أطلق المؤسس الباني الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه) مشروع وحدة هذا الكيان وتأسيس المملكة قبل نحو 79 عاماً وبعد رحلة كفاح ونضال شريف جمع فيها أجزاءها المتناثرة ووحد القلوب المتنافرة فصنع مملكة الحب والإنسانية والعطاء والبناء. ولا شك أن ذكرى اليوم الوطني العزيزة على قلوبنا لا تعني لكل مواطن ومواطنة على هذه الأرض الطيبة مجرد مناسبة وطنية عابرة، وإنما هي بمثابة وقفة تأمل فيما أنجزه المؤسس الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه) من إرساء أنجح تجربة وحدودية في عالمنا العربي، وأسس كيانا متين الأركان مبنياً على كتاب الله العزيز وعلى السنة النبوية المطهرة، وقام بإعلاء راية التوحيد، وأعاد تحكيم شرع الله الحنيف، فاحتلت المملكة موقع القلب والريادة في العالم الإسلامي، كما هي قبلته المقدسة، التي يتوجه إليها أكثر من مليار مسلم في صلاتهم كل يوم وحجهم في كل عام. والمتأمل لما تحقق للمملكة من تطوير اقتصادي ونهوض حضاري يشمل كل مناحي الحياة ليستشعر بكل الفخر والاعتزاز ما حققته المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله) من قفزات تنموية تعود على كل مواطن على هذه الأرض بالخير والرفاهية، وهي قفزات متواصلة (بإذن الله) بفضل عزيمة قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الذي يسهر على أمن ورخاء الوطن والمواطنين ويسعى إلى المزيد من التطور البناء. ويأتي احتفالنا باليوم الوطني هذا العام وقد حققت الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة إنجازات ملموسة شأنها في ذلك شأن بقية القطاعات الحكومية الأخرى، وذلك بفضل الدعم المستمر والتشجيع المتواصل الذي تلقاه من حكومتنا الرشيدة حيث بلغ عدد المواصفات القياسية السعودية التي أصدرتها الهيئة منذ إنشائها وحتى الآن (20500) عشرين ألفا وخمسمائة مواصفة قياسية في مختلف المجالات. كما قامت الهيئة بمنح علامة الجودة ل (230) مصنعاً من المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي وجمهورية مصر العربية والصين، ووقعت الهيئة (14) اتفاقية للاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة وعلامات الجودة مع بعض الدول الصديقة والشقيقة بهدف زيادة التبادل التجاري، وحماية مصالح المنتج والتاجر والمستهلك، وتتولى الهيئة أمانة جائزة الملك عبد العزيز للجودة التي أنشئت بموافقة سامية وتحمل الجائزة اسم مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز (طيب الله ثراه) وتهدف الجائزة إلى نشر ثقافة الجودة بين جميع المؤسسات الحكومية الخاصة والأفراد وأيضاً رفع مستوى الإتقان والأداء المتميز. كما تبنت الهيئة خطة إستراتيجية طموحة تهدف إلى تحديث بيئة العمل والاستخدام الأمثل للموارد، وقد حظيت الإستراتيجية بمباركة ودعم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله). وتوجت هذه الجهود بصدور قرار مجلس الوزراء الموقر رقم (61) وتاريخ 28/2/1430ه بتعديل مسمى (الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس) إلى (الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة) لتصبح الهيئة هي المظلة الرسمية لجميع الأنشطة الخاصة بالجودة بالمملكة سواء أكانت حكومية أو خاصة، بما يعكس الرؤية السديدة لخادم الحرمين الشريفين (حفظه الله) ونظرته المستقبلية لأهمية «الجودة» ودورها في النهوض والارتقاء بالقطاعات الإنتاجية والخدمية لمواكبة التحديات والتطورات التي يشهدها عالمنا المعاصر. كما تم إطلاق رؤية الهيئة المستقبلية 2020م خلال فعاليات الملتقى الثاني للجودة (المملكة العربية السعودية بمنتجاتها وخدماتها معياراً عالمياً للجودة والإتقان) وتعمل الهيئة على إعداد وتنفيذ الاستراتيجية المستقبلية للجودة في المملكة. ومن الإنجازات التي حققتها الهيئة صدور المواصفة القياسية السعودية (م ق س 402 / 1984م) الخاصة بقماش العلم السعودي، والمواصفة القياسية السعودية (م ق س 401 / 1984م) الخاصة باختبار قماش العلم، والمواصفة القياسية السعودية (م ق س 403 / 1984م) الخاصة بالأبعاد والتفاصيل الهندسية واستخدام الأعلام والرايات. وقد تضمنت هذه المواصفات القياسية السعودية العديد من الاشتراطات والمتطلبات الفنية والتي من بينها أن يكون قماش العلم المنسوج من خيوط عديد الاستر وخيوط عديد الأسير (النابليون) وخيوط الأكريليك والحرير الصناعي للاستعمال في جميع الأجواء والمناخات عدا أقمشة الحرير الصناعي فإنها تتأثر بهذه العوامل، كما اشترطت أن يكون قماش العلم من النوع المتوازن، وألا تستخدم البويات أو مواد الطلاء الزيتية في طباعة الشهادة أو السيف على القماش وأن تراعي وحدة اللون الأخضر وثباته ومقاومته للرطوبة والجفاف ومقاومته للكي. وكذلك هناك بعض العيوب التي حددتها المواصفات القياسية للعلم والتي تستلزم خلو قماش العلم من القطع والاختلاف في الخيوط والثقوب والتمزق وخلوه من العقد والمناطق السميكة وأيضاً من عيوب الصباغة وعدم انتظامها ووجود بعض الظلال أو سيلان في الألوان أو وجود خطوط ملونة أو عيوب في الطباعة كالنقص في عدد الكلمات أو في مواضع حروف الشهادة أو خطأ في ترتيب كلمات الشهادة أو في مواضع حروف كلمات الشهادة أو نقص أو خطأ في رسم السيف، أو أن تكون أبعاد الشهادة والسيف غير مطابقة لما هو وارد بالمرسوم الملكي الكريم رقم م / 3 وتاريخ 10 / 2 / 1393م الخاص بنظام العلم للمملكة العربية السعودية كما نبهت المواصفات القياسية إلى ضرورة خلو العلم من البقع الزيتية أو أي بقع أخرى. وختاماً فإنه يطيب لي بهذه المناسبة الغالية أن أرفع خالص التهنئة والتبريكات لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني (حفظهم الله) وإلى كافة أبناء الشعب السعودي الكريم، ولتتواصل مسيرة النماء بسواعد أبناء الوطن كي نبني وطن العز والفخر ونواصل مسيرة العطاء والتقديم والنماء. * محافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة