** بعد الحديث عن حقوق المواطن (أولاً) .. وحقوق الوطن (ثانياً) .. نتوقف اليوم عند (حقوق الدولة) على كلّ من المواطن والوطن.. ونحن نحتفل غداً بيوم الوطن.. ** ولكي أكون دقيقاً .. وعلمياً في التفكير وفي الطرح.. فإن الدول كما هو معروف .. تعتمد اعتماداً كلياً على الشعوب في تقدم مسيرتها.. وفي تأمين سلامتها.. وفي رعاية شؤونها.. وفي بقائها واستمرارها.. وفي تمكنها من أداء واجباتها على الوجه الأكمل.. ** وفي هذا السياق.. فإن الأنظمة السياسية تكتسب قوتها من ولاء الشعوب لها.. وانخراطها في العمل معها.. وتكامل جهودها مع جهود المواطنين وصولاً إلى الأهداف المشتركة.. ** ولا تستطيع أي دولة في العالم ان تحقق مقومات السيادة الكاملة إلا بتكامل عناصر.. الأرض .. والشعب.. والنظام.. بحيث يتقوى كل منها بالآخر ويستند إليه.. ** وتاريخ المملكة العربية السعودية.. مرّ بالعديد من فترات التشكل.. حتى أصبح الوضع على ما نحن فيه الآن.. بكل ما شهدته هذه الأرض من فترات تاريخية حالكة.. ومن تشكلات سكانية معقدة.. ومن ثقافات افتقرت – في الماضي – إلى التجانس.. والوعي بهذا الكون بدرجة كافية.. ** أما .. وقد أصبحنا اليوم دولة معتبرة.. ووطناً موحداً.. وشعباً يطمح إلى تحقيق الخير لنفسه ولغيره.. فإن نقطة الانطلاق الحقيقية هي.. معرفة المواطن لحقوق الدولة عليه.. ** ولحسن الحظ.. فإن قضية الولاء للعقيدة محسومة.. بتوجيه الخالق.. وبسنن أنبيائه الاشرفين.. وفي طليعتهم نبي الهدى.. محمد بن عبدالله.. عليه أفضل الصلاة والسلام.. ** ولحسن الحظ أيضاً.. فإن قيادات هذه البلاد المتعاقبة ظلت تشعر بأنها من الوطن.. وبالوطن.. ومن أجل الوطن.. وبالتالي فإن هذه البلاد لم تشهد نقطة دم واحدة بعد قيام الدولة من أجل تعزيز الوحدة.. واستمرار التماسك بين مكونات الوطن.. وصار هذا النسيج (فسيفساء) خاصة ومتميزة.. توجب المزيد من الحرص المتناهي للاحتفاظ بها.. والدفاع عنها ضد الكثير من حالات الاستهداف للنسيج الوطني السعودي بأشكال وبدوافع مختلفة.. بعضها أفرزته ثقافة متخلفة.. والبعض الآخر فرضته أطماع إقليمية وخارجية كبيرة بفعل الثروة التي تسكن أراضينا.. والبعض الثالث يحسدنا على مكانة بلادنا الروحية وعظمتها التاريخية فيتآمر عليها.. ويحاول اغتيال تاريخها وتشويهه.. ** لذلك كله.. ** فإن من حق الدولة علينا ان نعينها بالحق على ان تؤدي واجباتها على الوجه الأكمل للحفاظ على هذا الوطن.. وللمحافظة على حالة السلام الاجتماعي التي يتمتع بها المواطن .. ومواجهة التشوهات الثقافية التي تعمل على شد الوطن إلى الخلف في موجات عاتية بين وقت وآخر.. ** ومن حق الدولة علينا.. ان نرتقي بمستوى التفكير والسلوك والعمل لكي نكون مواطنين صالحين.. ونعينها على محاربة الفساد.. واستئصاله ، سواء كان هذا الفساد في الاشخاص أو المؤسسات أو في المجتمع بأسره.. ** ومن حقها علينا .. ان نكون العين التي ترى بها.. والأذن التي تسمع من خلالها .. فلا نخفي عنها الحقيقة.. ولا نمسك عن المصارحة والمكاشفة والشفافية في التعبير عما يدور في نفوسنا ويلوب داخل عقولنا.. حتى لا تتخمر الشكوك.. والأفكار.. والمطالب داخل نفوسنا.. فنمسك عن قول الحق.. وفي إسداء النصيحة.. وفي الوقوف إلى جانب النظام في حروبه المتواصلة من أجل الخير والتقدم والنماء لهذا الوطن.. ونقل رسالته الانسانية إلى كل العالم.. وذلك يتطلب – في الحقيقة - ان نكون أقوياء بالعلم.. وبالعمل.. والإنتاج.. وبالاخلاص والتفاني وبالحب لهذا الوطن والخوف عليه.. ** ومن حقها علينا.. ان نقف وراءها.. في كل خطوة تخطوها لصالحنا.. فلا نكون سلبيين.. أو متراخين في أداء المهام المنوطة بنا.. أو ان نعمل في الاتجاه الذي يتعارض مع مصالح البلد ومتطلبات الاستقرار فيه.. أو ان نمارس أعمالاً ناسفة لقواعد السلامة والاستقرار فيه.. أو ان نقول (نعم) حين يجب ان نقول (لا) ونقول (لا) حين ينبغي ان نقول (نعم) .. أو ان نتصرف بشكل يفتح أبواب الوطن على مصراعيه لتسلل اعدائه إليه.. تحت أي مبرر كان.. أو ان تصدرمنا بعض الأقوال أو الاعمال التي تصب النار على الزيت.. أو تثير البلبلة والتشويش والاضطراب.. أو ان نضع يدنا في يد من يتهددون حياتنا.. وسلامتنا.. ومستقبل أجيالنا.. ** ومن حق الدولة علينا أيضاً.. أن تشعر بأن كل من في هذا الوطن معها.. وشريك لها.. وعنصر بناء وتعاون معها.. لما فيه خير الوطن وأهله.. لكن هذا الشعور لايمكن ان يكتمل الا اذا سادت ثقافة التوحد.. في التفكير.. وفي تغليب المصلحة الوطنية العليا..وفي التضحية بكل شيء من اجل ان تستقيم الأمور.. وتصحيح الأخطاء.. وتكون الدولة هي القوة التي تعلو فوق كل قوة.. الا قوة الحق.. والعدل .. والمساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات.. قبل التفكير في المذهب.. أو المبدأ.. أو القبيلة.. أو النسب.. أو المكانة.. أو السلطان..باعتبار ان هذا النمط من التفكير النفعي.. عقبة في طريق الاندماج الكلي في بوتقة العمل الوطني النظيف .. والمحقق لأهداف الكل.. ومصالح الكل.. وطمأنينة الكل.. ** ومن حق الدولة علينا.. ان نمكنها من العمل من أجلنا بأن نكون أمناء على اداء المسؤوليات المنوطة بنا.. فلا نخون الأمانة.. ولا نستغل الوظيفة العامة.. ولا نغلب المصالح الخاصة على حساب المصلحة العليا للوطن.. أو نسكت على ظُلامة أحد.. أو إهانة كرامة إنسان.. أو غمط حقوق مستحقة.. أو نضمر شراً قد تكون له عواقيه المدمرة للوطن لا سمح الله.. ** وفي النهاية.. ** فإن من حق الدولة علينا.. أن نخلص.. ونخلص.. ونخلص اكثر.. فالوطن محتاج إلى ذلك .. وهو جدير به. *** ضمير مستتر: **(تحقيق الوحدة الوطنية.. إيمان وليس مجرد شعار يرفعه الناس متى تضررت مصالحهم الخاصة).