نعم أيها السادة ؛ كم طناً من لحم الديناصورات نحتاج لتكوين مخازن النفط العملاقة في باطن الأرض؟ وكم طناً من بقايا الاسماك والطحالب نحتاج لإنتاج 65 مليون برميل يوميا من البترول!؟ وهل كانت مخلوقات الأرض متمركزة فقط في جزيرة العرب (وخليج المكسيك وبحر الشمال) بحيث تنعم اليوم بتصدير بقاياها المتحللة دون بقية الأمم!؟ ... مثل هذه الاسئلة الغريبة تدور في ذهني منذ ان اخبرنا استاذ الجيولوجيا عن اصل النفط وكيفية تشكله في باطن الأرض. فالتفسير المعتمد حاليا هو ان النفط تكون من البقايا العضوية للكائنات الحية . فحين تموت الحيوانات تهبط بقاياها الى اعماق البحر (أو المستنقعات الضحلة) فتغطيها طبقات جيولوجية اخرى . وكلما ترسبت اكثر زاد فوقها الضغط وتعرضت لحرارة اكبر . وبعد ملايين السنين تتحول البقايا العضوية الى مادة شمعية تدعى الكيروجين . وعندما تتعرض الكيروجين الى حرارة اعلى من 100 درجة تنفصل الى غاز ونفط !! .. أما كيف عرف العلماء ان النفط يعود في اصوله الى بقايا عضوية (؟) فهذا بسبب احتوائه على سلاسل كربونية لاتوجد في غير الكائنات الحية ! غير ان في هذه الفرضية ثغرات عديدة لايمكن تجاهلها .. فعلى سبيل المثال : معظم الحقول النفطية تفتقر الى أي متحجرات تشير الى ظهور الحياة فيها ... كما ان النفط في كل منطقة يتميز عن غيره في المناطق الاخرى (بحيث يمكن تمييز نفط السعودية عن فنزويلا ، ونفط الصين عن بحر الشمال) وهو ما يعارض تفرد الاساس العضوي.. وهناك نوع من النفط النادر (يستخرج غالبا من اعماق بعيدة جدا) لايضم أي اثر كربوني عضوي مما يثير التساؤل عن اصله الحقيقي... أضف لذلك توجد مكامن النفط غالبا على شكل خطوط او أقواس وأشكال هندسية مختلفة مما يدعونا للتساؤل: وهل تترسب الحيوانات عمدا بهذا الشكل الغريب!!؟ أما خامساً فهو ان الخامات النفطية اكتشفت فى النيازك وكواكب المجموعة الشمسية (حيث لم تظهر الحياة اصلا) ... ورغم انني لا اهتم بأصل النفط بقدر اهتمامي ببقاء سعره مرتفعا ؛ إلا انني لم اتقبل كثيرا فكرة أصله الحيواني.. وهذا الموقف ولّد لدي اهتماما قديما برصد أي فكرة او احتمال بديل.. وفي الحقيقة هناك فرضية سابقة تقول ان النفط الخام هو من المكونات الاساسية للكوكب.. بمعنى ان النفط مثل الزئبق والحديد والذهب مادة تشكلت مع تشكل الأرض. وهذه الفرضية كان يؤيدها الجميع حتى اكتشفت المركبات الكربونية في النفط واقتنع العلماء بأصله العضوي.. غير ان هناك عالما من جامعة كورنيل الامريكية يقود حاليا تيارا ينادي بالعودة لتلك الفرضية . فالدكتور توماس جولد يخالف الرأي السائد ويعتقد أن انواعا من البكتيريا تتكاثر داخل الترسبات النفطية وتلوثها بالمواد الكربونية .. كما يقدم (خمسين) ملاحظة لا تتفق مع الأصل العضوي للنفط ويطالب العلماء بالرد عليها (في كتابه The Deep Hot Biosphere -(THOMAS GOLD الطريف في الموضوع ان شركات البترول تتمنى ان يثبت الدكتور جولد ادعاءه . فحسب النظرية الحالية فان النفط مهدد بالنضوب خلال عقود قليلة ولا يوجد إلا في مناطق عالمية محدودة . أما اذا صحت فكرة جولد واتضح ان النفط من مكونات الأرض الأولية فهذا يعني معيناً لاينضب وتوفر البترول في أي مكان من العالم.. شخصي المتواضع يتمنى أمرين لا ثالث لهما : الأول بقاء سعر البرميل فوق السبعين دولارا .. والثاني أن يكف جولد عن هذا الهراء !!