إننا نحمد الله على نعمه، ونشكره على آلائه، نعيش في مملكة الإنسانية، وفي عهد ملك الإنسانية عهد النماء والرخاء، مبادرات نوعية، ومنجزات عالمية، ومكتسبات حضارية، حتى أصبحت تلك المبادرات والمواقف والمنجزات والمكتسبات محل الثناء والتقدير، لا على المستوى المحلي والإقليمي فحسب، بل على المستوى العالمي، الذي اعتبر هذه الحقبة المباركة عهدًا استثنائيًا، وها هي شهادات التقدير والثناء، من المنظمات والهيئات والشخصيات العالمية ترى أنه لا يمكن تجاوز وطن بهذا الثقل العالمي، وشخصية فذّة بحجم شخصية الملك عبد الله بن عبد العزيز، إنها إن أرادت الحياد والموضوعية فستجد نفسها مضطرة أن تقدم المملكة ومليكها أسوة للعالم، فالوطن بلد اقتصادي، يملك من المقدرات والثروات والخبرات، ويقدم من الإسهامات الفاعلة المؤثرة بحبكة وحكمة ورؤية متميزة، وكان من آخر تلك الشهادات والإشادات ما وقع من المجلة العالمية مجلة "نيوزيك" حيث أجرت استفتاء على أكثر الشخصيات العالمية التي اكتسبت احترامًا عالميًا حقيقيًا فكان القرار الذي لا يستغرب باختيار ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين ضمن أكثر عشرة زعماء كسبوا احترامًا عالميًا حقيقيًا، والحق أن هذا الاختيار لم يكن هو الأول واختيار خادم الحرمين أمر لا يستغرب، وهو اعتراف عالمي بهذه الشخصية القيادية التي بهرت العالم لما يحظى به حفظه الله من حكمة وسياسة في معالجة الكثير من الأزمات على المستوى العالمي، وإسهاماته الاقتصادية والاجتماعية ومبادراته في إغاثة الشعوب المنكوبة ومساعدتها، والروح التصالحية التي يتسم بها ونظرته باحترام إلى الآخرين تلك النظرة التي تمثلت في دعوته -أيده الله- إلى حوار أتباع الأديان ودعوته دائما إلى التسامح بدلاً من الحروب والدمار. إن هذا الاختيار والترشيح له دلالاته الكثيرة، وأثره العميق على قلب كل مواطن، بل كل مسلم، بل كل شخص محب للعدل والإنصاف والسلم والسلام؛ لأنها تعد شهادة لها وزنها بما تمثل به ولاة أمر هذا الوطن العزيز وما قامت عليه هذه الدولة المباركة، من ثوابت تأسست على نصرة الكتاب والسنة، والقيام على أصل الأصول، وأساس الأمن، وأوجب الواجبات توحيد الله جل وعلا بصورته الصافية النقية، ومع تمسكها بهذه الثوابت العظيمة، إلا أن ذلك لا يمنعها من التعامل مع متغيرات العصر، وتفاعلات الواقع، آخذة بكل سبب يؤدي إلى النهوض والارتقاء، وبلوغ الريادة والعالمية، هو ما قامت عليه بلادنا الغالية لاسيما في هذا الدور الذي أقامه وشيد بناءه الملك المؤسس المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -طيب الله ثراه -، واستمر عليه أبناؤه البررة، إنني أقول وأنا أستشعر الغبطة والفخر بما حظي به مليكنا من تقدير عالمي له أبعاده ومسبباته لا على الصعيد الخارجي فحسب بل حتى على الشأن الداخلي الذي صار به عهد ملك الإنسانية عهد خير وبركة على هذا الوطن الامن ومواطنيه، إنني أعترف أن البيان عاجز، والبلاغة قاصرة، والأحرف لا تفي بمكنون الفؤاد. والحديث عن هذا التقدير يستدعي في الذهن أبعادًا كثيرة استحق بها هذه الإشادة العالمية، وقد وردت في حيثيات الاختيار لتؤكد أنه اختيار مدروس، وشهرة حيادية موضوعية، يجمع تلك الحيثيات ما وصفته به المجلة أنه "مصلح"، وقد رصدت الحيثيات تطورات نوعية في فترة قيادة المليك الممتدة -بإذن الله- ترتبط بالتعليم واستثمار العلوم والتكنولوجيا ومبادرات الطاقة النووية، ثم ما حمله من راية موفقة،على الإرهاب المذموم لتتشح المملكة بالرؤية الوسطية التي هي زبدة الصلاح والإصلاح، ولذا فإن هذا الاختيار العالمي يبرز أبعادًا مهمة في المسيرة التطويرية أولها: تلك الثوابت التي لم يمنع الأخذ بها بالرؤية الوسطية المتزنة من الحضور العالمي، والتأثير على صانعي القرار، ليثبت بها للعالم أجمع أن الإسلام دين بناء وتقدم، كما تمثل إسهامات مليكنا ومبادراته ومواقفه دفاعًا واضحًا عن هذه الشريعة السمحة، ورسالة للعالم أن التطرف والغلو والإرهاب والدموية والهمجية ليست من الإسلام ولا من شيم المسلمين وحكامهم، وثانيها: النية الصالحة، والصدق والإخلاص الذي نحسب أن من أعظم أسباب التمكين لمليكنا والقبول الذي وضعه الله له، لأنه صدق الله في دينه، وصدق الله في شعبه، وصدق الله في مسؤوليته وثالثها: تلك المنجزات النوعية التي توالت في عهده المبارك رغم انه لم يمر زمن طويل، إلا أنها رصيد حافل، وسجل مبارك مليء بالتحولات النوعية لمملكة الحب والإنسانية ورابعها: تلك المواهب التي ميز الله بها مليكنا-يحفظه الله-، فإن من يرصد السمات الشخصية التي تميزه من خلال لقاءاته والمناسبات التي يلتقي فيها المواطنين يترسم في هذا الملك الإنسان الحنكة والحصافة، والنزعة العربية الإسلامية والمحبة الصادقة لشعبه ووطنه، ومع تلك البساطة المتناهية، التي يعيش فيها مع شعبه وكأنه واحد منهم، ويحتل الوطن والمواطن سويداء القلب، فالوطن يعيش مع ملكينا كل لحظة من لحظات عمره المديد -بإذن الله- لا يرضى له إلا الصدارة، والرقي والحضارة، ولذلك سطر التاريخ لولي أمرنا -أيده الله- بأن أمرين لا مساومة عليهما، الدين والوطن، وأما المواطن فهو بالنسبة لمليكنا خصوصًا ولولاة أمرنا عمومًا الاستثمار الأمثل وأما دلالة هذا الاختيار في البعد العربي والإسلامي والعالمي يعني الاستناد على معطيات علمية وإحصائية دقيقة، إذ ان خادم الحرمين يعد أحد أقطاب السياسة ليس في هذه المنطقة فحسب ولكن على مستوى العالم، ناهيك عن الدور الريادي الكبير الذي تلعبه المملكة على الساحة الدولية، كما أنه يتسم بروح من الشجاعة والحكمة أهلته للتربع في مكان القادة القلائل في العالم الذين يصغى إليهم ويسمع لآرائهم باهتمام شديد، بالإضافة إلى الثقل الاقتصادي البارز الذي تتميز به المملكة *مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية