أعجبني تفاعل المفكر السعودي ابراهيم البليهي مع برنامج خواطر وما يقدمه احمد الشقيري من متعة برامجية بكل ما تعنيه الكلمة، حيث أشاد بفكر البرنامج والمخرجات الهامة له، خلال أمسية رمضانية استضافها الأستاذ على بن سليمان الشهري مؤخرا بالرياض، حيث اكد البليهي ان الارتكاز على انجازات حضارية فردية للمسلمين كما هو حاصل في تركيز البرنامج في جزئه السادس هو تأكيد اننا نستكين للماضي ولا نعمل للمستقبل، رغم اننا سبقنا هنا - على حد قوله - الحضارة اليابانية بخمسين عاما وكذلك سبقت الحضارة المصرية اليابانية بستين عاما ولكنها ونحن لم نتطور !! هذا التفاعل الهام من المفكر البليهي، يجعل من الحديث عن الدقائق التي يقدمها الشقيري يوميا على ال mbc حديثاً متواصلاً ولا يخلو من العبرة والعظة، فالفكر الذي يقدمه بخواطر هو فكر متقدم معتمد على الصورة بكل تفاصيلها مع مزجها بالكلمة الموجزة، لم يعد الاستماع لمفكر او عالم لمدة ساعات يتحدث عن اسهام الحضارة الإسلامية بتطور العالم امرا كثير الحماس، نحن في عصر آخر، عصر تلفزيونك في جيبك، وعالمك في جوالك، الامر ليس مدعاة للاستسلام واعتبار الحضارات الاخرى من المستحيلات الوصول لها، نحن نحتاج لإيقاظ الجوانب المضيئة في حياتنا، لا نحتاج فقط المقارنة بين واقعنا وواقع الآخرين، حتى ولو كانت المقارنة ظالمة او مؤلمة في كثير من الأوقات، مؤلمة عندما نشاهد في حلقة خواطر ان اطفالنا طموح الجوائز التي يرغبون بالفوز بها عند تنظيفهم فصولهم هو الفوز بسيارة مزودة بالمساج بمراتبها!! الأمر ليس وضع أفكار وجوائز لتتنافس المدارس في تعليم الطلاب الأطفال تنظيف مدارسهم، لأن هؤلاء الأطفال يحتاجون بالأساس تنظيف عقولهم بالتدريس والمناهج السليمة، لم تعجبني مسألة ان تطبيق التجربة اليابانية التي شاهدناها العام الماضي يقتصر على تنظيف الطلاب لفصولهم الدراسية، تمنيت ان يرتقي التفكير لمسائل تلامس واقعنا وهمومنا، كيف نطالب الصغار وبحملات علاقات عامة ورعاة اعتبار ان تنظيفهم مدارسهم هو الطريق للنهضة والحضارة، وهؤلاء الاطفال يجدون ما حولهم للأسف غير مطبق لأبجديات النظافة في الشارع والمطعم والمراكز التجارية الضخمة، فزيارة أكرمكم الله لدورات المياه في أي مكان لدينا حتى ولو في أضخمها تجعلك تعيش حالة من القرف واليأس!! تمنيت انني لم أشاهد حلقة تنظيف الاطفال لمدارسهم والإعلان عن مسابقات وجوائز بهذا الخصوص، هل ستكون هذه النظافة هي بداية منافستنا لليابان مثلا!! نعم نحن دين النظافة والعلم والمعرفة، ولكننا نحتاج لمسابقات لتنمية العقل اولا، وسينعكس ذلك على على النظافة وغيرها، نحتاج لتعميق درجات الانتماء الوطني لاطفالنا، نحتاج لتكريس مفهوم حب الوطن بشكل علمي ومدروس، لاننا وبكل صراحة نفتقده كثيرا داخل مدارسنا، الأطفال في المدارس يحتاجون مزيدا من تكريس ثقافة الحب والفرح بوطنهم، ارجعوا لتفاعل طلاب المدارس واحتفالهم باليوم الوطني وبعودة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظه الله، لتعرفوا اننا نحتاج الفكر بمدارسنا والانتماء أكثر من الاهتمام بالقشور وتقليد أطفال اليابان فقط في تنظيف مدارسهم. وأنا هنا لا ألغي تميز برنامج خواطر ومحاولته في كل يوم إيضاح لنا ان المقارنة حتى مع جيراننا كحالة دبي مثلا مؤلمة بالنسبة لنا، فنحن للأسف نعيش في حالة من الحراك البطيء والمحزن في كل مناحي التنمية لدينا، ليس لأن أطفالنا لا ينظفون مدارسهم كاليابانيين ولكن لان مناهج مدارسنا وأجواء مدارسنا لا تكفل لنا ان نكون في أجواء المقارنات!!