أعلم أن معضلة تملك المواطن لمنزل أصبحت أكثر ما يشغل صناع القرار في الدولة علاوة على أنها حاضرة في كل اجتماع وكل مناسبة وهذا أمر جيد ومفرح ولكن ما أشغلني كثيراً هو الخروج بحلول من وقت لآخر لتلك المعضلة من جهات وأشخاص ليس لهم أي خبرة لحل مثل تلك المشاكل ولا يملكون رؤية واقعية لأسباب المشكلة فكيف لهم أن يجدوا لها حلاً؟ وكل مايقومون به هو محاولة لتسكين مؤقت للمشكلة. عزيزي القارئ قبل أن أستطرد بالفكرة التي أعتقد أنها هي بداية الحل أود منك أن تقف بنفسك على بعض الحقائق التي وقفت عليها بنفسي، فقد قمت مؤخراً بزيارة لعدد من الدول العربية المجاورة باستثناء بعض دول الخليج وتقابلت مع عقاريين مخضرمين فيها بحكم عضويتي في مجلس التقييم والتثمين العقاري العالمي وخلصت إلى مجموعة من الحقائق ومن أهمها : • العقارات السكنية والوحدات العقارية في السعودية تعتبر أرخص من جميع العقارات في تلك الدول بنسبة لا تقل عن 25% • دخل الفرد في السعودية يعتبر الأعلى بين تلك الدول بنسبة لا تقل 60% • مجموع ما تم صرفه من قبل الحكومة السعودية لدعم تملك المواطنين للسكن مقارنة بما تم صرفه من الحكومات لتلك الدول يزيد بنسبة 600% • قيمة الفوائد البنكية لتملك المنازل في السعودية تقل عن تلك الدول بنسبة 30 % • يصرف الفرد من مجموع دخله السنوي لتملك المنزل في تلك الدول 40 % حسب إحصائية أعلنتها الأممالمتحدة • نسبة تملك المنازل من قبل المواطنين في تلك الدول تزيد 80 % • نسبة تملك المنازل من قبل المواطنين في السعودية 30% حسب بعض الإحصائيات تلك الحقائق عزيزي القارئ ستكون مدخلاً أساسياً في تفهم سبب المشكلة وهي حقائق من السهل جداً التأكد من صحتها وذلك إما بزيارة الغرف التجارية لتلك الدول أو بزيارة سفاراتها في السعودية فجميع تلك الحقائق معلنة وسهلة الحصول. ومما جعلني في حيرة كبيرة أن الكثير ممن يدعون تملكهم لحلول لتلك المشكلة لا يعلمون عن تلك الحقائق الهامة ويطلقون الاتهامات التي نسمعها بين الحين والآخر ضد طرف معين جزافاً بأنه هو السبب في عدم تملك المواطن لمنزل وهذه الاتهامات من وجهة نظري هي ليست إلا شماعة لتعليق مشاكلنا عليها ومُسّكِن مؤقت لمشاكلنا. وأنا أعتقد بأن الحل لتلك المشكلة لن يكون بإطلاق الاتهامات وتحميل جهة معينة أسباب المشكلة ولكن يكون الحل بتوعية المواطنين بأمور هامة وتكون بحملة عامة وموجهة وتظهر عدة جوانب وهي: • نبذ البذخ والتبذير السائد في أمورنا المعيشية والصرف الذي لا يحكمه تنظيم • تنظيم مصاريفنا وعمل أولويات في حياتنا وجعل تملك السكن من أهمها وذلك بتخصيص 40 % من دخلنا له • التكيف مع المساكن الاقتصادية مثل الشقق والفلل الصغيرة التي تلبي احتياجاتنا دون زيادة لا داعي لها • تقبل السكن في أطارف المدن وليس في مناطق وأحياء معينة فقط • تقبل تقسيط المنزل حتى لو وصلت مدة التقسيط إلى أكثر من 20 سنة • تثقيف أبنائنا الشباب بأهمية الادخار من بداية حياتهم وزرع أهمية تملك السكن في حياتهم وعدم الاعتماد على الغير في ذلك وصدقوني لست أرجو بذلك زيادة في قيمة عقاري كما يظن البعض ولا أبتغي فيها إلا وجه الله سبحانه وتعالى وأن تلك فقط الأمور التي نحتاجها لزيادة نسبة تملك المواطن للمساكن السعودية فلن تكون هناك طرق أخرى لحلها كما أن ليست المشكلة كما يدعي الكثيرون في غلاء المساكن وطمع ملّاك العقارات وارتفاع نسبة الفائدة للإقراض وقلة صرف الحكومة على القطاع السكني، كما أكد لك عزيزي القارئ أن تملكك لمنزل يبدأ منك وليس من أحد آخر.