يبكي الطفل كثيراً إذا لم تُلبى رغباته، ويرمي نفسه أحياناً على الأرض، وأحياناً أخرى قد يدق رأسه غضباً، وجميع هذه المشاهد يمكن احتواؤها داخل المنزل، ولكن يبدو ذلك صعباً في الأماكن العامة، فمثلاً عندما يطلب الطفل لعبة شاهدها في السوق ورفض أهله شراءها فإنه يبدأ بالصراخ والبكاء، ومنعاً للإحراج يسارع والديه في تلبية طلبه لإسكاته، وحتى لا يزعج العامة بصوت بكائه، وربما يحدث الرفض، أو الرفض بعنف إما بنظرة قاسية، أو ضربه أمام الآخرين، وهو ما يعد تهديداً لنفسيته، وشعوره بالحرمان منذ وقت مبكر من طفولته، والسؤال: كيف نتعامل مع الطفل المزعج بالبكاء في الأماكن العامة إذا رفضت طلباته؟. حلول متناقضة تقول "أم عبدالعزيز": إنه لو حدث وبكى إبنها في إحدى الأسواق، فإنها ستتركه لوحده مع مراقبتي له عن بُعد، مضيفةً أن الهدف من ذلك عدم تعويده على البكاء لأجل الحصول على غرضه. وتؤكد "سارة الزامل" أنه في مثل هذا الموقف لا بد من التصرف بحكمة وعقل ورزانة، ومحاولة امتصاص غضب الطفل وتهدئته، حتى نخرج من مأزق الإحراج والإزعاج أمام الناس، موضحةً أنه في حال العودة إلى المنزل يتم التفاهم مع الطفل بأسلوب تربوي بعيد عن العنف لكي يُدرك حجم الخطأ الذي وقع فيه. وأشار "فالح العنزي" إلى أنه يكاد يتكرر بشكل دائم هذا الموقف معه، حيث تجد الطفل عند مشاهدته لعبة معينة بالمحل يصرخ، ويجلس على الأرض للحصول عليها، مضيفاً: "كم من مرة وُضعت بإحراج بسبب هذا الموقف، فتجد المحل ممتلئ بالمتسوقين، والطفل يصرخ بأعلى صوته، والكل ينظر للموقف ما بين مقولة: مسكين هذا الطفل لا يستطيع والده شراء ما يريد، وبين من يقول: هذا الطفل مدلل ويتدلع على والده". وبينت "أم مقرن الحربي" أن للأطفال تصرفات مفاجئة لا يمكن توقعها، وبالنسبة لي شخصياً قدرتي على التحمل لمثل هذه المواقف المحرجة ضعيفة، ولكنني أحاول ضبط الموقف، وعدم لفت انتباه الناس، من خلال ترغيب الطفل وإغرائه بالسكوت. وتؤكد "منال راشد" أنه في حالة ظهور حالات من الغضب أو العناد من الطفل أمام الناس فإنها تحاول تهدئته، وعرض بعض المغريات له مقابل خروجه من المكان بهدوء، موضحةً أنه في حال رفض ذلك فإنها ستتركه في مكانه، وستتظاهر بأنها غضبت منه ولن تقوم بأخذه مرةً ثانية للتسوق، لافتةً إلى أنه عند العودة للمنزل لا بد من معاقبته بوضعه في غرفته، وحرمانه من اللعب. طفل يبكي بعد مغادرة والدته المنزل مما تسبب في إزعاج الآخرين وأوضح "محمد حليس" أنه يجب على الأب قبل الخروج من المنزل تحذير الطفل من هذا التصرف، وأنه لابد أن يكون مؤدباً، وأنه لو قام بالبكاء فسيعاقب، أما إذا كان الأب ضعيفاً أمام صراخ الطفل فعليه عدم اصطحابه إلى السوق. وتطرقت"أم عبدالله الجهني" إلى أنها قد تعرضت لمثل هذا الموقف من طفلتها الصغيرة، والتي تحظي بالتدليل من والدها، قائلة: قامت بالصراخ فأخذتها بحضني، وقلت لها: بأنها إذا توقفت عن الصراخ فسوف أنفذ طلبها، وسأشتري لها ما تريد، وفور توقفها خرجنا من المحل دون شراء أي شيء، وعند العودة المنزل وضعتها داخل غرفة العقاب!. مهانة وانكسار وأوضحت "ثريا الشمري" أنه في مثل هذه المواقف لا بد من التصرف بحكمة مع الطفل، حتى نخرج من هذا المأزق بدون إزعاج للمتواجدين في المكان، مضيفةً: "لا بد من البعد عن إرغام الطفل على الطاعة، واللجوء إلى دفء المعاملة اللينة والمرونة، فالعناد اليسير يمكن أن نغض الطرف عنه، ونستجيب لما يريد هذا الطفل، ما دام تحقيق رغبته لن يأتي بضرر، وما دامت هذه الرغبة في حدود المقبول"، مشددةً على ضرورة شغل الطفل بشيء آخر والتمويه عليه، ثم اللجوء إلى الحوار الدافئ المقنع غير المؤجل، وهو من أنجح الأساليب، حيث إن إرجاء الحوار إلى وقت لاحق يُشعر الطفل أنه قد ربح الموقف، مشيرةً إلى أهمية اللجوء إلى العقاب بشرط معرفة نوع العقاب الذي يجدي مع هذا الطفل بالذات، لأن نوع العقاب يختلف في تأثيره من طفل إلى آخر، فالعقاب بالحرمان أو عدم الخروج أو عدم ممارسة أشياء محببة، قد تعطي ثماراً عند طفل ولا تجدي مع طفل آخر، ولكن لا نستخدم أسلوب الضرب والشتائم فإنها لن تجدي، ولكنها قد تشعره بالمهانة والانكسار. لفت انتباه ويشير "عليان العطيات" -باحث اجتماعي- إلى أن الأبحاث والدراسات السلوكية على الأطفال، تفيد بأن تلبية رغبة الطفل عند الصراخ وإعطاءه ما يريد هي السبب الرئيس لجعل هذا التصرف يستمر، بل الممكن أن تصبح عادة له، مؤكداً أنه من المفيد لفت انتباه الطفل على شيء آخر مثير في الطريق، مثلاً: إشارة حمراء أو صورة مضحكة، مع ضرورة أن يتذكر الأب نقطة مهمة، وهي أن مرة واحدة فقط كافية ليتعلم الطفل أنه إذا صرخ وبكي وأعطي ما يريد عاود التصرف نفسه مرة أخرى.